التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الشوفينيّة التيْ لا نعرفُ ! / رُدُهـَات

الشوفينيّة التيْ لا نعرفُ !

http://www.alwatan.com/dailyhtml/culture.html

عائشَة السيفيّ

ufuq4ever@yahoo.com


وفقاً للموسوعة الحرّة ويكيبيديَا فإنّ الشوفينيّة تعنيْ فكرَةً متطرِفَة وغَير مَعقُولَة يتم بموجبِها التعصّب لمَجمُوعَة ينتمِي إليهَا الفَردُ، وخَاصّة عندمَا تتضمّنُ المجمُوعَة حقدَاً وكرَاهِيةً تجَاهَ أيّ فريقٍ منافِسٍ. حينَ خرجتِ الشوفينيّة كمصطلحٍ لم تكن تحملُ فرقاً كبيراً بينها وبينَ نظَام التعصّب العرقيّ الذي وضعَ أسسهُ علمياً عالمُ الاجتماعِ الأميركيّ وليَام سمنَر الذي عرّف التعصّب العرقيّ على أنّه النظرُ إلَى جمَاعَةٍ مَا علَى أنّها مرْكزُ كلِّ شيْءٍ، وَجميعُ الآخرِين يُوزنُون وَيرتّبُون بعدَهُم. غيرَ أنّ الشوفينيّة خرجتْ في القرنِ الأخير من كونهَا مصطلحاً إلى كونهَا أساس مركّب تتفرّع عنهُ مصطلحَات أخرى فالشوفينيّة لم تعد –كما خرَجتْ في بداياتِها- قائمَة على التعصّب لعرقٍ أو وطنٍ وإنّما حملتْ فكرَة التعصّب لأيّ مذهَب ، فكرَة ، حزبٍ سياسيّ ، ثقافيّ أو اجتماعيّ .. التعصّب لفكرَة خارجَة من أيّ تجمّع يهمّش أي تجمّع آخر غيرهُ ..

خرجتْ كلمَة الشوفينيّة إلى النّور –كما تشيرُ الكاتبَة لمى العثمان فيْ إحدَى مقالاتهَا- كاشتقاقٍ من حكَايَة أرّختها كتبُ التاريخ الفرنسيّة عن جنديّ فرنسيّ يدعَى ( نيكُولا شيفان ) وهوَ جنديٌ مشهُور خاضَ حروباً كثيرةً في جيش نابليُون وكانَ يتعصّب لسيَادة الامبراطوريّة الفرنسيّة على بقيّة الأعراق والدوَل .. وظلّ رغمَ إثخانهِ بالجراح في الحرُوب التي خاضها نابليُون متعصباً لفكرَة أنّ فرنسَا هيَ الأعلى ولا شيءَ آخر غيرها ..

تعصّب شيفان جعلهُ أساسَ اشتقَاق كلمَة الشوفينيّة التيْ تطوّرتْ لاحقاً إلى ما هيَ عليهِ الآن ..

الشوفينيّة ليستْ غريبة ً على الإطلاق عن التاريخ الانسانيّ القدِيم الممتدّ لآلافِ السنين منذُ عهدِ الرُوم والفرس اللذينَ كانَ ينادي كلّ شعبٍ منهمَا بسيَادتهِ على بقيّة الشعُوب الأخرى وبأحقيّته في أن يملكَ سلطَة الفوقيّة التيْ تخوّلهُ التعاملَ بازدرَاء واحتقَار لأيّ جنسٍ بشريٍ آخرٍ .. وعلى هذا الأسَاس امتدتْ هذهِ الفكرَة سوَاءً عبرَ قبائل العربِ القديمَة التيْ لا أبرز منهَا حرب البسُوس التيْ دفعتْ أجيالها حتّى بعد قرنٍ من الزّمان للتعصّب والحميَة للقبيلَة بصرفِ النظرِ عنْ كونهَا محقّة أو مخطئة ..واعتبَار أيّ مسّ بأي رمزٍ ينتميْ بشكلٍ أو بآخر لقبيلَة الفرد هوَ مسّ شخصيٌ وإهَانة لهُ ..

ولمْ يدفعْ ضريبَة الشوفينيّة كما دفعهَا الملوّنُون وخاصّة ً الزنوج الذينَ زجّ بهِم في هذهِ الدوّامَة التاريخيّة المتكرّرة .. أبرزهَا نظام الفصل العنصريّ الذي مارسهُ البيض باعتبَارهم الجنس السّائد وما سوَاه يندرجُ كتابع .. وبلغتْ مغالاةُ الشوفينيّة لديهم بتقسيم حكُوميّ رسميّ لمجتمع جنُوب أفريقيَا إلى تجمّعات يتم تقسيمهَا بناءٍ على تصنيفات كَـ أسود ، هنديّ وغيرهِ .. إلى حين فوز التجمّع الوطنيّ بقيادَة مانديلا ..

