التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نحنُ .. والأحلام .. وعنترَة !

"أنا والمسيحُ على حالنا..

يموتُ ويحيا، وفي نفسهِ مريمُ

وأحيا وأحلم ثانيةً أنني أحلمُ.. ولكنّ حلميْ سريعٌ كبرقيّةٍ ..... "

هذهِ أحلام محمود درويش .. سرييييعة جداً .. كبرقيّة ، أما الأحلام في وطني فهي بطيئة .. أبطأ من أكسل حيوان كسلان احتضنتهُ أدغال القارّة الأميركيّة ..

العُماني الفقير لا يكادُ يدرك النعاس قبلَ أن يمسّ الحلم .. حتى يكونَ الغنيّ قد حلم .. وفسّر حلمهُ وصحَا من حلمهِ وخبش خشمه وارتدَى مصرّه ودشداشته المبخّرة وفرّ البي أم دبليو الخاصّة بهِ كيْ يُطيّر على حلم الفقير النعسان .. صاحب الحلم الكسلان ..

العُمانيّ الثريّ .. لا ينام الليل مرتاحاً ولعلّه لا يدرك مرحلة الحلم .. لأنها مرحلةٌ عميقةٌ جداً .. فهو يحلم أحلام اليقظة .. أو يقال أنه ينام وهو مستيقظ ..

ويا ترَى هل ينام النصّابون والسراقُون العمانيون الكبار اليوم؟!

لا طبعاً .. يشهدُ النصابُون العُمانيون الكبار هذهِ الأيّام حالة أرق عامّة .. لماذا يا ترَى؟

لأنّهم يفكّرون من منهم سيستحوذ على النصيب الأكبر من الأراضي المطلّة على شارع مسقط السريع الذي أراهنكم أن الصحراء التي تحيط به الآن والتي تشعركَ أنك في إحدى صحاري مقاطعَة تكساس الأميركيّة .. ستتحول إلى عمران تجاريّ ضخم خلال 5 أعوَام فقط من الآن ..

النصابون الأصغَر قلقونَ من النصابين الصغار .. والنصابون الصغار قلقونَ من النصابين الكبار .. والنصابون الكبار قلقون من الحيتان الزرقاء الضخمة ..

الجميع يعيش حالة قلق مرتقبة .. من سيلهف على تلك الأراضي ومن سيحصل على المساحة الأوسع؟من يا ترَى .. من؟

أو لعلّ الأراضي قد وزّعت منذ وضعِ المخططِ الأوّلي للطريق السّريع ، فأنا كبقيّة الشعب .. أحلامي وإن تحدّثت بها بطيئةٌ جداً .. ولعلّ نصابينَ كباراً قد فسّروا حلمي قبل أن أحلمه ..

وأقصى ما سيحدثُ هوَ أن يشتكي أحد المواطنين في برنامج هذا الصباح .. وحينَ يحلّ المساء يذهبُ المواطن للنوم ليحلم بقصّة أخرى جديدة .. ولنا في قصّة أراضي الدقم ، حِكمٌ وعبر !

.

.

من أكبَر المصائب لدينا في عُمان أن تقع أرضُ نصابٍ على زاويَة شارع أو ملاصقة ً لسكّة سيرٍ عامّة .. لأنّ أول ما سيفعلهُ النصابُ حين يشرع في بناء مشروعهِ البنيانيّ هو أن يقتطع نصفَ مترٍ أو مترين أو ثلاثة حسبما تستدعي الحاجة من الشارع أو السكة العامّة ..

لدينا في نزوَى مثلاً .. هنالك نماذج شهيرة يعرفها الناس .. التاجر الثري الذي بنى عمارة على زاوية يقع بها "درام كشرة" ضخم .. تم ترحيل درام الكشرة إلى بقعة مجاورة ولهفت مساحتهُ إلى العمارة بل وتعدى الأمر إلى جزءٍ من الطريق .. وبدل أن تصبح الزاوية أقرب ما تكون إلى منحنى فقد تحوّلت إلى حرف L

النصّاب العُماني مستعد أن يفعل المستحيل ليستفيد من كلّ شبر في المبنى ومستعد أن يؤجّر ولو ربع متر ويخرجَ منهُ كم ريال مقابل استثماره ..

