التخطي إلى المحتوى الرئيسي

خافيير باردِيم في رسالَة مفتُوحة للعالم عن غزّة: أنا غاضب ومتأثّر وأشعر بالعار من كلّ هذا الظلم وقتل البشر. هؤلاء الأطفال هُم أطفالنا



عائشة السيفي

كانسَانة –قبلَ أن أكونَ مواطنةً عربيّة مسلمَة- أشعرُ بالمسؤُوليّة الانسانيّة والاخلاقيّة تجَاه ما يحدثُ في غزّة. وأعرفُ أنّ واجبي مساندَة القضيّة الفلسطينيّة ليسَ على مستوَى الدعمِ المالي فقط –كما يفعلُ عُمانيُون كثر هذهِ الأيّام- ولكن عبرَ تنوِير المجتمع العربيّ بالموقفِ الدّولي من مجازر غزّة الذي شهدَ مساندَة عاليَة المستوَى هذه المرّة. لا يُمكن للباطِل أن يحجبَ شمسَ الحقيقةِ وإن طال! أكثرُ ما يُؤلمني هوَ الصّمت العربيّ المعيب ليسَ من قبل الحكّام العرَب ولكن من قبلَ شخصيّات عربيّة اعتقدنَا أنّها صاحبَة موقف واتّضح أنّها كائنَات محترقَة بلا انسانيّة. محترقَة بصمتها المُخزي الذي اشترتهُ حكوماتها. ولأجلِ ذلك فأنا أحملُ على عاتقي هنَا همّ تنوِير الانسان العربيّ والعُمانيّ بالشخصيّاتٍ العالميّة التي لا تجمعها معنا لا روَابط العرُوبة ولا الجغرافيَا ولا الدّين ولا المذهب والتي تقُود اليَوم مبادراتٍ رائعَة لدعمِ غزّة .. فقط الانسانيّة وحدها هي التي تجعلها تقفُ موقفاً مشرّفاً أشرَف بألف مرّة من ملايين العَرب الذينَ خبؤوا رؤوسهم فيمَا تتواصلُ المجَازر الوحشيّة بمباركَة عربيّة في غزّة.
ولأنني من عشّاق فنّ هذا الممثّل العظيم الحائِز على الأوسكَار وجوائِز كثيرة عالميّة ، أنقلُ لكُم ترجَمتي لرسَالة خافيير بارديم المفتوحة للعالم .. إنّها ليستْ رسَالة من مواطنٍ عربيٍ .. إنّها رسالَة من مواطنٍ إسبانيٍ يعيشُ في الولاياتِ المتّحدة.. أرجُوكم اقرؤوها بتمعّن.

"" لم يَعد ثمة مكان للحيَاد والاعتدال فيمَا يتواصَل مسلسلُ الرّعب في غزّة. إنّها حربُ احتلال وتصفية لأناس بلا موارد أو وسائل دفاع ، محصُورون في بقعة أرض صغيرة بلا ماء ولا مستشفيات ولا إغاثة. وفيما يُستهدف الأطفال و"الإرهابيون المزعومون"
فإنّ من الصعب التصديق ومن المستحيل تبرير ما يحدث. كما أن موقف المجتمع الدولي بالسّماح لهذه "الإبادة الجماعية" بالحدوث هوَ أمرٌ محرج!

أنا لا أفهم هذه البربرية فتاريخُ اليهود المرعِب يجعلُ ما يحدث مبهماً بطريقَة وحشيّة.
وحدهَا التحالفات السياسيّة ، والنفاق الذي تتقنع بهِ مصالح الاستثمارات كالتذرّع التجاري تبرّر فقط الموقف المُعِيب للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسبانيا.

 أعرفُ أنّ بعضَ الأشخاص سيُصادرُون –كما يحدثُ دائماً- حقيَ الشرعي في إبداء رأيي ولأجل ذلك أودّ أن أوضح التالي:

نعَم ، لقد ولد ابني في مستشفى يهوديّ ، وذلك لأنني محَاط بأشخاص يهُود أحبهم ، ولأنّ كونكَ يهودياً لا يعني تبرير هذه المجزرة! تماماً كما أن كونكَ عِبرياً لا يعني أنّك صهيونيّ وأنّ كونك فلسطينياً لا يعني أنّك إرهابيٌ حمساوي. سيكُون هذا غير منطقيٍ تماماً كالربط بينَ كونكَ ألمانياً ونازياً!