وإنِ اختفتْ مظَاهرُ الإفصاح عن سيَادة العرق إلا أنّها ظلت بارزَة حتّى في مجتمعاتنا العربيّة والخليجيّة تحديداً ، فهناكَ النظام القبليّ الذي يرَى باعتبَار أفرادهِ مميّزين عن بقيّة أفراد التجمعاتِ القبليّة الأخرى ولماذا نذهبُ بعيداً .. ففيما نتخطّى العقد الأول من الألفيَة الجديدَة لا تزال بعضُ القبائل ترفضَ زوَاج أفرادها من خارجها أو بناء علاقات اجتماعيّة مع التجمعَات الأخرَى بدُون أيّ فرضيّة علميّة منطقيّة .. ليسَ هذا فحسب بلْ إنّ هواتفنا لا تخلُو من النوَادر والنكَات التي تستهدفُ نطاقاً معيناً من الخلفيَات العرقيّة العمانيّة بحجّة الضّحك والفكاهَة رغم أنّها تكون مؤذيَة وجارحَة ..

الشوفينيّة هذهِ تدفع بالمقابل هذهِ الخلفيات العرقيّة إلى التعصّب لبعضهَا البعض .. ففيْ الشركات والمؤسساتِ تجدُ العمانيّ القادم من أصولٍ ما يتعصّب للقادمين من نفسِ أصولهِ الأصليّة .. وتجدُ مع مرُور الوقت تجمّعات قائمَة على العرق الأصليّ الذي قدمَ منهُ ذلكَ العمانيّ ..

لقد شهدتُ ذلك بنفسيْ في شركةٍ عملتُ بها في الصّيف في الصحرَاء .. فكنتُ ألمح هذا التعصّب في الوجبَات حيثُ يتجمّعُ كلّ فردٍ مع العرق الأصليّ الذي ينتمي إليهِ .. وكانَ في الوحدَة السكنيّة التي نقيم بهَا مطعمٌ لا يذهبُ إليهِ سوَى مجمُوعة معيّنة تجمعهَا وحدَة العرق الأصليّ واللغَة التي يتحدّث بها أفرادها ولا أحدَ آخر من خارجِ تجمّعهم يأتي معهُم ..

الشوفينيّة كتعصّبٍ ليسَت قائمةً على فكرَة السيَادة العرقيّة فحسب .. وإنّما المذهبيّة الدينيّة أيضاً .. فنحنُ مثلاً لا نقبل بأيّ شكلٍ من الأشكال انتقاد المذهب الدينيّ الذي ننتمي إليهِ ونتعصّب لأفرادهِ ولشيوخهِ ونثُور لتوجيهِ أيّ نقدٍ بحقّه .. بل إنّ مبلغ الشوفينيّة أن يرفضَ أفرَادُ مذهبٍ صلاةَ أفرادِ مذهبٍ آخر معهُ وخروج فتاوَى من رجالات مذاهبهِم بعدم جواز صلاةٍ يؤمهّا رجلٌ من مذهبٍ دينيّ آخر ..

وَليسَ ببعيدٍ عن عُمان فحينَ خرجَ كتابٌ لمؤلّفٍ عُمانيّ يفنّد وينتقد بشكلٍ موضوعيّ فكرة ً معيّنة ينادي بها رمزٌ من رموز الدينِ لدينا ثارتِ الدنيا ولم تقعد .. بلْ إنني أذكرُ أنّ صديقة ً لي كانت توزّع كتاباً كتبهُ ذلك الرمز الدينيّ للردّ على الكتابِ الأوّل مجاناً وحينَ سألتُها: هل قرأتِ الكتاب؟ قالت: لا ، لكنّ والدي قرأه وأعطانيْ هذهِ النسخ لأوزّعها مجاناً للطالبات معي..

الثقَافَة ليستْ بمعزلٍ عن هكذا تعصّب وتطرّف ليسَ أبرز منهُ ما تمارسهُ القنوَات الفضائيّة من تسييسٍ لقيم الشعب والقبيلَة بشكلٍ جاهليّ عبر برامجها الشعريّة التي تفتحُ أبواقها لشعرَاء يمتدحُ كلٌ منهُم قبيلتهُ ودولتهُ وعرقهُ .. ويصَابُ المتابعُ بالغثيانِ وهوَ يتابعُ تعليقات المشاهدينَ أسفل الشاشة التي تمثّل انحداراً لقيم الموضوعيّة وتكريساً لتعصّب التصويت ليسَ للنصّ الجميل والفكر المثقّف وإنما لفكرِ ابن القبيلة الذي يصوّتُ لشاعرِ القبيلَة ..

