التخطي إلى المحتوى الرئيسي

وهذهِ تجربتيْ أمام المجتمَع ..

كانَ من المفترضِ أن يكونَ هذا المقال هو مادّة ردُهات التيْ تلتْ ندوَة الكاتِب .. المجتمع .. القانون .. إلا أنّ رقابة جريدَة الوطن منعَت نشرهُ فلمْ أجد مساحَة أجمل له من هذه المدوّنة الصغِيرة بمواضيعهَا .. الواسعَة بمسَاحات حريّتها ..

***


حضرتُ ذاتَ اثنين الندوَة التي أقامتها جمعية الكتّاب والأدباء بعنوان الكاتب .. المجتمع .. القانون .. ورغم أني لم أحضر الجلسة الأولى .. إلا أنّ انطباعي عن الجلسة الثانية هو حضُور الكاتب والقانون في أوراق العمل التي قدّمت والشهادات وسقُوط الوصلة بين الكاتب والقانون وهيَ المجتمع .. سقطَ أحدُ أضلاع مثلثِ الندوَة وظلمَت مناقشتهُ وكانَ من الأفضل أن يتلو اليومينِ يومٌ ثالثٌ وذلك لتوسّع محاور الطرح ونيلها حصّةً أكبر من النقاشِ.. أياً يكن .. حينَ قدّم المحامي خليفَة الهنائي ورقتهُ .. قلتُ في نفسيْ بأنني سأستغلُ تعليقهُ بأنّه سيقدم عدّة استشاراتٍ قانونيّة مجانية خلال الندوَة وقلت لنفسي: الحقي يا عائشَة واستشيري المحامي فيْ "كمّين استشَارة" قبلَ أن يحوّل خرُوجه من القاعَة ، الاستشَارةَ من مجانيّة إلى استشَارةٍ لا قبلَ لكِ بدفعِ أتعابها ..

أياً يكن .. أكتبُ تجربتي هذهِ وأنا أفكّر حول التبعاتِ القانُونيّة للحديثِ عنْ تجربتي الشخصيّة في الكتَابة وتصادمها مع القانُون .. يكمِلُ هذا العمُود "ردُهات" بعد شهرين من الآن .. خمسَة أعوَامٍ ، مررتُ خلالها بتجاربَ عدّة مربكَة كنتُ أخرجُ منها "بعافية" وأكتشفُ كلّ يَوم أنّ من أكبَر مصائب الكتابَة ألا نعرفَ ما لنا وما علينَا –نحنُ الكتَّابُ- من كعكَة القانُون ..

كنتُ أودّ في تلكَ الجلسَة أن أعقّب على مداخلَة المحامي خليفَة الهنائي حولَ قولهِ أنهُ لا ينبغيْ فتح الباب على مصراعيهِ للكاتب ليكتبَ ما يشاء.. وأنّ قضايا كتلك تعلّم الكاتب أن يحترسَ جيداً لما يكتب .. غيرَ أنّ ما أغفله المحامي هوَ أنّ ثمّة مصيبة لا تقع فقط على رأس الكاتب الذي رفعتْ تُجاههُ القضيّة بل على الكتّاب الآخرين .. بعد أيّ قضيّة يتولَّد لدى الكاتب خوفٌ داخلي وفوبيا من كتابَة ايّ شيء .. واعتبَار أي شيءٍ وإن صغر في دائرَة التحرِيم ..

لقد مررتُ بهذهِ الحالة أثناء قضايا مرّ بها زملاءٌ في الكتابة كالزميل عاصم الشيدي ، والقاصّ حمود الشكيلي وقضيّة الصحفيين الأربعة الذين تمّ استدعاؤهم من قبل الإدّعاء العام ..

أنا واثقة ٌ تماماً أنّ كلّ هؤلاء وإن خرجُوا ببرَاءةٍ من قاعَة المحكمة إلا أنّهم لم يعُودوا كما كانُوا عليهِ سابقاً .. بل سيظلّ هاجسُ الخوفِ أمامهم لا يغادرهُم كلّما ضغطوا على أزرار الكمبيوتر للكتابة وفكّروا للمرّة الألف قبل أن يضغطوا على زرّ الإرسال ليبعثُوا بمادّتهم إلى المحرّر..