النصاب العُماني يبني العمارة بستة أو سبع طوابق وبعشرات الشقق ولكنّه ينسَى أن يوفّر مواقف لسيّارة المستأجرين ..لأنّه لا يجني منها مالاً يذكر.. ولو كانت المواقف تنجبُ له مالاً لحوّل نصف المبنى إلى مواقِفِ سيّارات ..

النصّاب العُمانيّ لديهِ منخار طوييييييييييييل .. لا يطُول كلّما كذب كما في حكَاية بينوكيو .. وإنّما يطول كلما امتلأ رصيدهُ البنكي ولهف مساحاتٍ أوسع من الأراضي .. يطوووووول منخارهُ ليشمشم و"يبحش" عن أيّ أرضٍ بإمكانهِ استثمارها حتى لو كانتْ في قمّة جبل أو داخل كهف..

وما أكثر أصحاب المناخير الطوِيييييييلة !

يا إلهي .. لدي رغبة لأستجير بنزار قباني .. لعلّي أجدُ فيه قصيدتهِ مواساة ً تنسيني الخمسين ألف عنترة الذينَ يعششونَ على قلوب هذا الشعب المسكين .. شعبنا بطيء الأحلام !!!!


هـذي البـلادُ شـقَّـةٌ مَفـروشـةٌ ، يملُكُها شخصٌ يُسَمّى عَنترَهْ …

يسـكَرُ طولَ الليل عنـدَ بابهـا ، و يجمَعُ الإيجـارَ من سُكّـانهـا ..

وَ يَطلُبُ الزواجَ من نسـوانهـا ، وَ يُطلقُ النـارَ على الأشجـار …

و الأطفـال … و العيـون … و الأثـداء …والضفـائر المُعَطّـرَهْ ...

هـذي البـلادُ كلُّهـا مَزرَعَـةٌ شخصيّـةٌ لعَنـترَهْ …

سـماؤهـا .. هَواؤهـا … نسـاؤها … حُقولُهـا المُخضَوضَرَهْ …

كلُّ البنايـات – هنـا – يَسـكُنُ فيها عَـنتَرَهْ …

كلُّ الشـبابيك علَيـها صـورَةٌ لعَـنتَرَهْ …

كلُّ الميـادين هُنـا ، تحمـلُ اسـمَ عَــنتَرَهْ …

عَــنتَرَةٌ يُقـيمُ فـي ثيـابنـا … فـي ربطـة الخـبز …

و فـي زجـاجـة الكُولا ، وَ فـي أحـلامنـا المُحتَضـرَهْ ...

مـدينـةٌ مَهـجورَةٌ مُهَجّـرَهْ …

لم يبقَ – فيها – فأرةٌ ، أو نملَـةٌ ، أو جدوَلٌ ، أو شـجَرَهْ …

لاشـيء – فيها – يُدهشُ السّـياح إلاّ الصـورَةُ الرسميّـة المُقَرَّرَهْ ..

للجـنرال عَــنتَرَهْ …

فـي عرَبـات الخَـسّ ، و البـطّيخ …

فــي البـاصـات ، فـي مَحطّـة القطـار ، فـي جمارك المطـار..

فـي طوابـع البريـد ، في ملاعب الفوتبول ، فـي مطاعم البيتزا …

و فـي كُلّ فئـات العُمـلَة المُزَوَّرَهْ …

فـي غرفَـة الجلوس … فـي الحمّـام .. فـي المرحاض ..

فـي ميـلاده السَـعيد ، فـي ختّـانه المَجيـد ..