ومنْ ثمّ امتدت شوفينيّة الثقافَة لتضربَ صناعَة النشر لدينَا فالشّاعر الفلانيّ الكبير لا ينشرُ في دار النشر الفلانيّة لأنّ صاحبها وهوَ مثقفٌ آخر يتصادمُ فكرياً مع الشاعر ذاك .. وبناءً عليهِ يتحوّل ممجدُو وتابعُو ذلك الشاعر أيضاً لنفس توجّهاتهِ دونَ أساسٍ منطقيّ ..

شوفينيّة كهذهِ أصبحتْ مقزّزة ونحنُ نرَى الشعب والصحَافة والإعلام يكرّس لها بعد مباراة عابرَة مع دولَة شقيقَة تفوزُ فيها دولَة على الأخرى وتبدأ بقليلٍ من المناوشات وتنتهيْ بإحراق أعلام كلّ دولة في الدولة التيْ تنافسهَا ومنْ ثمّ تمتد لتحصدَ وفيّاتٍ وقتلَى من الطرفين وجيلاً بعد جيلٍ تكرّس تلك الفكرة وتترسّخ دونَ أن تكونَ قائمَة على أساسٍ غيرَ ترسّبات قديمَة صنَعتها لعبَة الكرَة والريَاضة .. ولسنَا في عُمان ببعيدينَ عن هكذا أجوَاء كانتْ حاضرَة جداً فيْ آخر خليجيّ كرويّ قبلَ عام ..

قبلَ أيّام وفيما كنّا في البحرين لنشاركَ في مهرجَان الشّعراء الشبابِ العرب كانَ بعضُ الشعراء القادمين من دولَة عربيّة اشتدتْ وطأة الخلاف بينها ودولَة أخرى إثر مباراة ممهّدة للتأهل لمونديال العالم .. كان شعرَاء إحدى الدولتينِ يحضرُون الأمسياتِ الشعريّة وقدْ حزمُوا رؤوسهم بأعلامِ بلادهم وكأنُهم داخلُون في معركَة قتاليّة وليسَ في تجمّع شعريّ يترفّع عن هكذا تفاهات .. ليسَ هذا فحسب بلْ إنّ أحد شعرَاءِ الدولتينِ أحرجَ المجتمعين وهوَ يمرّ بكاميرتهِ الفيديُو ليسألَ الشّعراء.. ما الذي تريدُون قولهُ للشعبِ الـ......؟ كلمَة توجّهونها لشعبِ ..... المجيد؟

بهذَا الشكلِ نتعصّب لمفاهيمنا دونَ أساسٍ واضح .. لا نقتنعُ بأيّ فكرَة سوَى أفكارنا ولو ناقشنَا لقرنٍ كاملٍ من الزّمان في صحّتها أو خطئها الطرفُ الآخر .. لا نقبلُ بالمسّ بأفكارنا ونعدّها مقدساتنا التيْ لا تطالها يدٌ ولا ينقِصُ منها الخطأ .. في حواراتنا شوفينيّون .. وفي منتدياتنا الانترنتيّة شوفينيّون .. وحتّى في نكاتنا التيْ نتبادلها ..

ليسَ صحيحاً أن الشوفينيّة انتهتْ بعد سقُوط هتلر الذي يمجّد لعرقهِ وأبناء شعبهِ أو بعدَ انتهاءِ فاشيّة موسوليني .. بل إنّ الشوفينيّة أصبحت فضفاضة ً أكبر واتّسع جناحاها لتشملَ تفاصيل حياة الانسانِ المعاصر الذي يجهلُ أن كثيراً من المفاهيم التيْ يعيشها في حياتهِ قائمَة على تعصّبه لفكرتهِ / مذهبهِ / عرقهِ / توجّهه السياسيّ أو مكانَة قبيلتهِ الاجتماعيّة .. ثمّة أزمَة شوفينيّة لمْ تستطع ثورَة التكنُولوجيا والعصريّة إخفَاء بقعهَا بالماكيَاج !

تعليقات

  1. عـائِشـة ..
    مسـاؤكِ خيْر ..

