التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الشّعراء.. تجّارٌ أم متبرعُون خيريّون؟!


عائشَة السيفيّ

ufuq4ever@yahoo.com

سألتني صديقتي حين التقتني في بروفات حفل تخرّجي بالجامعة .. كم جنيتُ من مشاركاتي الكثيرَة في العيد الوطنيّ؟ فنظرتُ إليها ببرودٍ وقلتُ: جنيتُ "مكبّة بخور" .. لابدّ أن صديقتي توجّهت إليّ بهذا السؤال تعليقاً على أنّي كتبتُ 3 أوبريتات شعرية في العيد الوطني ويومِ المرأة لجهاتٍ مختلفةٍ إضافة ً إلى قصائد لإنشادها في أوبريتات أخرى .. والحقيقة أنّ الكثيرين راسلُوني للمشاركة في فعالياتٍ شعريةٍ مختلفة منذ حلّ شهر أكتوبر، فقبلت بعضها واعتذرت عن الأخرى وكانت أغلب مشاركاتي مبنية ً على قصائد سابقة كتبتها ومنحتها للآخرين .. وهكذا كانَ حالُ الاخوة الشعراءِ الذينَ تنافسُوا في سباق الوطنيَّة التيْ أطفأت عُماننا بها الشمعة القابوسيَّة الأربعين ..

لا أمانعُ طبعاً في أن أشارك بحسي الشعريّ .. لحظاتٍ جميلة ً يحبّها الناس .. خاصة ً الأناس الذين تجمعني بهم علاقة ٌ جميلة أخجلُ حينها أن أردّهم خائبين إذا لم يكن طلبهم مبالغاً فيه كتفصيل قصيدة بمواصفات كيت وكيت ..

يظنّ المرءُ أن الشاعر يجني ثروةً بمشاركاته تلك تكفيه لشراء أرضٍ وسيارةٍ والحصول على مبلغ تقاعد يقيه عوز الحاجة في الشيخُوخة .. إلا أن الأمر خلاف ذلك إطلاقاً ..

تأتينا المؤسسات الحكومية .. طالبة ً منا المشاركة فنلبي الدعوة بابتسامة كبيرة غير منتظرين حينها جزاءً ولا شَكورا .. وتحمّر وجوهنا حين يسألنا أحدهم هل تأخذون مقابل ما تنشرون مقابلاً مالياً؟ فنجيب باستحياء: لا والله .. عيب عيب .. عيبٌ على الشاعر أن يطلب مقابلاً على شعره.. لأن الشّعرَ لا يُساوم بثمن ..

ونعم .. حين نشارك في أوبريت غنائي .. يعطى المخرج مقابلاً مادياً والملحّن والموزّع والمؤدّي .. ويعطى الشاعر .. ساعَة موديل Fitron تباع بقيمة 12ريال في السفير وقد تجدها أقل سعراً في مطرح ..

الملحن ، ألا يقدّم عملاً وليد الإبداع .. وكذا الموزّع الموسيقيّ ، والمغنّي؟ جميعهم يستحقون مقابلاً مادياً على إبداعهم لكنْ حرامٌ على الشّاعر ذلك ..

لماذا يُعامل الشعرُ وحدَه كإبداع من العيب أخذ الأجر عليه؟!

وحين يجدّ الجدّ وتأتي المهرجانات الكبيرة نرى شعراء معينين حاضرين بكتاباتهم في لوحاتها .. بل ويتكرر اسم الشاعر مرتين واثنتين وثلاث في المهرجان ويعطى عن اللوحة كيت وكيت .. شعراء معيّنون لم نسمع عنهم قطّ .. لا التقيناهم في أمسيةٍ شعريّة ولا فعاليةٍ ثقافيّة ولا نافسوا في مهرجانٍ فلانيّ .. تظهر أسماؤهم في تلك المهرجانات لأنهم يعملون في تلك الدائرة ويعرفون فيهَا أصحاب القرار في تنظيم المهرجان والفعالية الضخمة فلا غرو حينهَا أن نجدَ كلمات أغاني الفعاليّات الضخمة تلك مكسّرة وبمستوَى فنيّ ضعيف .. وحتى الشعراء الذين نعرف .. لا يتم توزيع نصيب الكعكة بالتساوي بل يستحوذ عليها الشاعر الفلاني رغم أنه لم ينل جوائز أكثر من زملائه .. ولا يملك من رصيد فوزه بالمراكز والمسابقات أكثر من زملائه .. ويحتكرُ الشّاعر ذلك حضُوره في الفعاليّة والأخرى والعام الذي يليه وكلّما تكررت الفعاليّة بشكلٍ دوريّ حضرَ اسمهُ في المقدّمة فلا شعرَاء في عُمان كلّها سوَاه وكأننا لسنَا البلاد التي قيلَ أنّ تحتَ كلّ صخرةٍ فيها شاعر ..