فـي قُصـوره الشـامخَـة ، البـاذخَـة ، المُسَـوَّرَهْ …

مـا من جـديدٍ في حيـاة هـذي المـدينَـةُ المُسـتَعمَرَهْ …

فَحُزنُنـا مُكّرَّرٌ ، وَمَوتُنـا مُكَرَّرٌ ،ونكهَةُ القهوَة في شفاهنـا مُكَرَّرَهْ …

فَمُنذُ أَنْ وُلدنـا ،و نَحنُ مَحبوسُونَ فـي زجـاجة الثقافة المُـدَوَّرَهْ …

وَمُـذْ دَخَلـنَا المَدرَسَـهْ ،و نحنُ لانَدرُسُ إلاّ سيرَةً ذاتيّـةً واحـدَهً …

تـُخبرنـا عـن عَضـلات عَـنتَرَهْ …

وَ مَكـرُمات عَــنتَرَهْ … وَ مُعجزات عَــنتَرَهْ …

ولا نرى في كلّ دُور السينما إلاّ شريطاً عربيّاً مُضجراً يلعبُ فيه عَنتَرَهْ …

لا شـيء – في إذاعَـة الصـباح – نهتـمُّ به …

فـالخـبَرُ الأوّلُــ – فيهـا – خبرٌ عن عَــنترَهْ …

و الخَـبَرُ الأخـيرُ – فيهـا – خَبَرٌ عن عَــنتَرَهْ …

لا شـيءَ – في البرنامج الثـاني – سـوَى :

عـزفٌ – عـلى القـانون – من مُؤلَّفـات عَــنتَرَهْ …

وَ لَـوحَـةٌ زيتيّـةٌ من خـربَشــات عَــنتَرَهْ ...

و بـاقَـةٌ من أردَئ الشـعر بصـوت عـنترَهْ …

هذي بلادٌ يَمنَحُ المُثَقَّفونَ – فيها – صَوتَهُم ،لسَـيّد المُثَقَّفينَ عَنتَرَهْ …

يُجَمّلُونَ قـُبحَهُ ، يُؤَرّخونَ عصرَهُ ، و ينشُرونَ فكرَهُ …

و يَقـرَعونَ الطبـلَ فـي حـروبـه المُظـفَّرَهْ …

لا نَجـمَ – في شـاشَـة التلفـاز – إلاّ عَــنتَرَهْ …

بقَـدّه المَيَّـاس ، أو ضحكَـته المُعَبـرَهْ …

يـوماً بزيّ الدُوق و الأمير … يـوماً بزيّ الكادحٍ الفـقير …

يـوماً عـلى طـائرَةٍ سَـمتيّـةٍ .. يَوماً على دبّابَة روسيّـةٍ …

يـوماً عـلى مُجَـنزَرَهْ …

يـوماً عـلى أضـلاعنـا المُكَسَّـرَهْ …

لا أحَـدٌ يجـرُؤُ أن يقـولَ : " لا " ، للجـنرال عَــنتَرَهْ …

لا أحَـدٌ يجرؤُ أن يسـألَ أهلَ العلم – في المدينَة – عَن حُكم عَنتَرَهْ …

إنَّ الخيارات هنا ، مَحدودَةٌ ،بينَ دخول السَجن ،أو دخول المَقبَرَهْ ..

لا شـيء فـي مدينَة المائة و خمسين مليون تابوت سوى …

تلاوَةُ القُرآن ، و السُرادقُ الكبير ، و الجنائز المُنتَظرَهْ …

لا شيء ،إلاَّ رجُلٌ يبيعُ - في حقيبَةٍ - تذاكرَ الدخول للقبر ، يُدعى عَنتَرهْ …

عَــنتَرَةُ العَبسـيُّ … لا يَترُكنـا دقيقةً واحدَةً …

فـ مَرّةَ ، يـأكُلُ من طعامنـا … و َمـرَّةً يشرَبُ من شـرابنـا …

وَ مَرَّةً يَندَسُّ فـي فراشـنا … وَ مـرَّةً يزورُنـا مُسَـلَّحاً …

ليَقبَضَ الإيجـار عن بلادنـا المُسـتأجَرَهْ

تعليقات

  1. عزيزتي عائشة رغم أن لك العديد من الكتابات والأفكار الجميلة من وجهة نظري،إلا أن بعض كتاباتك تتحول في مضمونها من النقد المقبول إلى الحقد اللا معقول على الأغنياء و أصحاب الأملاك! أو هكذا تبدو على الاقل من وجهة نظري
    ف ليس كل غني جشع نصاب وشرير وليس كل فقير مسالم قنوع وطيب!
    فلتجعلي نظرتك كلية للأمور و ليست جزئية!
    كما أتمنى من كل قلبي أن لا يكون قصدك ب " عنترة " شخص معين - الشخص الذي ف بالي - لأنك ساعتها ستكوني قد تجاوزتي الحدود بمراحل!

