التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من يناير, ٢٠١١

لأنّنـا نقدّس الجثث ..

في السّاعة السّادسة مساءً في الثّامن من يونيُو 1992م .. كان الدّكتور فرج فودة خارجاً من مكتبهِ رفقَة ولدهِ أحمد وأحد أصدقائه ، وفجأة ظهرَ مسلحان أطلقا على فودَة النّار من مسدّس آلي فلفظ أنفاسهُ على الفَور .. ولمن لا يعرفُ فرج فودَة فهو مفكّر مصريّ دعا طوَال فترَة نشاطهِ السياسيّ إلى فصل الدّين عن الدّولة وكانَ من أهمّ معادي حركَة الاخوان المسلمين ولأجلِ ذلك استقالَ فرج فودَة من حزبِ الوفد الجديد احتجاجاً على تحالفِ الحزبِ مع الاخوَان المسلمين في الانتخابات وأسّس حزباً جديداً أسماهُ حزب المستقبل .. آرَاء فرج فودَة كانتْ مثيرةً للجدل وكانَ لهُ كارهوه الذينَ ربّما كانوا أكثرَ من مؤيدّيه .. فرج فودَة لم يعرفهُ خارجَ نطاقِ مصرَ أحد إلا حينمَا قتل وتركت محاكمة قاتلهِ الشّهيرة صدمَة لدى جميعِ من تابعها خاصّة بعدَ أن تمّ استضافة علماء دين بارزين كمحمّد الغزالي الذي حينَ سألهُ القاضي إن كانَ من الجائز قتل فرج فودَة فأجابَ .. نعم يجوزُ قتلهُ ، وإن كانَ قاتلهُ قد تعدّى على السلطة لكنّ هذا لا عقُوبة له .. ردّ محمّد الغزالي أثار ردودَ فعلٍ صادمة خاصّة من شخصيّة اسلاميّة كهذهِ ما حدا

اعتذِر يا معاليْ الوَزير .. أرجُوك اعتذِر ..

الشيخ معَالي وزير القوى العَاملة .. استمعتُ إليكَ كمئاتِ الآلاف من العُمانيين الذينَ تحلّقوا حول شاشَة التلفزيُون العُمانِي ليستمعُوا إلى جلستك المتلفزَة مع أعضاء مجلسِ الشُورى الموقّر .. وصدّقنيْ لقد أسعدنِيْ للغايَة أنْ تمتلك حكُومتنا الرشيدَة وزرَاء يتقنُون الحديثَ بذكاءٍ ودبلوماسيّة كمَا فعلتَ أنتَ في دولةٍ يفتقرُ أغلبُ وزرائها إلى ذكاء المرَاس في الحديث.. المتلفَز وغيره ..كم منَ الجَميل أن نرَى وزرَاء شباباً يمتلكُون الحنكَة في الردّ مثلك .. سعدتُ بذلك كثيراً ودهشتُ لأنّك كنتَ حقاً مثالاً على الوزير الذي يستطيعُ أن يحوّل دفّة الحديثِ –أيّاً كانت- لصالحِ صورَة وزارتهِ .. أضفْ إلى ذلك أنّك لم تكن "تركض" في الحديث كمَا فعل وزراء سبقُوك ولحقُوك في جلسَات الشّورى الأخيرة حيث اتّضح الارتباك في صوتهم .. كنتَ يا معالي الوزير هادئاً ، تزنُ جيّداً ما تقُولهُ قبل أن تخرجهُ أمام أعضاء الشورى وقبلَ أن تتلقفهُ أجهزة التلفاز التي ستنقلُ حديثك لمسامعنا .. معالي الوَزير .. ولأجل ذلك كلّه فقد انتهت جلسَاتك مع مجلس الشورَى بسلامٍ .. وخرجتَ آمناً مطمئناً .. للحدّ الذي لم يستطِع أيٌ منا يا م

سعِيد .. بين عُمان والولايات المتّحدة ، سيرَة منسية من الوطَن !

أشارَ إليهِ "قريبي" ونحنُ في السيّارة .. "هذا هوَ" ، كانَ يهمّ بدخُولِ منزل أهلهِ .. قلتُ له: رائع، أسرِع إليهِ وألقِ التحيّة .. اجلسَا سوياً ، وتحدّثا حديثَ صديقين ، أرجوك اخرج معهُ بحل .. قالَ لي قرِيبِي: الآن؟! قلتُ لهُ نعَم ، الآن في التوّ واللحظة هذه لحظَة لا تفوّت .. تردّد قرِيبِي قليلاً ثمّ حسم أمره.. دقّ الجرس فخرجَتْ والدتهُ .. امرأة عجُوزٌ بدَت في نهَاية ستينيّاتها ، سلّمنا عليها ثمّ طلبَ قرِيبِي أن يرَى ابنها سعِيد .. وقفتِ المرأةُ مشدوهة ً قليلاً محاولة ً التعرّف على ملامح قرِيبِي ثمّ افترت عن ابتسَامةٍ واسعَة: صديق سعِيد ! تعرّفتِ المرأةُ إلى صديقِ ابنها ودعتهُ إلى الدخُول .. بيتٌ نصفُ طيني من طابِق واحِد .. تبدَّتْ أسياخُ الحديد من خلفِ الاسمنتِ الرخِيص في الأسقف .. انتظرتُ في بهوِ صالةٍ افترشتْ ببساطٍ بلاستيكي بينما دلفَ قرِيبِي إلى المجلس .. دخلتِ الأمّ إلى غرفةٍ واستطعتُ لصغرِ حجمِ المكَان أن أستمعَ للحوَار الدّائر بينَ الأمّ وابنها: سعيد قوم ولدي .. صديقك فلان جاي يشوفك ، فلان صديقك "بأمريكيا" .. انتظرَ الابنُ عدّة ثوانٍ ليجيب أمه ..: ما

حريّة بثمَن الخُبز .. لا آلهَة .. لا أرباب !

أصدقَائي .. سأشارككمُ اليَوم ، قطعَة صغيرَة في حيَاتيْ .. لعلّها لا تعنيْ شيئاً .. لكنْ لربّما هي من صنعَتْ داخليْ حبّي للانسان والوطَن .. وللحريّة .. يسألنيْ كثيرون لماذا أطلقتُ على مدوّنتي "حريّة بثمن الخبز" .. وهل معنَى الحريّة أن أكتب كلّ يومٍ ضد الحكُومة فإن أخطأت لعنتُها وإن أصابتْ لعنتُها كذلك كما يفعلُ المدوّنون عادةً .. يقولُون: لا تعبّر مدوّنتك عن الحريّة فأنت تكتبين عن طفولتك .. وتارةً عن القمر ، وأخرى عن صحُون أمّك الكثيرة .. وأنا .. سأخبركُم أوّل آيةٍ حفظتها من القرآن .. أوّل آيةٍ لم تكنْ "الحمدلله رب العالمِين" من سُورة الفانحَة .. ولا "قلْ هوَ الله أحَد" آوّل آيةٍ من أقصرَ سورةٍ في القرآن كما كلّ طفلٍ .. كانتْ أوّل آيةٍ حفظتها وأنا في سنوَات طفولتي الأولَى .. هي الآيَة التي كنتُ كلما اقتربتُ من والدي سمعتهُ يقرؤها .. " لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا" كانَ والدي كلّما احتضنَ أحد أشقائي .. وكلّما اقتربَ من مائدَة الطعام وكلما رأيتهُ داخلاً أو خارجاً .. يردّد هذه الآية .. وقد استغرقتُ وقتاً طويلاً لأدركَ