يمثّل الشاعرُ مدينتهُ ومنطقته في المهرجانات الثقافية على مستوى السلطنة والخليج والدول العربيّة ويرفع رأسها بما حصده من مراكز متقدمة .. لكنّه منسيٌ حين يأتي الأمر على المهرجانات الحكوميّة التيْ ينبغي أن تكون بمثابة تكريم لهذا الشاعر الذي مثّلها في المحافل التنافسيّة عبر حضور شعرِهِ ليلحّن ويُغنّى .. ويرقص على شعرهِ المغنّى الطلاب المؤدون ويترنّم به الجميع ويتبادلُون النغمات به على هواتفهم ..

تتذكرنا المؤسسات الحكومية تلكَ في الفعاليّات "المجانيّة جداً" أو شبه المجانيَّة ، ونُنسى في التمثيل الكبير، ذاك التمثيل الذي ينبغي أن تكافئ به تلك المؤسسات شعراءها بحضورهم .. عبر شعرهم !

كنتُ أطالعُ في شريطِ التلفزيونِ أسماء الشّعراء المشاركين في الفعاليّات الكبيرة التي بثّت طوال أيّام المهرجان باحثة ً عن أسماءِ شعرَاءٍ كحسن المطروشيّ ،خميس قلم ، عبدالله المعمريّ ، عبدالله العريميّ ، عبدالله الكعبي، خالد المعمريّ، محمد السنانيّ ، اسحاق الخنجريّ ، يونس البوسعيديّ ، بدرية الوهيبي و شميسة النعمانيّ وتطول القائمة من الشّعراء الذين تصدّروا المسابقات الشعريّة داخل السلطنة وخارجها دون أن نرى أي اسمٍ من أسماء هؤلاء حاضراً .. ليسَ لأنّ هؤلاء برعُوا في الشّعر النخبويّ وعجزوا عن كتابة الغنائيّات.. وإنّما لأنّ أحداً من منظمي الفعاليّات لم يكلّف نفسهُ ليسألهم أو يطلب منهم المشاركة ..

مؤخراً بدأ بعض شعرَاء الشعر النبطيّ في طلب مقابلٍ ماديّ حينَ تطلب منهم أيّ جهةٍ المشاركة في فعاليّة معيّنةٍ بشعرِهم .. ونعم أحييهم جداً .. وأتمنّى فعلاً أن يتّحد الشعراء العُمانيون ليحذو حذوهم ..

سيقول قائلٌ: أليسَ عيباً المشاركة في فعاليّة وطنيَّة بمقابل ماديّ؟ وسأقولُ: الوطن لا يظلمُ صاحب الإبداع وإنّما يكافؤه .. يحفّزه ليكتب .. ويبدع .. ويُمنح نظير إبداعه.. فالشاعرُ في نهاية الأمر ربّ أسرة .. موظّف .. أب .. أو أمّ .. مرتبط بأقساط سيّارة ، ودين بنكيّ ، وقرض للإسكان إلخ .. فلماذا يعاملُ الشّاعر –خلاف أصحاب المهن الإبداعيّة الأخرى- كمذنبٍ حين يطلبُ مقابلاً ؟

أذكرُ أنني ظللتُ لأعوامٍ أكتب لمجلةٍ محليةٍ دون أن أسألهم مائة بيسةٍ مقابل ما أكتب .. وأذكرُ أنّي حين سُئلت عما أجنيه من مقابل لكتابتي بها.. قلتُ : الصحيفة محليّة .. وأودّ أن أدعمها ولا أثقل عليها بالمقابل الماديّ .. لأكتب لاحقاً أن المجلة تدفعُ لغيري من الكتّاب الخليجيين .. وكأنّني بصفّتي –ابنة البلد- أدعم مشروعاً خيرياً بينما الآخرون لا يفعلون ..