نعم .. أنا أعمل في الولايات المتحدَة ولديّ من الأصدقاء والمعارف الذين يرفضُون التدخّلات والسياسَات المتعسفة. قالَ لي أحدهُم البارحة عبر الهاتِف: "لا يُمكن لأحد أن يدّعي الدّفاع عن النفس ويقتل الأطفال في نفس الوقت". وهنالكَ آخرون أناقشهم بانفتاح حولَ نقاط اختلاف رؤيتنا.

نعَم إنني أوروبي وأشعرُ بالعار من مجتمعٍ يُقال أنه يمثّلني بصمتهِ المُخزي.
نعَم .. إنني أعيشُ في إسبانيا وأدفع ضرائبي ولا أرغبُ أن تموّل أموالي السياسات المساندَة للبربريّة والتبادل التجاري مع دوَلٍ تزدادُ ثراءً بقتل الأطفال الأبرياء.
نعَم .. أنا غاضب ومتأثّر وأشعر بالعار من كلّ هذا الظلم وقتل البشر. هؤلاء الأطفال هُم أطفالنا.. إنّ هذا رعبٌ بحدّ ذاته. إنني أتمنّى أن يجد العطف طريقهُ إلى قلوب هؤلاء الذين يقتلونَ وأن يتلاشى منهم سمّ الإجرام الذي لا يخلقُ إلا مزيداً من الكراهية والعنف.

وأتمنّى للاسرائيليين والفلسطينيين الذينَ لا يحلمون إلا بالسلام والتعايش بأن يستطيعُوا في يومٍ ما أن يتقاسمُوا الحلّ.

إنني أدعُوكم جميعاً لتتصفحوا الروابط التالية:



خافيير بارديم
25 – يُوليو – 2014
صحيفة إلديارو الاسبانيّة ""




تعليقات

  1. جميل، شكرا لك على التنوير.

    ردحذف
  2. السلام عليكم

    بوركت أختي عائشة

    .......
    آمل ألا نصنف في صنف الساكت عن الحق

    ردحذف
  3. إتابع عقلك وأتدبر حرفك ..

    ردحذف
  4. مقالك جميل يا عائشة.. لكن لا أفهم لم ترجمت كلامه إلى "إرهابي حمساوي" و ليس "إرهابي من حماس".. الصيغة الأولى أشعرتني أنك تعتقدين بأن حماس إرهابية فعلا..

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هلْ أنفقَ "قابُوس بن سعِيد" 64 مليُون دولار على منظمَاتٍ بريطانيّة؟

"قابُوس بن سعِيد يكرّم هيئة حقوق الانسان البريطاني 21 مليون دولار ومساعدَة للمنظمة المالية البريطانية 43 مليون دولار" هكذا وصلتنيْ رسالة تناقلهَا الناسُ مؤخراً عبر أجهزة البلاك بيري وبرنامج الوتسأب ومواقع التواصل الاجتماعي .. تناقلَ الناسُ الخبر "المُصَاغ بركاكة لغويّة" بحالة من الغليان حول تبرع السلطان قابوس لمنظمات بريطانية بـ64 مليون دولار. وصلتنيْ الرسالة من أشخاصٍ مختلفين ولم يستطع أيٌ منهم أن يجيبني على سؤالي حولَ مصدر الخبر .. كان جميعهم يتناقل الخبر دون أن يكلّف نفسه بالعودة إلى المصدر .. بحثتُ عبر الانترنت عن أيّ موقع أو تقرير يتحدث عن الهبةِ السلطانيّة "السخيّة" ولم أستطع الوصول إلى أيّ موقع إخباري أو رسميّ يتحدث عن التبرع. وحينَ حاولتُ البحث عن المؤسستين البريطانيتين المذكورتين أعلاهُ لم أجد لهما ذكراً على أخبار الانترنت إطلاقاً سوى مواضيع طرحها أعضاء منتديات وضعوا الخبر هذا في منتدياتهم وأشاروا إلى المؤسستين بهذا الاسم. حينهَا قرّرتُ أن أصلَ بنفسي إلى مصادر تؤكدُ لي –على الأقل- صحّة المعلومة من عدمها. حاولتُ البحثَ باللغتين عن مواقع ل...