    ردحذف
  2. عزيزي غير المعرف ..
    تحية عطرة ..

    كانَ والدي يقول كلّما ضرب أحداً من اخوتي .. "اللي أحبه أكثر ، أضربه أكثر"
    وكنت أرى هذا الحكم غير عادل إطلاقاً
    أنا نفسي بعد سنواتٍ طويلة اكتشفت أني أفعل ذلك دون أشعر ..
    إن كنت حاقدَة على شيء فسأكون حاقدة على منظور العمل الجماعي لدينا بين الأثرياء ومنظور العرفان لديهم ..
    كعكة بطول 40 متر .. وعلم بطول 40 متر .. وبطيخة بطول 40 متر ..

    لماذا لم نجد أي من الأثرياء .. وحين أقول الأثرياء فأنا أعني أصحاب الملايين يطرحون 40 بعثة لأربعين طالبا أو كفالة 40 أسرة لأربعين عام؟
    .. وصدقني لدينا مئات الملتيمليونيرات يستطيعون ذلك .. ألم يكن ذلك أجدى؟

    وأما عنترة الذي في بالك .. فأنا وإن كان لساني طويلاً وأعتب عليه في أمور إلا أني أحب العودة إلى بيتي بسلام وأمان ..
    وهذا العنترة أحترمه وبالعكس أراه رمزاً .. وأنا قلت في المقال خمسين ألف عنترة .. لم أشر إلى شخصٍ ما ..
    بلاش تلميحات تقودني لقضاء عطلتي في سمائل:)

    مودّة

    ردحذف
  3. الغراب السعيد20 ديسمبر 2010 في 1:08 م

    لص، نصاب، حرامي، صارت تتردد على مسماعي وأقراها كثيراً، ولا أظنه يضيرني لو قلت أني احب ان أوصف بها لاني قد أرتقي لمرحلة التقديس الانساني ويعتمد طبعاً على مقدار سرقاتي ومقدرتي على التحايل والنصب وفالتهاية بحجم ثروتي سأنال نصيبي في مجتمعي سينظرني الناس على أني ذاك العصامي الذي بناء نفسة بنفسة وساشترى ذمم بعض أهل العلم وبعض الشعراء ليلمعوا صورتي وسأنفق من مالي الحلال طبعاً لمساعدة الفقراء والمساكين وألارامل واليتامي ولكن حتي احظ الناس على البذل لابد من التصوير وأن يكتب عني في الصفحة الاولي بما فعلت ليس من الكبر والرياء حاشا لله ولكن حتي أكون قدوة لغيري ليسارعوا الى الخيرات .. .. ولكنت ذهبت إلى بيت الله الحرام لإذرف الدموع وهنا لا بد من توثيق اللحظات التي لن تتكرر بالصور والفيديو حتي يعرف الناس مدى حبي لله وأيماني ولوجدتني ابني المساجد في كل مكان طمعاً في أن أنال نصيباً من بركات صلوات المصلي ودعائهم ولا يفوتني توثيق ذلك فأنا الرجل الذي يكره الشهرة ولكن حتى يتوطد لدى الناس مفهوم الحب للأسلام ولشواهدة المتجلية في شامخات المنابر.

    دمتي بود وسلام.