في الجانبِ الآخر لا ينبغيْ على الشّاعر أو الكاتب أن يتعامل بماديّة في كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ خاصّة حين يتعلّق الأمرُ بالاشتراك في فعاليّاتٍ أهليّة غير ربحيّة فيثقل الشّاعر على المنظّمين بالتطلّب الماديّ هنا وهناك ..

أمّا أن نتعامل مع الشّاعر بمنطق أعطِ وأعطِ وأعطِ ولا تطلب؟ فهذا بالتأكيد من بالغ الاستغلال الذي يُمارسُ مع الشّاعر ..

أذكرُ أنّ مؤسسة ً حكوميةً أقامتْ فعاليّة شعريّة .. واتّصل بي أحدُ مؤسسيها طالباً مني المشاركة منتقداً الشاعرة الفلانيّة التي اشترطتْ توفير سيارة نقل لها من مكانِ إقامتها لمكان الفعاليّة .. قلتُ له: ما المشكلة في ذلك؟ ألا يكفيْ أن الشاعر يأتي حاملاً فكرهُ وإبداعهُ ليلقيهِ "مجاناً" أمامكم .. فالمطلُوب منه أيضاً أن يدفع تكاليف أخرى ليأتي إليكم؟ والمطلوب منهُ إن لم يكن يملك وسيلة نقلٍ تقلّه لمكان الفعاليّة، أن يتصرّف ويدبّر لهُ بطريقتهِ الخاصّة وسيلة نقلٍ للفعاليّة .. هذا إجحافٌ بحقّ الشاعرة .. ونعم من حقّها أن تطلب ذلك ..

حتّى الوطنيَّة يا أصدقائي لا ينبغيْ أن تعاملَ بمجانيَّة؟! وإلا لطلبنا من كلّ موظفٍ أو مدير دائرَة أو مسؤولٍ أن يعملَ بالمجّان لخدمَة وطنهِ .. فعلَى الوطنِ أن يمنحَ مواطنهُ المعيشَة الكريمَة مقابل عملهِ لأنّ المواطن مسؤولٌ عن عائلتهِ وأطفالهِ وبيتهِ .. ولذا فعلى للوطنِ كذلكَ أن يكافئ الشاعرَ مقابل إبداعهِ ..

لا أعرف .. ولكن يبدُو أن ثمّة أزمة في فهم وضع الشاعر المجتمعيّ .. ليس مطلوباً من الشّاعر أن يُعامل كـ "آلة إنتاجٍ شعريّ" يكتب كيفمَا ووقتما أرَاد .. أو أن يتحوّل إلى "تاجر شعر" .. يُطلب في الولائم والمناسبات الاجتماعيّة "ليقصد" ويتناول شيك بمبلغ كذا في نهاية اليوم لأنّه "فصّل" قصيدَةً على مقاس أصحاب الدعوةَ .. أو أن يأتيه فلان طالباً منه أن يكتب له قصيدة ً بها اسمهُ واسمُ زوجته في حفلِ زفافهِ مقابل كيت وكيت من المال ..

ولكن على المؤسسات الكبيرة أيضاً أن تتعامل مع الشّاعر كصاحب إبداع له الحقّ في أن يكافئ على إبداعهِ وعصَارة فكره .. وإن كانتِ المؤسساتُ الحكوميّة تتعاملُ مع الشّاعر بهذا المنطقِ فأولى بالمؤسساتِ الأخرى الأقلّ شأناً أن تحذو حذوها .. ويتحوّل الشّعرُ إلى مشروعٍ خيريّ يعطِي فيه الشّاعر ولا يأخذ شيئاً ..

تعليقات

  1. كل هؤلاء الذين ترينهم يتصدرون الاعمال الفنية التي تغنت في حب الوطن سواء كانوا مصورين او فنيين او مخرجين وغيرهم يتقاضون مقابل جهدهم وهذا حقهم ففي النهاية كما قلتي الوطن يكافئ لا يعاقب..
    مؤلف الاعمال الدرامية يأخذ مقابل عمله الابداعي فلماذا لا يأخذ الشاعر ما يستحق.
    مؤلف الاعمال الموسيقية يأخذ مقابل عمله فلماذا لا يأخذ الشاعر ما يستحق.
    مخرج الاعمال الفنية يأخذ مقابل عمله فلماذا لا يأخذ الشاعر ما يستحق.
    عندما يطلب مني القيام بعمل ما خارج نطاق عملي الرسمي وأكون متأكد أن العمل المطلوب قد رصدت له ميزانية خاصة بسبب طبيعة ذلك العمل ؛؛؛ عندما يطلب مني القيام به أول سؤال اسأله عن الأجر الذي تم رصده .. فإن كان لا يوازي الجهد الذي سأبذله أعتذر عن عدم القيام به .. هل يعني ذلك انني مادي أو افكر في نفسي فقط..