كلّما حدثت ضجّة بهذا الشأن .. تولدَت داخلنا هواجس داخليّة فاعتبرنا كلّ شيءٍ وأيّ شيءٍ خطاً أحمر .. ولا أظنّ أن ثمّة أكثر إزعاجاً لأيّ ممارسٍ للكتابة كالرقيب الداخليّ الذي يحرمهُ من الاستمتاع بمسَاحات الكتابة التي يكفلهَا لهُ أيّ قانُونٍ بشريّ ..

في تجربتيْ هذهِ وددتُ أن أتحدّث عن المجتمع بصفتهِ رقيباً آخر .. وحسيباً آخر يقفُ تجاه الكاتب ..

قلتُ في وقتٍ سابقٍ أن الكاتب يستلهم من معايشاتهِ اليوميّة الكثير من أفكار الكتابة فنحنُ نصنعُ مقالاً مبنياً من فكرَة واحدة خرجت إلى النُور أثناء وجودنا في السوبر ماركت وحدوث موقف معَ البائع .. أثناء نقاشنا في إحدى المحاضرات الجامعيّة .. أثناء ثرثرَة جانبيّة مع إحدى الصديقات .. ولكنّ الاشكاليّة حينَ يعيش الكاتبُ في قريَة صغيرَة يعرفُ فيها كلٌ شخصٍ الآخر .. يوماً بعد يومٍ أدرك أنّ عُمان هي دولةٌ صغيرةٌ جدّاً يعرفُ شمالها ما يحدثُ في جنوبها .. ولا يكفل وجُودك في العاصمة مسقط مساحات التنوع التي يكفلها لك وجودُكَ في خليطٍ بشريٍ عظيم كوجودك في دولةٍ كمصر مثلاً وحديثك عن معايشاتِك ككاتبٍ هناك فمئاتِ الملايين هؤلاء يمنحونك مساحاتٍ واسعة للحديث عن الكثير من الأشخاص لأنّه من ضرب المستحيل أن يهتديْ أحدٌ لملامحِ شخصياتهم ..

كلّما كتبتُ عن موقفٍ حدث لي أو عن شخصٍ ما .. لا يمرّ يومُ الأربعاء إلا وهذا الشخص قد تواصل معيْ بعد أن يكون قد قرأ بنفسهِ أو قرأني آخرون ونقلُوا له ما كتبت .. كلّ أحدٍ في عُمان يمتلكُ محيطه الذي يصلهُ بمحيطٍ آخر ..

لم أكتب يوماً عن شخصٍ ولا عن موقفٍ ولا عن عائلةٍ إلا وأصبحُوا على علمٍ بما أكتب خلال يومِ نشر المقال أو ما بعدهُ.. ورغم أنني لجأت مع السنواتِ إلى تحوير ملامح الشخصياتِ التي أكتب عنها .. إلى تحوير الأحداث والمواقف .. إلا أنّ القارئ بالذكاء بمكان ليهتدي لمن أقصد أو لما أقصد..

ظلّ هذا الأمرُ مزعجاً دائماً يطلّ عليّ كلما رغبتُ في كتابةِ مقالٍ أستشهدُ فيه عن معايشةٍ يوميّةٍ مرتبطةٍ بفكرَة المقال .. لأنه لا تمرّ أيّامٌ سوَى والشخص الذي وردَ ذكرهُ في المقال قد تناهى إلى مسامعهِ ما كتبتُ ..

وقد تعرّضتُ عدّة مراتٍ "لبداياتِ" إجراءاتٍ قانونيّة يتخذها بعضهم بحجّة أني ذكرتهُ بعينِ النقد في مقالي ما سببَ لهُ إحراجاتٍ أمام الآخرين .. في جميعِ هذه المواقف كانَ أصحابها يتصلُون بي شخصياً متوعدِين برفع قضايا أو يتّصل محامُوهم .. ثمّ يختفي هؤلاء .. لأسبابٍ أجهلها .. يبدأ جميعهم بالتلويح برفع القضية ويقف الأمر عند ذلك .. هل لعدم كفاية الأدلة؟ أم لأنهم "غير مشكلجيين" بما فيه الكفاية لإكمال الإجراءات القانونيّة تجاهي .. كافَة ما تعرضتُ إليهِ كانَ من أفراد المجتمع لا من قِبَل مؤسساتٍ كما في أغلب القضايا التي تعرّض لها الزملاء.. وبطريقةٍ أو بأخرى فإنّ الأمر لا يتطوّر ليتحول إلى قضيَّة .. ربّما بتوفيقٍ من الله ولربّما لأنّ "الخامسَة حابسَة" .. كما قالت ليْ زميلتي التي عايشت معي أغلب ما تعرّضت له مع من كتبتُ عنهم فيْ إشارةٍ لها أنّ الموقف الخامس الذي يقاضينيْ فيه أحدهُم سيجرّني إلى "قضبَان الحبس" بعد الأربع مواقف التيْ تعرّضت لها بهذا الشأن ..