    ردحذف
  4. أين الجديد ياصحابة الفكر العميق والنقد الأنيق أرجو الإستمرار

    ردحذف
  5. "يخطئ بعض الناس حينما تكون ثقته بنفسه كبيرة إلى درجة إقحامها في كل قضية، وفي كل حوار"

    علي بن محمد الدهامي

    ردحذف
  6. شاعرتنا الججميلة الرائعه عائشة
    من اجمل التدوينات التى قراتها اسجل اعجابي الشديد بقلمك
    الجميل الذي يسطرويحكي عن احداث تقع ببلادي الحبيبة التى كل شبر فيها مستاجر بأسم عنترة وكل بقعة فيها مملوكة لعنترة وكل نسائها يعملن بشركات عنترة اصبحنا نراه بكل الوجه نصبح به ونمسي على وجههه وننام ونراه بأحلامنا يصفق لنا منتظر استيقاضنا للنعاود الكرة

    خالص مودتي

    ردحذف
  7. كتابات رائعة
    تصب في صميم اوحاع المواطن
    هكذا هم الكتاب العظام
    .
    .
    . لا تلتفتي الى الطلبلين والله معك

    ردحذف
  8. السلام عليكم..

    متابعا لك أختي عائشة و لكتابات الجميلة..أشكرك كل الشكر لك و الحمد لله بان هنا وهناك اصوات لازالت تتهمس اذان الفقراء..و يا رب يأتي اليوم الذي يزيد دوي الاصوات من همسات الى فرقعات.

    وأشكرك أيضا..لقد صدقت نظرتي لما علمت بأنك أصبحت مهندسه عندها قلت سوف تدرك الواقع الحقيقي و من هو العنتره (حسب تسمية نزار) و قلت حينها سوف يقل متابعا لكتابات الادبية..

    لانها سوف تكتشف الوجة الحقيقي لل العناتره في عمان, اراضي سحبت والشوارع تقلصت و اودية اختفيت.

    ((والله حاله)) حتى الوادي أختفى و العجيب ان كان عندنا مسارات الاودية معروفة والان اصبحت تدخل حوارينا و بيوتنا (( لان المسارات قد سحقت)).

    أختي..أهلا بك في الواقع..لانها فقط البداية و سوف تعلمين اكثر.
    أن الاجانب متحكمين في القطاع الخاص و خاصة في عالم البناء والاستشارات و العمانيين لا زالوا يريدون الديوان و الحكومة..

    متى سوف نفتح أعيننا..دائما ما اقوالها ..أشجع اخواني واخواتي بأن يذهبوا للواقع ((القطاع الخاص)) فسوف تدرك الحقيقة.. كيف العناتره (العمانيين و اتباعهم الاجانب)يعملون

    تحياتي..و عذرا

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا تريدوا ملابس العيد، روحوا رقطوا (1)

5 قيم تعلمتُها من أميّ: غزالة بنت ناصر الكندية   عائشة السيفي صبيحَة يوم الأحد غسلتُ أمي وكفنتها مع أخواتي. جهزتُ لها لبسةً من حرير فأبلغتني المكفنةُ أن علي أن آتي بلبسة من قطن تخلو من الزركشة. اخترتُ لها أجمل ملابسها وبخرتُها كما كنت أبخر ملابسها لعشرات السنوات كل عيد. أذنتُ في أذنيها، وتأملت أصابعها المنفرجة وأنا أضع بينها الصندل. كانت كقطعة الحرير ببشرتها الصافية وكنت أحدثها: ما أجملك حيةً وما أجملك ميتة. كان مشهداً عظيماً لا أعرف كيف ألهمني الله لأعيشه. أعرفُ أنني كنت شاخصة العينين ولا أذكر أنني بكيت كثيرا.. كانت دموعي تنهمر بصمت إلى أن حملوها في الطارقة وتواروا عن الأنظار. لا أذكر كثيرا مما حدث بعدها فقد سقطتُ طريحة الفراش ليومين. ماتت أمي غزالة بنت ناصر الكندية بعد رحلة ثماني سنواتٍ ويزيد مع مرضٍ لعين اسمهُ ملتي سيستم أتروفي. ومنذ جرى تشخيصها، جُبنا بها أطباء العالم لعلنا نجدُ لها علاجاً فكانت النتيجة واحدة: إنه مرض نهايته الموت، الفارق فقط هو حتى متى سيعيش صاحبه. لسنواتٍ عاشت أمي وعشنا معها معاناةٍ مريرة لا يعلمها إلا الله ونحنُ نتأمل بعجزٍ شديد كيف كانت تنتقل من وهنٍ