إذا تريدوا ملابس العيد، روحوا رقطوا (1)

5 قيم تعلمتُها من أميّ: غزالة بنت ناصر الكندية   عائشة السيفي صبيحَة يوم الأحد غسلتُ أمي وكفنتها مع أخواتي. جهزتُ لها لبسةً من حرير فأبلغتني المكفنةُ أن علي أن آتي بلبسة من قطن تخلو من الزركشة. اخترتُ لها أجمل ملابسها وبخرتُها كما كنت أبخر ملابسها لعشرات السنوات كل عيد. أذنتُ في أذنيها، وتأملت أصابعها المنفرجة وأنا أضع بينها الصندل. كانت كقطعة الحرير ببشرتها الصافية وكنت أحدثها: ما أجملك حيةً وما أجملك ميتة. كان مشهداً عظيماً لا أعرف كيف ألهمني الله لأعيشه. أعرفُ أنني كنت شاخصة العينين ولا أذكر أنني بكيت كثيرا.. كانت دموعي تنهمر بصمت إلى أن حملوها في الطارقة وتواروا عن الأنظار. لا أذكر كثيرا مما حدث بعدها فقد سقطتُ طريحة الفراش ليومين. ماتت أمي غزالة بنت ناصر الكندية بعد رحلة ثماني سنواتٍ ويزيد مع مرضٍ لعين اسمهُ ملتي سيستم أتروفي. ومنذ جرى تشخيصها، جُبنا بها أطباء العالم لعلنا نجدُ لها علاجاً فكانت النتيجة واحدة: إنه مرض نهايته الموت، الفارق فقط هو حتى متى سيعيش صاحبه. لسنواتٍ عاشت أمي وعشنا معها معاناةٍ مريرة لا يعلمها إلا الله ونحنُ نتأمل بعجزٍ شديد كيف كانت تنتقل من و...

السيّد نائب رَئيسِ مجلسِ الوزراء ... الخُبز أم الكَعك؟

السيّد نائبُ رئيس الوزراء ... الخُبز أم الكعك؟ نسخَة من الرّسالة إلى وزيرَي التجارَة والصنّاعة والمَكتبِ السّلطاني. صاحب السموّ السيّد فهد بن محمُود نائبَ رئيسِ الوزراء.. تحيّة طيبة وبعد: دعني قبلَ أن أبدَأ رسالتيْ أن أحكي لكَ قصّة ماري انطوانيت .. آخر ملوك فرنسَا .. ففيمَا كانت الثورَة الفرنسية تشتعلُ والجماهيرُ الفرنسيّة الغاضبَة تحيط بقصر فرسَاي لتخترقه كانَت الجماهيرُ تصرخُ: نريدُ الخبز ، نريدُ الخبز! شاهدَت ماري انطوَانيت الجماهير يصرخُون من شرفَة قصرهَا وسألتْ كبيرَ خدمها: لماذا يريدُ الناسُ خبزاً؟ فأجابها: لأنهم لا يستطيعُون شراءه أيها الملكة! فردّت عليه بقمّة اللامبالاة والجهل: "إذا لم يجدوا خبزاً لماذا لا يشترونَ الكعك"! .. لقد كانتْ ماري انطوانيت تجهَلُ أنّ الكَعك أغلى من الخُبز فإن كانُوا عدمُوا الخبز فقد عدمُوا الكعكَ قبلهُ.. ظلّت هذه القصّة لأكثر من ثلاث قرونٍ من الزّمان حتّى اليوم مدارَ ضرب الأمثال في انفصَال المسؤُول عن واقعِ النّاس ومعيشتهم.. لأنّها كانت تتكررُ في أزمنة وأمكنة مختلفة. أتساءَل فقط سيّدي الكريم إن كنتَ تعرفُ كيفَ يعيشُ المواط...