ولعلّي أسردُ لكم بعضاً منها رغمَ جهلي حولَ "قانونيَّة" الحديث عنها.. كانَ آخرها قبلَ أقلّ من عامٍ حينَ تحدّثتُ في مقالٍ حولَ نساءٍ مضطهداتٍ في مجتمعنا من قبلِ عائلاتهنّ ورغم تحويري الكثير من ملامح شخصيّات النساء اللاتي ذكرتهنّ إلا أنّه لم يمضِ شهرٌ على ما كتبتُ حتّى اتّصل بيْ زوج إحدَى النساء اللاتي ورد ذكرها في المقال مهدداً إياي برفع قضيةٍ لتشهيري بهِ أولاً وحديثيْ عن الأوضاعِ الماديَّة الصعبَة التيْ تعيشها زوجتهُ وأولاده بعد تخليهِ عنهم وانشغاله في حياة الخمر والإدمان .. وأنّ أصدقاءه بدؤوا في تعييره بسبب كاتبَة –هيَ المتحدثة- تحدثَت عن زوجتهُ ولم يكن ينقصها سوَى أن تضع "رقم الحساب الذي تستلم فيه التبرعَات لزوجتهِ وأطفاله".. رغمَ أنني كنتُ قد تلقيتُ فعلاً بعض التواصل من بعضِ القرّاء ليتبرعُوا لها وكنتُ على وشكِ أن أتواصل مع زوجتهِ لاستلام تلك التبرّعات.

لم يشعر الرجل بالحرج أمام المجتمع حينَ كانَ ينفقُ أموالهُ على الخمر بينما كانَ أطفاله يتضورون جوعاً ولا يعيشُون إلا على إحسان الناس .. لكنّه شعر بالحرج أمام المجتمعِ حينَ تحدثتُ أنا عن الوضع الذي تعيشهُ عائلته ..

ظلّ هذا الرجل يلاحقني لأسابيع مهدداً ومتوعداً باللجوء للقضاء .. غيرَ أنه توقف لاحقاً ..مرَّت تلك التجربَة بسلامٍ .. رغمَ أنّها أثارتْ حنقَ عائلتي عليَّ .. وخاصَّةً والدتيْ التيْ قالتْ لي أنّها تعبتْ نفسياً من المشاكل التيْ أجلبها كلّ مرةٍ ليسَ لنفسيْ فقط وإنّما لعائلتيْ بعدَ أن لجأ ذلك الرجل إلى عائلتيْ بالتهديد.. بعدَ تجاهليْ لهُ ..

التجربَة الأخرى سبقت هذه التجرَبة بأسابيع فقط .. حينَ ذكرتُ في مقالٍ ما .. موقفاً حدث لي .. وذكرتُ الاسم الأوّل فقط لصديقةٍ كانت معي في ذلك الموقف .. وفي صباح اليوم التاليْ .. تلقيتُ اتصالاً من صديقتي تلكَ وهي تبكيْ لأنّ عائلتها ثارت ثائرتها لذكري اسمها فلا يجُوز لفتَاة "من عائلة محترمَة" أن يذكر اسمها في الجريدة رغم أني لم أدلِ بأيّ أوصافٍ أخرى تشير لها سوى اسمها .. وحين سألتها ..ما الذيْ يخبرُ الناسَ بأنّك أنت المقصودة في المقال .. فردّت قائلة: الناس تعرفُ أنه لا صديقة لعائشة السيفي بهذا الاسم سوَاي ..

الحقيقة أني دهشتُ تماماً من أسلوب التفكير ذلك .. فليسَ اسمها نادراً للغاية ليدركَ الناس أنه من بين الخمسمائة ألف فتاة عُمانيّة تحمل هذا الاسم فإنني لن أشير في الحديث سوَى لتلك الفتاة المعيّنة .. وتذّكّرتُ حينها كم أنّ عُمان هي "قرية صغيرة" للغاية لا أستطيع الحديث فيها عن صديقة إلا ويعرفُون من تكُون لمجرد ذكري لاسمها الأوّل ..

بعد أيَّامٍ .. تلقيتُ اتصالاً من محامٍ بتوكيلٍ من عائلة صديقتيْ وذلك لإبلاغي بأنهم أوكلوه بمباشرة الإجراءات القانونيَّة لمقاضاتي .. وأنّه رفض ذلك لأني لم أذكر الفتاة بأيّ سوءٍ وأن الموقف لا يشير إلى شخصها بأيّ ملامح خاصّة ثمّ أعقب أنّ عائلتها أخبرتهُ بأنها ستستعينُ بمحامٍ آخر .. تبادلنا قليلاً أطراف الحديث حذّرنيْ خلالهُ من أنّ عليّ أن أحترس أكثر أثناء حديثي عن الآخرين.. لأنّهُ لا يوجَد حجرٌ في عُمان إلا ويعرفُ أهلُ عُمان ما يختبئُ تحتهُ ..

لا أعرفُ إن كانتْ العائلة تلك قد واصلتِ البحث عن مُحامٍ "مشكلجي" يقحمنيْ إلى قاعاتِ المحكمة إلا أنّ تلك الحادثة أنهتْ علاقتيْ بصديقتيْ تلك .. من بَابِ "كفَى الله المؤمنِين القتال" ..

تجربَة شبيهة مررتُ بها حينَ تحدّثتُ عن حالةِ امرأةٍ رفضَت عائلتها تزويجهَا لأسبابٍ هي نفسها لا تعلمها .. كلّما تقدّم شابٌ لخطبتها جرَى الرفضُ دونَ أن يتمّ إخبارها حتّى .. وعلى الرغمِ أنّ جميعَ أشقائها متعلمُون يحملُ بعضُهم شهاداتِ الدكتُوراه إلا أنّ والدها ظلّ يرفضُ دونَ أن يتدخّل أيٌ منهُم لإقناعهِ ..

وبعدَ أمدٍ تقدّم زميلُ تلك المرأة التيْ تعملُ معلّمةً في إحدى المدارس ، تقدّم لخطبتها فهمَا يعملان في نفسِ المدرسَة .. وجرَى رفضهُ كالعادة دونَ إخبارها .. فتحرّكت الفتاة لسؤالِ أشقائها ومناقشَة والدها حول ذلك ، وتطوّر الأمرُ للجوئها للقضاء .. وبالفعل استطاعتْ انتزاع حكمِ المحكمة وزوّجهما شيخُ القبيلة ..

مرّ على هذهِ الحادثَة 7 أعوَام .. أنجبتْ هذه المرة 3 أطفال خلالها ، ولم يشفع لها أيّ شيءٍ عند عائلتها .. لسبعَة أعوام تلاحق هذه الفتاةُ العزيَات والمربيَات لتلقي التحيّة على والدتها الممنُوعة من زيارتها أو الاقتراب من بيتها .. حاولت بشتّى الطرق استعطافهم خاصةً بعد أن اتضحَ أن الشاب الذي تزوجتهُ رجلٌ طيبٌ أعزّها وقدّرها ولم ترَ منهُ أيَّ سوءٍ .. كانَت حينَ تذهبُ لزيَارة أخواتها فيصادفُ مجيء أشقائها ووالدها لزيَارتهنّ تخرجُ وأطفالها من البابِ الخلفيّ خوفَ حدوثِ مكرُوهٍ لها أو لأطفالها وتجنباً لأيّ مشاكل ..

وحينَ نشرتُ المقالَ .. هبَّ أحد اخوتهَا ممن يحملُون حرفَ الدال قبل اسمهمْ أينمَا ذهبُوا .. للاتصال بي والتوعّد باللجُوء للقضاء وذلك لحديثيْ "المُهين" عن أفراد عائلتهِ وأشقائهِ ..

