التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حينَ أدركَ محسن حيدَر درويش مسؤوليّته الوطنيّة!



عائشَة السيفيّ



حقاً .. لا أستطيعُ إلا أن اسميهَا المسؤوليّة الوطنيّة تلكَ التيْ دفعت محسن حيدَر درويش أحد أثرَى أثريائنا في عُمان ووكيل شركات عالميّة مختلفة أبرزها سيارات الجاكوار والرينج روفر حينَ أعلنَ عن تخفيضِهِ أسعار قطع غيَار سيّاراته بنسبة 35% بعدَ مشاوَرات وجهُود رائعَة من قبل اخواننا في هيئة حماية المستهلك ..

أنْ نرى ثرياً عُمانيّاً يمتلكُ هذا الالتزام الأخلاقيّ والمهنيّ تجاهَ أبناءِ شعبهِ لا يستحقُ إلا أن نثنيْ عليه وندعُو الآخرين الأقل ثراءً منه والأكثر منه على السّواء أن يحذوا حذوه ..

ورغمَ أنني لا أعرفُ هذا الرجل ولا أعرفُ عن اسهاماتهِ الأخرى والتزاماتهِ تجاه وطنهِ إلا أنني لا أملكُ إلا أن أندهش في الزمنِ الذي تحوّل أثريائنا إلى "مصّاصي دمَاء" لهذا الشّعب .. لا أملكُ إلا أن أبتهج وأنا أمَام حقيقة مرّة لحدّ الضّحك أن يكونَ لدينا في عُمان وكيل سيّارات لكافة دول الشّرق الأوسط ولكنّه يبيعُ أبناء وطنهِ سيّارات وقطع غيار أعلى من أسعَار وكلاء الدول المجاورة ..

لا أملكُ إلا أن أحتفيْ بهذهِ الـ35% ونحنُ نقطعُ الأشواط والكيلومترات لنشتري قطع الغيار من الدول المجاورة .. فيمَا يكونُ الوكيلُ من أبناء البلد! ونحاولُ أن نعزّي أنفسنا بالقولِ .. سياراتنا جودَتها أفضل! .. قطع غيارنا أحسَن منهم .. ولا أعرف أنعزّي حينها أنفسنا أم نعزّي الشّعب الذيْ عدِمَ أثرياؤهُ مسؤوليتهم الاجتماعيّة تجَاه أبناء بلدهم!

محسنْ حيدر درويش أعلنَ أنّ مبيعاتهِ زادت بنسبة 12% هذا العام حينَ قامَ بتخفيض أسعار قطع غياره التيْ كانت سابقاً الأغلى خليجياً وتحوّلت اليوم إلى الأرخص .. وأعلنَ أنّه طالبَ الشركة الأمّ التيْ تزوّده بقطع الغيار بتخفيض الأسعار كيْ يتمكّن من التخفيض الإضافي للقطع مستقبلاً ..

أريدُ للأثرياء الآخرين أن يفعلُوا كما فعل محسن حيدر درويش .. إن لم يكنْ بداعي المسؤوليّة الوطنيّة فليكُن بداعي الربحيّة التيْ ستزيدُ مكاسبهم حينَ يتوقف المواطن عن استثمار مالهِ في شراء قطع غيار أسواق الدول الأخرى بدل استثمارهَا في السوق المحليّ ..

الإشكاليّة الحقيقية التيْ نعيشها في هذا الوطن أنّ أحداً لا يريدُ أن يخفض هامشَ ربحهِ كالتزَام أخلاقيّ تجاه هذا الوطن الذيْ نظنُ دائماً أنّ الحكُومة وحدها هي التيْ تقدّم المساعدَات لمواطنيها دونَ مقابل ونجهلُ ألاّ ربحَ أكثر من السمعَة الطيبَة بينَ الشعب هي رأس مالِ كلّ شركة ..

يجهلُ أثرياؤنا أنّ إقدامهم على هذا التخفيض سيزيدُ الإقبال عليهم لأنّ إحساس التاجر بالشاري هو مفتَاح الثقة الذيْ يجعلنا نختَار هذهِ السلعة دون غيرها ..

نريدُ من مجموعَة الزواويْ هذهِ المسؤوليّة الوطنيّة .. نريدُ من سهيل بهوَان وأبناء المرحُوم سعود بهوان هذه المسؤوليّة الوطنيّة .. نريدُ من الزبير والحشّار هذهِ المسؤوليّة الوطنيّة .. نريدهَا منهم جميعاً لأنّنا نحتَاجها .. نحنُ في أمسّ الحاجة إلى هذا الالتزام المهنيّ والأخلاقيّ بقيمَة الوطن والموَاطن ..