    ردحذف
  2. حسب علمي أن الشعراء الذين يسجلون قصائدهم "الوطنية" في التلفزيون مثلاً يتقاضون مقابل مادي نظير قصائدهم.. ولكن في المحافل والفعاليات هنا وهناك قد لا يكون هناك مقابل مادي يذكر، هذا من ناحية
    ومن الناحية الأخرى فكما ذكرتي الشاعر مبدع ومن حقه أن يحصل على مقابل مادي شأنه شأن الملحن والمغني والمصور والشركات التي تقدم خدمات إلخ
    ثقافة وتقدير الإبداع أو المبدع غير موجودة لدى عامة الناس وبالتالي هي قليلة جداً عند المعنيين بهذا الشأن من جهات حكومية وأهلية لذلك على المبدع إيجاد طريقة لتوصيل الفكرة والتمهيد لصنع ثقافة تقدر العمل الابداعي وتعطي مقابله.

    ردحذف
  3. أشكرك جزيل الشكر ياأختي الغالية على مقالاتك الرائعة التي شجعتني في القراءة المستمرة لمقالاتك وغيرك من الأدباء وأتمنى لك التوفيق والمزيد فأنا من متابعيك في كل كلمة تسطرها أناملك والله يوفقك .

    ردحذف
  4. حسنى مبارك يقدم غاز مصر هدية لدعم إسرائيل و مصر تخسر حوالى 100 مليار دولار فى 20 سنة لأسرائيل !!!

    التقت شبكة الإعلام العربية "محيط " مع السفير إبراهيم يسري مساعد وزير الخارجية ومدير إدارة القانون الدولى والمعاهدات الدولية الأسبق بوازرة الخارجية وكان هذا الحوار ...

    لعل أزمة الأنابيب الموجودة حاليا حيث يتعذر علي المواطنين الحصول علي احتياجاتهم اليومية من الغاز تثبت بالدليل القاطع لكل الناس فشل سياسة الحكومة بتصدير ثروتنا الطبيعية من الغاز لإسرائيل بأسعار فكاهية دولار وربع للطن المتري في حين أن السعر العالمي اثني عشر دولارا ونصف. وهذا معناه إننا نحرم المصريين مع صباح كل يوم من مبلغ 13 مليون دولار أمريكي يمثل فرق السعر في الوقت الذي يتزايد فيه أعداد العاطلين والفقراء وهو ما يمثل حرمانا للمواطن المصري الفقير والمحتاج من ثروة بلده من الغاز ...

    باقى الحوار تحت عنوان ( جدارغزة وتصديرالغاز لإسرائيل إهدار للمصالح المصرية ) فى صفحة الحوادث بالرابط التالى www.ouregypt.us

    ردحذف
  5. ماذ يحدث يا عائشة، مرة تنتقدين عطايا الديوان بالنسبة لما تتقاضين وهنا تطالبين بأجر "لحسّك الشعري"؟

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا تريدوا ملابس العيد، روحوا رقطوا (1)

5 قيم تعلمتُها من أميّ: غزالة بنت ناصر الكندية   عائشة السيفي صبيحَة يوم الأحد غسلتُ أمي وكفنتها مع أخواتي. جهزتُ لها لبسةً من حرير فأبلغتني المكفنةُ أن علي أن آتي بلبسة من قطن تخلو من الزركشة. اخترتُ لها أجمل ملابسها وبخرتُها كما كنت أبخر ملابسها لعشرات السنوات كل عيد. أذنتُ في أذنيها، وتأملت أصابعها المنفرجة وأنا أضع بينها الصندل. كانت كقطعة الحرير ببشرتها الصافية وكنت أحدثها: ما أجملك حيةً وما أجملك ميتة. كان مشهداً عظيماً لا أعرف كيف ألهمني الله لأعيشه. أعرفُ أنني كنت شاخصة العينين ولا أذكر أنني بكيت كثيرا.. كانت دموعي تنهمر بصمت إلى أن حملوها في الطارقة وتواروا عن الأنظار. لا أذكر كثيرا مما حدث بعدها فقد سقطتُ طريحة الفراش ليومين. ماتت أمي غزالة بنت ناصر الكندية بعد رحلة ثماني سنواتٍ ويزيد مع مرضٍ لعين اسمهُ ملتي سيستم أتروفي. ومنذ جرى تشخيصها، جُبنا بها أطباء العالم لعلنا نجدُ لها علاجاً فكانت النتيجة واحدة: إنه مرض نهايته الموت، الفارق فقط هو حتى متى سيعيش صاحبه. لسنواتٍ عاشت أمي وعشنا معها معاناةٍ مريرة لا يعلمها إلا الله ونحنُ نتأمل بعجزٍ شديد كيف كانت تنتقل من وهنٍ