وأذكرُ أنيْ تحليتُ حينها بشجاعَة كبيرَة لم أعتدها –ربّما لتعاطفي الشديد مع الفتاة- وقلتُ له: يا أخي ما جدوَى الاتصال بي؟ إن شئتَ مقاضاتيْ فلا داعيَ للاتصالِ بيْ ..

وانتهَت المكالمَة ولمْ أرهُ منذ ذلك اليَوم .. أسعدنيْ طبعاً أنهُ لم تستجدّ أي ملاحقة قانونيَّة لاحقاً لكنّ الأمرَ الذيْ أحزننيْ هوَ تشددُ عائلة الفتاةِ أكثر في رفض أي بادرَة صلحٍ بينهُم بعدَ مقاليْ .. لم أكنْ أنوِي أن أشعلَ النارَ أكثر .. ولم يتبادر لذهنيْ أنّه على الرغم من تحويري لتفاصيل القصّة إلا أنّهم سيهتدُون إلى القصّة الحقيقيّة والعائلة المقصُودة ..

حتّى هذا اليَوم تقاطعُ عائلة هذهِ الفتاة ابنتَها .. ولا تزَال هذه الفتاة تلاحقُ المناسبات الاجتماعيَّة لتمتّع عينيها بالحديثِ لأمّها مكسُورة الجناح التيْ عجزتْ عن إقناعِ أولادها وزوجها لإنهاءِ هذهِ المشكلة ..

متعبٌ جداً أن يكتبَ الكاتب وسطَ مجتمعٍ صغيرٍ كمجتمعِ عُمان .. الجميعُ يعرفُ الجَميع .. ولابدّ أن يمسكَ هؤلاءِ بخيطٍ يقودُهم إلى المقصُود ..

المجتمع العُمانيّ مجتَمع صامت على السّطح .. يكتبُ الكاتب ومن النادر جداً أن يجدَ من يعلّق عليهِ أو يبعثُ لهُ ببريدٍ الكترونيّ .. لعلّ شخصاً واحداً من كلّ مائَة شخصٍ يعلّق على ما تكتب .. ويقرأ الآخرُون بصمتٍ .. فإنِ اتّضح أنّ هنالك من يعرفُونهُ وقد وردَ ذكرهُ في المقال أمسكُوا بهوَاتفهم وهاتفُوه ..

كثيراً ما أتفاجئ بأنّ مقالاً لي أثارَ نقاشاً حامياً لدَى مجموعة من القراء .. أو أنّ أحدهم علّق أمام أحدٍ من اقاربي أنهُ يتابعُني ويقرؤني دائماً فعادَةً أتلقَى "صفراً" من الردُود على مقالاتيْ أو بعددٍ لا يتخطّى الثلاث تعليقات .. وأفكّر هل هنالك حقاً من قرأ المقال؟ وراقه؟ أو حتّى اختلف معه؟

مجتمَع غير مبالٍ؟ غير مؤمن بقدرَة الكاتب على تغييره؟ مجتمَع "يضرب بالحزَام من تحت لتحت" مثلاً؟

لا أعرف .. لكنّه مجتمعٌ صارمٌ جداً ..يقرأ بصمت .. يناقشُ بصمتٍ .. ويحَاكمُ بصمت .. أعَان اللهُ الكتَّاب فلا أشدّ تعباً عليهِم من أن يكتبَوا ويكتبُوا ويكتبُوا .. ولا يجيبهُم إلا الصّمت..

تعليقات

  1. عائشة.. الكتّاب عادة، لا يقرأون إلا لأنفسهم إلا من احتوته دائرة الصداقة.. والقراءة موجودة للكل، ولكنّ العامة تهمهم التفاصيل اللا "مهمة"، تلك الخالية من المشاكل والممتلئة بالتفاهات، لماذا؟ لأن الكاتب مجرد "حامل قلم" لا أكثر.. ولو كان "حامل منصب" و كاتب، لوجدتِ حينها الكثير من الردود التي تمتدح وتتزلف.. وقدر الكاتب دائما: الجانب المهجور
    مودتي

    ردحذف
  2. عايشة
    تعودت ان اتابع كتاباتك باستمرار
    استخدم هاتفي الصغير كي اتصفح الانترنت قبل النوم
    امر علي الكثير من المدونات و الكثير من المواقع التي اخترتها لنفسي دون سواها وذلك لان من يكتبون فيها تربع قلمهم علي عرش الكتابه
    اتابع الكل و لكن في صمت
    فهل هذه جريمه
    اختي قلمك من الاقلام القليل علتي تستويني و ذلك لتميز ما تطرحين
    دمت بود

    ردحذف
  3. الأخت عائشه
    بارك الله فيك وفي قلمك الصابر
    كثير منا من يقرأء ويتفكر ولكن قليل منا من يبدي رائيه في موضوع أشد انتباهه وأعجبه,,ربما هذي هي ثقافه المجتمع مثلما ذكرتي ولكن السؤال هل المجتمع قادر بأرتقاء نفسه بالسكوت وعدم ابداء الرأي؟؟
    نجد خصوصيه المجتمع أهم من حلول مشاكله,,وهاجس الفضيحه اهم من ارتكاب العار بنفسه,,عجبا لأهل العجب!!

    ردحذف
  4. مقال غريب جدا و جدت به شخصيات لم اظن انها ستوجد في يوم من الأيام!!!!

    و لكن شجاعتك في مواجهتها جميلة جدا، سبحان الله علموا انك تتحدثين عنهم فثارت ثائرتهم هل لإحساسهم بخطأ ما يفعلون أم مجرد (مشكلجية)!!!!

    أعجبني هذا المقال


    دمتي بود

    ردحذف
  5. اكْتُبي يا عَائِشَة .. اكتُبي ولَا عَليكِ ..!

    لا تُجهِضي قَلمكِ خوفًا من أنَّ الحرّية لدينا لا تَسعهُ .!
    فلا تنسي بأنَّك تقولينَ أنّ " الحرية بِثَمنِ الخُبز " .!

    اكتُبي .!
    باركَ الرحمـنُ قلَمكِ .

    أمّا في الأمورِ القانونيّة . فلا تقلَقي !
    هذي الأمور أَصْبَحتْ مَقْدُور عليها ؛)

    تحيّاتي

    ردحذف
  6. اوفقك الراى بان من اهم لمثل هذه النتيجه هو صغر مجتمعنا. ولكن اضن بان ذلك مصحوب بسبب آخر وهم عدم استيعاب ثقافه النقد بعد.
    فالسؤال الان هل نستمر في نقدنا الهادف ام ننتظر هذا المجتمع حتى يبلغ؟ في اعتقادي الجواب يكمن في عمل الاثنين معا. ننقده وننتظره حتى يبلغ.

    ردحذف
  7. عائشة
    أقرأ لكِ باستمرار ،، مع ذلك نادرا ما أترك تعليق
    المعذره

    "رضى الناس غاية لا تدرك" !
    إكتبي ما تريه يسهم في إصلاح مجتمعنا
    وأنا معك بأن المجتمع العماني كقرية صغيرة
    تتفشى الأخبار فيه كسرعة البرق ،، صعب جدا

    دمتي بخير عزيزتي

    ردحذف
  8. متابعون لقلمك وابداعك
    حتى لو كان ذلك بصمت او من وراء جدر

    كل حضارات التاريخ اخذت مئات السنين لكي تتطور
    فلا عتب ان تبقى عمان 2010 هي عمان 1970 مع قليل من الاضافات .. شارع هنا وبناية هناك ... اما التفكير فهو نفس التفكير حتى لمن يحملون ال"دال" او ال"ميم" الكبيرة امام اسماءهم.. ولي تجارب كثيرة بحكم عملي معهم

    اقتنعت بما لا يدع مجال للنقاش ان التغيير هو اصعب عملية واعتبر جلالة السلطان مثال عظيم للصبر والاصرار على تغيير شعب من اصعب الشعوب .. وما حققه في 40 عام امر لايستهان به .. اين كنا واين نحن اليوم

    يبقى التطور محاصرا بالدين والعادات والقبلية
    فلا نلوم الشعب على ذلك

    ردحذف
  9. انتي لها ايتها المشاغبة

    ردحذف
  10. لا تهتمي بالتعليقات والتفاعل .. نحن نتابع .. اكتبي

    ردحذف
  11. اين انتي يا عائشه؟؟
    ننتظر مقالاتك الجميله

    ردحذف
  12. اكتبي واتبعي المثل القائل (ما يضر السحاب نباح الكلاب )اما اذا التفتي للتهديدات الفارغة فلن تبدعي في مقالاتك

    ردحذف
  13. أتُعَاقِبِينَ صَمْتَنَا يَا عَائِشُ؟
    أَيْنَ أَنْتِ؟!!

    ردحذف
  14. عائشة .. ربما الخلل يكمن في الكاتب نفسه !!

    لماذا لا ينظر الكاتب إلى نفسه وينظر ما فيها إن وجد خللاً يصلحه وإن وجد ميزة اعتنى بها ؟؟ لماذا يعتبر نفسه الطبيب الوحيد المسؤول عن المجتمع كله ؟

    لا أحب النقد كثيراً ولذلك كثيراً ما دافعت عنكِ وعن مقالاتك رغم اختلافي مع بعضها .. وأقول للناقدين .. عائشة الآن ربما تسهر على كتابة مقالة لتنشرها غداً .. وأنتم تنقدونها ولا تفعلون شيئاً .. انظروا الفرق بينكم وبين من تنقدون !!!

    عموماً .. ربما أسلوب الكتَّاب المبتدئين والذي غالباً ما يكون هجومي القالب .. يسبب المشكلات والحنق لدى المجتمع .. ألا ترين من خلال ما مررتِ به من تجارب أن الجميع يحاول أن يدافع عن نفسه وأنهم يظنونكِ تشهرين بهم أمام الملأ ؟؟ هل تغير أسلوبك في الكتابة ليصبح أكثر ليناً وأكثر حكمة ؟؟ أم أنكِ لازلت مندفعة بطاقات كبيرة لتغيير المجتمع وطريقة تفكيره ؟؟

    اعلمي أنه الهجوم سيقابل حتماً بالدفاع وليس بالضرورة عن طريق القانون .. ولكن الصمت الذي منه تشتكين ويشتكي منه أغلب الكتَّاب .. فلنلعم جميعاً أن الكاتب لو استطاع أن يلامس قلوب المجتمع وعقوهم باستراتيجية مرنة لاستجاب المجتمع له ..


    فكري في كلامي هذا .. وأتمنى أن يكون لكِ مرورٌ هنا قريباً نظراً لتأخري في الرد ..




    فيصل الرحيلي ..

    ردحذف
  15. نحن أبناء الزنازن يا عائشة!

    وها أنا أسمِّي مدونتي "لساني المعتقل"

    لم تأتي التسمية من فراغ!

    اصبري واصبر قلم فإنك صابرة كما عهدناك أيضًا!

    وسنفجرمعك ديناميت الأقلام في آتي الأيام!

    نحن معكِ ومع قلمك لإن أقلامنا مثلها تماماً وأشد تنكيلا!

    ردحذف
  16. "كفَى الله المؤمنِين شرّ القتال"

    للتصحيح فقط .. فانا من المتابعين لروائعك

    " "كفَى الله المؤمنِين القتال" الاية فى سورة الاحزاب

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن كُورونا، وفقر اللقاح، والشّعب العُمانيّ القنوع: أسئلة غير قنُوعة إطلاقاً

  تحذير: إن كنت لا تحب لغة الأرقام فلا تقرأ هذا المقال   في نُوفمبر 2020، سألتُ مارجي فان جوخ، رئيسَة وحدة المواصلات واللوجيستيات في المنتدى الاقتصادي في دافوس عن استقرائها لشكلِ السباق العَالمي نحوَ اللقاح فأجابتني بأنّ حربَ اللقاحات قد بدأتْ بالفعل وأنّ كل دولة ستكونُ معنية بشعبها فحسب، وأنّ ثلاث عوَامل ستحددُ أسبقية الدول في الحصول على اللقاح، أولاً: ذكاء السياسيين في كلّ دولة وحنكتهم الدبلوماسية ستوضع تحتَ الامتحان الحقيقي لاختبار مِرَاسهم في التفاوض على أكبر عدد من الجرعات مستغلةً علاقاتها الدولية وشبكة معارفها للحصول على أكبر كمية بأسرع وقت ممكن، ثانياً: قدرة فرقهِم الاستراتيجيّة على استقراء مستقبل إنتاج اللقاح وأيٍ من شركات إنتاج اللقاح ستنتجُ أولاً وبفعالية تحصين أكبر وثالثاً: قدرتها المالية التي ستحدد مقدرتها على المخاطرة بشراء لقاحات لم تعتمد بعد بناءً على استقرائها للمستقبل، (إنّها مقامرَة عليهم اتخاذها وإلا فالنتائج وخيمة). معربةً عن قلقها من أنّ المرحلة القادمة ستفتقد المساواة في توزيع اللقاح. (عائشة، إنهم يجوبون العالم -بينمَا نتحدّثُ- بملايين من الكاش لحجز اللق

اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1)

ملاحظَة للقارئ قبلَ الشّروعِ في القرَاءَة: عائشَة حياتهَا. . صفحة بيضَاء جداً ! أشاركُ قليلاً من بيَاضها إيَّاك وأودعُ الباقيْ لهَا ولمن تحبّ .. إذا كنتَ تحملُ مسبقاً أيةَّ "مخلّفات داخليَّة سوداء" فالرجَاء عدم القرَاءة حولَ عائشَة: عائشَة .. قد تكُون أنا أو قد تكُونُ أنتَ .. وليس بالضرُورَة أن تكُونَ من تقرأ لها الآنَ في هذهِ المدوّنة قد يتضمّنُ أدناهُ حكَاياتِي أنا .. وقد يكُون خليطاً من حكاياتِ صديقاتٍ أخريَات .. أجمعها في حياةٍ واحدَة حافلة تستحقُ أن يمتلكَ صاحبها حلماً جميلاً عائشَة التيْ أحكي عنها هنَا.. كائنٌ يحلمُ بحياةٍ جميلة رغمَ يقينها أنّ الحياة لن تكونَ ذلك بالضرُورة .. وهي فتاة ٌ بسيطَة جداً .. يحكيْ بعضهُم .. أنّها لا تزالُ طفلة ً ترفضُ أن تكبر .. ويقولونَ أنّها تحوَّلتْ إلى زوجةٍ عاديةٍ غارقةٍ في تفاصيلِ حياتهَا اليوميَّة بعد زواجها .. يقولُ بعضهمْ أن عائشَة لم تعُد تهتمّ كثيراً بمن حولهَا .. وأنّها تحوَّلتْ -كآلافِ البشر حولنا- إلى كائنٍ غير معنيّ بالضرورة بجدالاتنا الثقافيَّة اليوميَّة المملة .. التيْ قد أثيرها أنا أو أنتَ أو عبيد أو جوخة أو علياء من المثقفي

قلْ لي أنت تعمل في الديوَان.. أقل لك كم جنَيت؟!

جارنَا أبو أحمَد .. الذي أخبرتكُم عنهُ ذات مرَّة .. الرّجل الصادق الصدوق الذي نذرَ نفسهُ ومالهُ في خدمَة الناس .. كانَ كلّما أخرج صدقة ً أو زكاة ً للناس .. جاءهُ أناسٌ أثرياء آخرون يطالبُون بنصيبهم من الزّكاة .. وذلك لقولهم أنّ أبا أحمد يوزّع معونات يصرفها الديوان لهؤلاء الفقراء .. يأتون طارقين الباب مطالبين بحقّهم قائلين: نريد نصيبنا من فلوس الديوان .. ورغم أنّ أبا أحمَد لم يتلقَ في حياتهِ فلساً لا من ديوَان السلطان ولا ديوَان هارون الرشيد .. إذ بنى نفسه بنفسه .. فامتهنّ كل المهن البسيطة التي لا تخطر على البال .. بدأ عصامياً وانتهى .. لا أقول ثرياً وإنما ميسور الحال .. أذكرُ أنّ امرأةً أعرفها وهي من قبيلة البوسعيد .. وهي من العوائل التي تستلم نهاية الشّهر راتباً شهرياً بثلاثَة أصفار لا لشيءٍ سوَى أنها تقرب لفلان العلانيّ الذي يشغل منصب مدير دائرة الصحون والملاعق في الديوان الفلاني أو البلاط العلاني وهي أيضاً "تصير ابنة عم ولد زوجة خال الوزير الفلاني" ذهبت تشتكي مرةً من أنّ أبا أحمد لابد أنه يتلقى مبالغ أكثر منها من الديوان فلا هو ابن سفير ولا ابن أخت زوجة الوزير ولا هو من أص