نريدُ أن يلتزمَ هؤلاء بالمسؤوليّة الملقاة على عاتقهم .. ونريدُ أنْ يلتزمَ المواطن بمسؤوليته في إعلانِ رفضهِ لأي سياساتِ استغلالٍ له ولحقوقه .. لماذا لا نبدأ حملات مقاطعة جماعيّة لأثرياء عُمان الذينَ يرفضُون التزامهم بهذه المسؤوليّة .. فوحده المستهلك قادرٌ على أنْ يرفع السلعَة إلى الأعلى ويُسقطها إلى الحضيض

أليسَ سيدنَا علي بن أبي طالب من قالَ للمسلمينَ حينَ اشتكوا : يا أمير المؤمنين ، إنّ الزبيب غلا علينا .. فقال لهم: فاستبدُلوه بالتمر ..

حريّتنا كشعب في اختيار الأنفع لهذا الوطن ولنا تجعلنا ملتزمون أخلاقياً بأن نقبلَ على السلعة التيْ يقدّرنا صاحبها ونقاطع السلعَة التيْ نسيَ صاحبها مسؤوليّة عُمانيّته!

شكراً لمحسن حيدَر درويش .. شكراً لهيئة حماية المستهلك .. شكراً لكم لأنّكم أدركتم أينَ ومتَى تكُون مسؤوليتنَا الوطنيّة !

تعليقات

  1. نعم لك ولكتاباتك التي تمسنا وتلامس قلوبنا
    ولكن هل من مجيب ؟
    أم ميره

    ردحذف
  2. احسنت قولا
    هل من مستجيب
    متفاؤل

    ردحذف
  3. مقالاتك دائما رائعه وأنتي مبدعة يا عائشه السيفي في كتاباتك اللتي تلامس واقع المواطن العماني... أتمنى لك التوفيق وإلى الأمام دائما

    ردحذف
  4. ﺷﻜﺮﺍ ﻟﻜﻲ
    ﺍﺑﺪﺍﻉ ﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﺑﺪﺍﻋﺎﺗﻚ...

    ردحذف
  5. ونعم الرجل
    هذا فكري من زمان لو كنت املك مايملكون

    ردحذف
  6. لاتعليق فالحقيقه نفتخر بك يامدرسه ..أنتي أسطورة في هذا الزمن العصيب.

    ردحذف
  7. شكرا لكي يالسيفيه شكرا الي محسن حيدر درويش
    عماني وكلي فخر

    ردحذف
  8. شكرا لكي يالسيفيه شكرا لك محسن حيدر درويش
    عماني وكلي فخر

    ردحذف
  9. غريبة حال الناس، كلما زادت ثروتهم زاد جشعهم إلا من رحم ربي.

    نروح للإمارات نشتري قطع غيار الوكيل مالها من بلدنا، والله مذلة.

    الله يبارك لمحسن في ماله ويهدي بقية التجار، والله يعين إخواننا في هيئة حماية المستهلك على عملهم، ما مقصرين أبدا جزاهم الله خير.

    ردحذف
  10. نقف وقفه أجلال لمبأدئك السمحة ووطنيتك العالية في قولك لكلمة الحق بارك الله فيكي في مقالاتك الرائعة التي نعجز إلأ ان نقول عسى الله أن يفتح قلوب أهل عمان بالإيمان والتقوى وأحساسهم بقيمهم الإيمانية وأن يعوا أن هناك حساب أخروي علينا بالأستعداد له
    أبو سعيد

    ردحذف
  11. لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي

    ردحذف
  12. لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي

    ردحذف
  13. شكرا لكي وبارك الله فيك اختي عائشه

    ردحذف
  14. أحسنت قولا يا اختي،
    هذا هو طريق الإصلاح و التقدم لغد مشرق .. إنعاش الاستهلاك المحلي و الناتج المحلي و التجارة