عن كُورونا، وفقر اللقاح، والشّعب العُمانيّ القنوع: أسئلة غير قنُوعة إطلاقاً

  تحذير: إن كنت لا تحب لغة الأرقام فلا تقرأ هذا المقال   في نُوفمبر 2020، سألتُ مارجي فان جوخ، رئيسَة وحدة المواصلات واللوجيستيات في المنتدى الاقتصادي في دافوس عن استقرائها لشكلِ السباق العَالمي نحوَ اللقاح فأجابتني بأنّ حربَ اللقاحات قد بدأتْ بالفعل وأنّ كل دولة ستكونُ معنية بشعبها فحسب، وأنّ ثلاث عوَامل ستحددُ أسبقية الدول في الحصول على اللقاح، أولاً: ذكاء السياسيين في كلّ دولة وحنكتهم الدبلوماسية ستوضع تحتَ الامتحان الحقيقي لاختبار مِرَاسهم في التفاوض على أكبر عدد من الجرعات مستغلةً علاقاتها الدولية وشبكة معارفها للحصول على أكبر كمية بأسرع وقت ممكن، ثانياً: قدرة فرقهِم الاستراتيجيّة على استقراء مستقبل إنتاج اللقاح وأيٍ من شركات إنتاج اللقاح ستنتجُ أولاً وبفعالية تحصين أكبر وثالثاً: قدرتها المالية التي ستحدد مقدرتها على المخاطرة بشراء لقاحات لم تعتمد بعد بناءً على استقرائها للمستقبل، (إنّها مقامرَة عليهم اتخاذها وإلا فالنتائج وخيمة). معربةً عن قلقها من أنّ المرحلة القادمة ستفتقد المساواة في توزيع اللقاح. (عائشة، إنهم يجوبون العالم -بينمَا نتحدّثُ- بملايين من الكاش لحجز اللق

اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1)

ملاحظَة للقارئ قبلَ الشّروعِ في القرَاءَة: عائشَة حياتهَا. . صفحة بيضَاء جداً ! أشاركُ قليلاً من بيَاضها إيَّاك وأودعُ الباقيْ لهَا ولمن تحبّ .. إذا كنتَ تحملُ مسبقاً أيةَّ "مخلّفات داخليَّة سوداء" فالرجَاء عدم القرَاءة حولَ عائشَة: عائشَة .. قد تكُون أنا أو قد تكُونُ أنتَ .. وليس بالضرُورَة أن تكُونَ من تقرأ لها الآنَ في هذهِ المدوّنة قد يتضمّنُ أدناهُ حكَاياتِي أنا .. وقد يكُون خليطاً من حكاياتِ صديقاتٍ أخريَات .. أجمعها في حياةٍ واحدَة حافلة تستحقُ أن يمتلكَ صاحبها حلماً جميلاً عائشَة التيْ أحكي عنها هنَا.. كائنٌ يحلمُ بحياةٍ جميلة رغمَ يقينها أنّ الحياة لن تكونَ ذلك بالضرُورة .. وهي فتاة ٌ بسيطَة جداً .. يحكيْ بعضهُم .. أنّها لا تزالُ طفلة ً ترفضُ أن تكبر .. ويقولونَ أنّها تحوَّلتْ إلى زوجةٍ عاديةٍ غارقةٍ في تفاصيلِ حياتهَا اليوميَّة بعد زواجها .. يقولُ بعضهمْ أن عائشَة لم تعُد تهتمّ كثيراً بمن حولهَا .. وأنّها تحوَّلتْ -كآلافِ البشر حولنا- إلى كائنٍ غير معنيّ بالضرورة بجدالاتنا الثقافيَّة اليوميَّة المملة .. التيْ قد أثيرها أنا أو أنتَ أو عبيد أو جوخة أو علياء من المثقفي