عن كُورونا، وفقر اللقاح، والشّعب العُمانيّ القنوع: أسئلة غير قنُوعة إطلاقاً

  تحذير: إن كنت لا تحب لغة الأرقام فلا تقرأ هذا المقال   في نُوفمبر 2020، سألتُ مارجي فان جوخ، رئيسَة وحدة المواصلات واللوجيستيات في المنتدى الاقتصادي في دافوس عن استقرائها لشكلِ السباق العَالمي نحوَ اللقاح فأجابتني بأنّ حربَ اللقاحات قد بدأتْ بالفعل وأنّ كل دولة ستكونُ معنية بشعبها فحسب، وأنّ ثلاث عوَامل ستحددُ أسبقية الدول في الحصول على اللقاح، أولاً: ذكاء السياسيين في كلّ دولة وحنكتهم الدبلوماسية ستوضع تحتَ الامتحان الحقيقي لاختبار مِرَاسهم في التفاوض على أكبر عدد من الجرعات مستغلةً علاقاتها الدولية وشبكة معارفها للحصول على أكبر كمية بأسرع وقت ممكن، ثانياً: قدرة فرقهِم الاستراتيجيّة على استقراء مستقبل إنتاج اللقاح وأيٍ من شركات إنتاج اللقاح ستنتجُ أولاً وبفعالية تحصين أكبر وثالثاً: قدرتها المالية التي ستحدد مقدرتها على المخاطرة بشراء لقاحات لم تعتمد بعد بناءً على استقرائها للمستقبل، (إنّها مقامرَة عليهم اتخاذها وإلا فالنتائج وخيمة). معربةً عن قلقها من أنّ المرحلة القادمة ستفتقد المساواة في توزيع اللقاح. (عائشة، إنهم يجوبون العالم -بينمَا نتحدّثُ- بملايين من الكاش لحجز اللق

اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1)

ملاحظَة للقارئ قبلَ الشّروعِ في القرَاءَة: عائشَة حياتهَا. . صفحة بيضَاء جداً ! أشاركُ قليلاً من بيَاضها إيَّاك وأودعُ الباقيْ لهَا ولمن تحبّ .. إذا كنتَ تحملُ مسبقاً أيةَّ "مخلّفات داخليَّة سوداء" فالرجَاء عدم القرَاءة حولَ عائشَة: عائشَة .. قد تكُون أنا أو قد تكُونُ أنتَ .. وليس بالضرُورَة أن تكُونَ من تقرأ لها الآنَ في هذهِ المدوّنة قد يتضمّنُ أدناهُ حكَاياتِي أنا .. وقد يكُون خليطاً من حكاياتِ صديقاتٍ أخريَات .. أجمعها في حياةٍ واحدَة حافلة تستحقُ أن يمتلكَ صاحبها حلماً جميلاً عائشَة التيْ أحكي عنها هنَا.. كائنٌ يحلمُ بحياةٍ جميلة رغمَ يقينها أنّ الحياة لن تكونَ ذلك بالضرُورة .. وهي فتاة ٌ بسيطَة جداً .. يحكيْ بعضهُم .. أنّها لا تزالُ طفلة ً ترفضُ أن تكبر .. ويقولونَ أنّها تحوَّلتْ إلى زوجةٍ عاديةٍ غارقةٍ في تفاصيلِ حياتهَا اليوميَّة بعد زواجها .. يقولُ بعضهمْ أن عائشَة لم تعُد تهتمّ كثيراً بمن حولهَا .. وأنّها تحوَّلتْ -كآلافِ البشر حولنا- إلى كائنٍ غير معنيّ بالضرورة بجدالاتنا الثقافيَّة اليوميَّة المملة .. التيْ قد أثيرها أنا أو أنتَ أو عبيد أو جوخة أو علياء من المثقفي