    ردحذف
  15. ولله وفيك الخير

    ردحذف
  16. القعقاع ابن عمرو15 يناير 2013 في 11:07 ص

    ما شاء الله امرأه وﻻ عشره رجال شكرا جزيﻻ لك عائشه السيفيه فهل من مستجيب

    ردحذف
  17. شكرا لك أيتها المبدعة، ليس لأنك مبدعة فحسب ، فأنت دائما محلقة في عالم الإبداع ، ولكن لأنك طرقت بابا نحن أحوج ما نكون إليه ، وهو أن نقول للمحسن أحسنت ونذكر محاسنه دون أن نكتفي بالنقد للمسيء فقط ، فأي عمل جميل يستحق فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها اغترفها .... ولعل في تصرف هذا الرجل الأصيل ما يحرك مشاعر غيره من أولئك الذين جعلوا للهنود الرأي الأول والأخير ... خصوصا التويوتا هداهم الله ...
    شكرا لك أيتها المبدعة وشكرا لإخواننا في حماية المستهلك ، ونقول لهم كما قال الدكتور ناصر آل تويم رئيس جمعية حماية المستهلك السعودية في لقائه في إذاعة الوصال : ( هذه هيئة عن عشر وزارات وهي مفخرة لنا جميعا ) فجزاهم الله خيرا
    ولا حرمنا الله من قلمك أيتها المبدعة الرائعة ....

    ردحذف
  18. شكراً جزيلاً على هذا المقال!

    ولكنني أحببت أن أثير الإنتباه إلى أن هناك من هم يدركون مسؤوليتهم الوطنية ويمارسونها بدون الإعلان عنها.. وأتمنى أن نقرأ في المستقبل مقالاً يقدم(تحقيق بالتقرير)عن الملحق الذي تبرع به أبناء سعود بهوان للمستشفى السلطاني، هذا بالإضافة إلى الملاحق السابقة التي تبرع بها المرحوم الشيخ سعود بهوان إحساسا منهم بالمسؤولية الوطنية تجاه صحة أبناء وطنهم.

    ردحذف
  19. تعجز المدح عن وصف عملك الرائع اختي المبدعه....ونتمنى لك المزيد من التقدم..
    وامنياني بأن الله يكتب الهداية ل بعض التجار

    ردحذف
  20. شكرا على وقوفك مع أبناء شعب عمان

    ردحذف
  21. اشكرك ع وجهة نظرك الأكثر من رائعه .... يستاهل المجتمع العماني الوقوف بجانبة في موضوع حماية المستهلك

    ردحذف
  22. خالد السرحني15 يناير 2013 في 2:10 م

    شكرا أختي كما تعودنا منك ودائما ما تطرحينه يلامس واقع مجتمنعنا وفقك الله لما يحبه ويرضاه

    ردحذف
  23. شكرا الاخت عائشه ع المقال

    ردحذف
  24. ألف شكر للكاتبة المبدعة الأخت الكريمة عائشة السيفي
    والشكر موصول لكل عماني بدأ يفكر في مصلحته ومصلحة وطنة
    ليقابل تغطرس من هم يهتمون بجمع المادة التي لا تغني ولا تسمن من جوع في وقت غير دنياهم...
    إن هذا الوطن الغالي العزيز وقائده جلالة السلطان المعظم أرادوا للمستثمر العماني أن يؤسس ويشارك في إقتصاد هذا البلد حتى يستفيد الوطن والمواطنين ويستفيد المؤسس في ظل التكاتف والتعاون الذي يجعل من هذا البلد ممتلكآ لمجتمع متآخي ومترابط في البناء
    فلا ضير بأن يستفيد الإنسان بالشيء اليسير ويواصل المسير في تدرج. بدلآ مما نراه من تهافت لجني الأرباح في أقصر فترة ممكنة إستغلالآ لحاجة المواطن الضعيف الذي لا يملك إلا الرضوخ المرغم جراء الحاجة التي جعلته في هذا الموضع.

    فالمواطن هو المعول عليه في البناء ومقاطعته للمغالين في الأسعار والبحث عن بدائل هي التي أجبرتهم على الرجوع للمنطق الذي يمكن أن يفسد لهم بضاعتهم..

    كما إن الدور التي تلعبه الهيئة العامة لحماية المستهلك ليس بالقليل
    ونسأل الله بأن يوفقهم في مساعيهم لحماية الوطن والمواطنين من وباء الطامعين الذين لا يفكرون كيف هو حال هذا المواطن الضعيف

    فألف شكر لمن رق قلبه وأنبه ضميره وفكر بصدق في عمان وأهلها
    وأتمنى من جميع التجار والوكلاء أن يسيروا على نفس النهج
    وأن يعلموا بأن هناك من سيحاسبهم وأن أموالهم لا نخلد لهم
    وصدق الله في كتابه الكريم ( إن الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم.... الى آخر الآية)
    صدق الله العظيم

    دمتم يا أبناء الوطن الأحرار في أتم صحة وأطيب عيش
    خلف قائد أحبكم وأحببتموه وأسس دعائم الأمن والعزة والإستقرار

    ردحذف
  25. احسنت وجزاك الله خير .
    كلام رائع ...

    ردحذف
  26. هاذى الموضوع مفبرك
    ويعتبر اعلان تجاري لشركات محسن حيدر درويش
    وهاذا النوع من الاعلانات من اول ما تحاربة هيئة
    حماية المستهلك
    فاي فقير يفكر بشرى سيارة جاكور او رنج روفر
    او ما شابة من هاذة السيارات
    يكفي لف ودوران

    ردحذف
  27. مارك سعيك وسعي من أحسن عملا

    ردحذف
  28. احسنت على الكلام الطيب لو يطبقو

    ردحذف
  29. ههههههههه تنكتو

    ردحذف
  30. شكرا لك الهيئة العامله لحماية المستهلك بس ياليت لو يمروا على كل وكالات السلطنة.
    الوكيل في الشرق الاوسط لوكالة تويوتا تويوتا من سلطنة عمان وعندما تأخذنا الحاجة إلى قطعة ما في السيارة نذهب لشرائها من الدول المجاوره بسبب فرق السعر.
    هل يعقل ذلك؟؟؟؟؟؟

    ردحذف
  31. شكرا للهيئة العامه لحماية المستهلك.
    يظنحن بحاجة الى الرقابه على جميع وكالات السلطنه لما في العديد منها من نصب واحتيال وكما ذكر أحد الأخوه كيف يعقل بأن وكيل بعض الوكالات من السلطنه وهو وكيل على مستوى الشرق الاوسط وعندما تردنا الحتجه إلى قطعة ما فإننا نلجأ للدول المجاوره بسبب فرق السعر

    ردحذف
  32. مقال رائع وجميل يا عائشة
    شكراً لكِ ولمحسن حيدر درويش هذه المبادرة الكريمة والذكية..

    ردحذف
  33. تشكرين على هذا المجهود و على اناملك الذهبية

    ردحذف
  34. سعيد الفارسي16 يناير 2013 في 3:37 م

    الخقيقة كلنا تفائل في تفاعل القطاع الخاص مع الجميع وبكل الاشكال والطرق

    ردحذف
  35. لك الله ياوطن

    ردحذف
  36. شكرا على المقال ، لكن من أين أتى محسن بثروته إلى من كد وتعب الفقير العماني!!!
    ولا زلت إلى يومنا هذا أريد شراء بلكات لسيارتي الباجيرو ( فهل يعقل بلك قيمته نصف ريال فقط تكون قيمته إثنا عشر (12) ريالا عمانيا ؟؟؟ حسبنا الله ونعم الوكيل ......ز

    ردحذف
  37. أسميه ذر الرماد على العيون - وخليكم من لو و لو ، فقط عندما يطبق القانون يتواضع المغالون

    ردحذف
  38. شكرا لك بارك الله فيك وفي امثالك

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن كُورونا، وفقر اللقاح، والشّعب العُمانيّ القنوع: أسئلة غير قنُوعة إطلاقاً

  تحذير: إن كنت لا تحب لغة الأرقام فلا تقرأ هذا المقال   في نُوفمبر 2020، سألتُ مارجي فان جوخ، رئيسَة وحدة المواصلات واللوجيستيات في المنتدى الاقتصادي في دافوس عن استقرائها لشكلِ السباق العَالمي نحوَ اللقاح فأجابتني بأنّ حربَ اللقاحات قد بدأتْ بالفعل وأنّ كل دولة ستكونُ معنية بشعبها فحسب، وأنّ ثلاث عوَامل ستحددُ أسبقية الدول في الحصول على اللقاح، أولاً: ذكاء السياسيين في كلّ دولة وحنكتهم الدبلوماسية ستوضع تحتَ الامتحان الحقيقي لاختبار مِرَاسهم في التفاوض على أكبر عدد من الجرعات مستغلةً علاقاتها الدولية وشبكة معارفها للحصول على أكبر كمية بأسرع وقت ممكن، ثانياً: قدرة فرقهِم الاستراتيجيّة على استقراء مستقبل إنتاج اللقاح وأيٍ من شركات إنتاج اللقاح ستنتجُ أولاً وبفعالية تحصين أكبر وثالثاً: قدرتها المالية التي ستحدد مقدرتها على المخاطرة بشراء لقاحات لم تعتمد بعد بناءً على استقرائها للمستقبل، (إنّها مقامرَة عليهم اتخاذها وإلا فالنتائج وخيمة). معربةً عن قلقها من أنّ المرحلة القادمة ستفتقد المساواة في توزيع اللقاح. (عائشة، إنهم يجوبون العالم -بينمَا نتحدّثُ- بملايين من الكاش لحجز اللق

اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1)

ملاحظَة للقارئ قبلَ الشّروعِ في القرَاءَة: عائشَة حياتهَا. . صفحة بيضَاء جداً ! أشاركُ قليلاً من بيَاضها إيَّاك وأودعُ الباقيْ لهَا ولمن تحبّ .. إذا كنتَ تحملُ مسبقاً أيةَّ "مخلّفات داخليَّة سوداء" فالرجَاء عدم القرَاءة حولَ عائشَة: عائشَة .. قد تكُون أنا أو قد تكُونُ أنتَ .. وليس بالضرُورَة أن تكُونَ من تقرأ لها الآنَ في هذهِ المدوّنة قد يتضمّنُ أدناهُ حكَاياتِي أنا .. وقد يكُون خليطاً من حكاياتِ صديقاتٍ أخريَات .. أجمعها في حياةٍ واحدَة حافلة تستحقُ أن يمتلكَ صاحبها حلماً جميلاً عائشَة التيْ أحكي عنها هنَا.. كائنٌ يحلمُ بحياةٍ جميلة رغمَ يقينها أنّ الحياة لن تكونَ ذلك بالضرُورة .. وهي فتاة ٌ بسيطَة جداً .. يحكيْ بعضهُم .. أنّها لا تزالُ طفلة ً ترفضُ أن تكبر .. ويقولونَ أنّها تحوَّلتْ إلى زوجةٍ عاديةٍ غارقةٍ في تفاصيلِ حياتهَا اليوميَّة بعد زواجها .. يقولُ بعضهمْ أن عائشَة لم تعُد تهتمّ كثيراً بمن حولهَا .. وأنّها تحوَّلتْ -كآلافِ البشر حولنا- إلى كائنٍ غير معنيّ بالضرورة بجدالاتنا الثقافيَّة اليوميَّة المملة .. التيْ قد أثيرها أنا أو أنتَ أو عبيد أو جوخة أو علياء من المثقفي

قلْ لي أنت تعمل في الديوَان.. أقل لك كم جنَيت؟!

جارنَا أبو أحمَد .. الذي أخبرتكُم عنهُ ذات مرَّة .. الرّجل الصادق الصدوق الذي نذرَ نفسهُ ومالهُ في خدمَة الناس .. كانَ كلّما أخرج صدقة ً أو زكاة ً للناس .. جاءهُ أناسٌ أثرياء آخرون يطالبُون بنصيبهم من الزّكاة .. وذلك لقولهم أنّ أبا أحمد يوزّع معونات يصرفها الديوان لهؤلاء الفقراء .. يأتون طارقين الباب مطالبين بحقّهم قائلين: نريد نصيبنا من فلوس الديوان .. ورغم أنّ أبا أحمَد لم يتلقَ في حياتهِ فلساً لا من ديوَان السلطان ولا ديوَان هارون الرشيد .. إذ بنى نفسه بنفسه .. فامتهنّ كل المهن البسيطة التي لا تخطر على البال .. بدأ عصامياً وانتهى .. لا أقول ثرياً وإنما ميسور الحال .. أذكرُ أنّ امرأةً أعرفها وهي من قبيلة البوسعيد .. وهي من العوائل التي تستلم نهاية الشّهر راتباً شهرياً بثلاثَة أصفار لا لشيءٍ سوَى أنها تقرب لفلان العلانيّ الذي يشغل منصب مدير دائرة الصحون والملاعق في الديوان الفلاني أو البلاط العلاني وهي أيضاً "تصير ابنة عم ولد زوجة خال الوزير الفلاني" ذهبت تشتكي مرةً من أنّ أبا أحمد لابد أنه يتلقى مبالغ أكثر منها من الديوان فلا هو ابن سفير ولا ابن أخت زوجة الوزير ولا هو من أص