    بالفعل الشوفينـيّـة والتّعصّب بجميـعِ أنواعه تفشّى كثيـراً في المُجْتـمَـع والسّبب في ذلِك قِصر الفِكْر لدى النّاس ..
    ولا أظنّ أنّ أحداً لايَخْـلو ولو منَ القليلِ مِن هذا التّعصب

    شخصيّـاً أمْلُك شوفينيّة عجيـبة خاصّة فيمـا يتعلّق الأمر بالقبيـلة والوطـن المحلّي " بلدتي" , لكـن في الغالب يوْقِفـني المنطِق عِندمـا أكونُ مخْطِئـاً - ولكـن الحذر أن تقول لمن حولك أنّك مُخطِئٌ هذهِ المُسلّمـات -
    أُحـاوِلُ ما استطعتُ التّقليل من هذهِ العادةِ ولكـن لا أظنُّهـا ستزول بِسـُهـولـة ..

    عُمـومـاً .. لا تصل شوفينيّتنـا أنا ومُجـتمعي إلى ما وصلت إليهِ في مُجْتمـعاتٍ أُخرى في البِلاد ..
    فـالتّعصُّب في عُمـان عُرِف مـنذُ قرونٍ عديدة كانت بدايتها عِندمـا انقسمت القبائل العُمـانية وتبِعاتها إلى قسميـن , ما يطلق عليهم بـ"الغافريّة والهِنـاويّة" ولا زال هذا المبدأ قائمـاً يتعصّب لأجْلِهِ الفرد حتّى في أدنـى الأُمـُور في جميـع القبائل العُمـانية ..
    لا أُنْكِرُ أنّها بدأت تقلُّ تدرِيْجيّـاً مع الزَّمـنِ ولكنّها لا زالت باقية رُغمَ التطوّر الفكري الذي ارتقـى بالعقل البشري لأكبر من هذهِ الأمـور ..

    أمّا إذا كان جينا إلى مصر والجـزائر فشخصيـا سأستخدم شوفينيّتي لأُجاوب :
    " يستـاهلوا عصـى خيزران تتكسّر في ظهورهم"
    والغمّ أنّه وصلت المواصيل وقلّة "العقل" إلى حُكـومـةِ البلديـن ..!!

    مودّة

    ردحذف
  2. ذكرتيني بأيّام خليجي 18 ...

    ------------------------

    ارى ان الشوفينية حالة وراثية انتقلت الينا اباً عن جد و بدرجات مفاوتة ...ربما ...


    لست ادري لست اعلم ؟! ..:)

    تحية نقية ...

    ردحذف
  3. أنا غالباً أكون في مجموعة فتيات تجمعنا علاقة واحدة وهي أننا من منطقة واحدة، ولكن هل هذا يعني أننا شوفينيات؟!

    لماذا ننغص على أنفسنا عيشنا أكثر ونعقد مشاكلنا ونأتي بمثل هذا المصطلح الغربي الذي قد يكون عادلاً أن نوصف أم لا. ربما من الأفضل أن نبتعد عنه قليلاً، وننصف في تسمية الأمور بمسياتها.

    وجزيت خيراً.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا تريدوا ملابس العيد، روحوا رقطوا (1)

5 قيم تعلمتُها من أميّ: غزالة بنت ناصر الكندية   عائشة السيفي صبيحَة يوم الأحد غسلتُ أمي وكفنتها مع أخواتي. جهزتُ لها لبسةً من حرير فأبلغتني المكفنةُ أن علي أن آتي بلبسة من قطن تخلو من الزركشة. اخترتُ لها أجمل ملابسها وبخرتُها كما كنت أبخر ملابسها لعشرات السنوات كل عيد. أذنتُ في أذنيها، وتأملت أصابعها المنفرجة وأنا أضع بينها الصندل. كانت كقطعة الحرير ببشرتها الصافية وكنت أحدثها: ما أجملك حيةً وما أجملك ميتة. كان مشهداً عظيماً لا أعرف كيف ألهمني الله لأعيشه. أعرفُ أنني كنت شاخصة العينين ولا أذكر أنني بكيت كثيرا.. كانت دموعي تنهمر بصمت إلى أن حملوها في الطارقة وتواروا عن الأنظار. لا أذكر كثيرا مما حدث بعدها فقد سقطتُ طريحة الفراش ليومين. ماتت أمي غزالة بنت ناصر الكندية بعد رحلة ثماني سنواتٍ ويزيد مع مرضٍ لعين اسمهُ ملتي سيستم أتروفي. ومنذ جرى تشخيصها، جُبنا بها أطباء العالم لعلنا نجدُ لها علاجاً فكانت النتيجة واحدة: إنه مرض نهايته الموت، الفارق فقط هو حتى متى سيعيش صاحبه. لسنواتٍ عاشت أمي وعشنا معها معاناةٍ مريرة لا يعلمها إلا الله ونحنُ نتأمل بعجزