لا أملكُ إلا أن أتضامَن مع الاخوَة المصريين في مطالباتهِم المشروعة بإزالَة حسني مبارك عنْ سدّة الحكم ..
لا ألُوم هذا الشّعب ، لأنّ هذا الرجل حوّل خلال ثلاثَة عقود أو يزيد من حكمهِ حوّل الشعب المصريّ إلى صيّادين للمال .. يتبعُونه أينمَا حلّ .. وبعدما كانَ المصريّ يُحسب حسابهُ وتُدرك قيمَته قبلَ أربعينَ عاماً ، أصبحَ بلا قيمَة لأنّه مهان حتّى في بلدهِ ..
وبعدَ أن كانتْ مصر قبلَة العِلم من كلّ مكان .. أصبحتْ قبلَة كل من يفكّر في الحصول على شهادَة جاهزَة مدفُوعة القيمَة مسبقاً !
وأصبح المصريّ محلّ سخريّة في الأوطان العربيّة والأجنبيّة ضاربينَ به الأمثال في جشعهِ .. وأصبحُ كلّ من زارَ مصر يقولُ .. مصر جميلَة لولا شعبها ..
مبَارك نجح بذكاء غرِيب في إنشاء شبكَة أخطبوطيّة لا تقلّ تأثيراً عن أخطبوط بول .. فزجّ بالمثقفين في السجُون .. وحشرَ زبانيتهُ في كلّ مكان .. وجعلَ من نفسهِ رمزاً للديكتاتوريّة الدبلوماسيّة .. لأنّه جوّع شعبهُ .. ظهرَ أمامَ العالم وهوَ يطعمهم ومن تحتِ الطاولَة يمصّ كل جنيه منهُم ..
تذهبُ إلى كلّ بلد فتجدُ المصريّ هجر بلادهُ وامتهنَ أيّ مهنَة هارباً من شبح الفقر الذي يخيّم على شعبهِ .. يكدّ ويكدحُ متحملاً إهانَة الناس .. فلا قيمَة لشعبٍ لا قيمَة لهُ عند حكُومته.. يهتفُ المصريّ بصوتٍ مبحُوح : يحيَا مبارك .. ويعود لمنزلهِ ليكيل اللعنات لمبَارك .. يحلفُ باسمِ الرئيس أنّ الدنيا بخير .. وكلّما رأى كم نبذتهُ الدنيَا حلفَ بالله الخلاصَ من مبَارك ..
المصريُون المثقفُون .. الذي يقرأ عامل المترُو لنجيب محفُوظ تماماً كما يفعلُ المهندس والطَبيب .. ويتناولونَ الأحاديث السياسيّة والثقافيّة لأنها خبزُهم في تفريغ الهمُوم اليوميّة .. شعبٌ مصَابٌ بداءٍ اسمهُ مبَارك .. ومخدّر بمورفِين اسمهُ مبَارك .. وإذا مَاتَ حملَ نعشهُ إلى أقرب مقبرَة والسّلام ختَام ..
رئيس مُقدّس هو وأولادهُ وحاشيتهُ .. ينسبُ لهُم من الفضلِ ما ليسَ لهم .. حتّى الشعر أصبحُوا فيهِ .. والكرَة أصبحُوا فيهَا .. ولو كانَ بيعُ الفلافل يجلبُ الصيت والسمعَة لدخلُوا في صنَاعة الفلافل ! كلّ واحدٍ منهم يتعاملُ كأنّه الرئيس .. فصهرُ الرئيس رئيس ، وابنُ الرئيس رئيس .. وأخ الرئيس رئيس وزوجَة الرئيس رئيس .. وزوجَة ابن الرئيس رئيس .. وووو إلخ ..
شعبٌ نسَاه حاكمهُ فكيفَ تتذكرهُ الشعُوب الأخرى .. شعبٌ سرقَته حكُومته فكيف لا يسرقُ الشعوبَ الأخرى .. شعبٌ استعبدهُ حاكمهُ فكيفَ لا يستعبِدهُ العَالم؟! شعبٌ يتسوّل حاكمهُ حكومات الشعُوب الأخرى فكيفَ لا يتسوّل شعبهُ الشعُوب الأخرى؟
***
أتذكّر تلك الرسالة التيْ كانَ يتداولهَا العُمانيُون باستخفاف في آخر زيارَة لمبارك إلى عُمان .. وقدْ أخرج الطلاب من مدارسهِم لاستقبالهِ .. والرسالة تقول: " آلاف من العُمانيين يخرجُون للشوارع في استقبَال البقرَة الضاحكَة" في إشارَة إلى الرئيس مبَارك ..
كلّما رأيتُ حالَ المصريين قلتُ الحمدلله .. أقولُ الحمدلله وأنا أدعُو الله ألا يحلّ علينا يومٌ كما حلّ عليهِم ذلك اليوم الأسود الذي وصلَ فيه مبارك لسدّة الحكم وتعلّق عليهَا منذ ذلك اليوم بيديهِ ورجليهِ وأسنانهِ الطبيعيّة والصنَاعيّة وكل مَا أوتي من عزمٍ تملكهُ سنُونه العجُوز التي تتخطّى الثمانين عاماً..
هلْ سنصبحُ يوماً كما أصبح المصريُون ؟! نحنُ نمشيْ في طريقٍ موازٍ لهُم .. ولكنْ بنكهَة عُمانيّة وبيئة عُمانيّة .. وفقر عُماني بصنَاعة وإنتَاج عُمانيّ 100% وما أحلَى المنتج العمانيّ (ولو كانَ اسمهُ الفقر) .. الذي طالمَا كانَ اختيارنا الأوّل !
للحديثِ بقيّة . .
اقرأ أيضاً
مذهل
ردحذفالسلام عليكم ورحمة الله،
ردحذفمع إحترامي الشديد لصاحبة المقال و المقال ذاته.
و لكن هل تقارنين بين جلالة السلطان و الرئيس حسني مبارك؟ مع إحترامي له طبعا!
هل تقارنين إنجازات السلطنه منذ 1970 منذ بوابة مسقط التي تغلق عند المغرب و لا يسمح بخروج او دخول أحد مهما كانت الظروف بواقعنا الحالي ؟
و انجازات الجمهورية المصريه العزيزه ؟
أحزنني هذا المقال و خاصة أنه جاء من كاتبة أكن لها أنواع الإحترام و أكن لمواضيعها الكثير من الإعجاب.
دمتب بود (تحت ظل السلطنه الغاليه)
.. فزجّ بالمثقفين في السجُون .. """""وحشر"""""زبانيتهُ في كلّ مكان .. وجعلَ من نفسهِ رمزاً للديكتاتوريّة الدبلوماسيّة
ردحذف============
أنا ايش يخصني في الموضوع؟
وبعدين خفي شوية.. لأنه هالحده تذكرني بواحد من الشباب الأصدقاء الفرقاء يتمشى حوالين هالموضوع ...
كل ذو عقل يترحم لحال مصر .. وما ألت لها ...
ردحذفقبل مبارك ..
كانت دور الموضة تتسابق ان تعرض اخر صيحاتها في مصر قبل باريس ..
كانت معاهد الابحاث تخرج شباب بعقول متفتحه لا رؤوس تملائها الشيشة والمعسل ..
كانت واصبحت ...
اهات لا ترجع ما فات ...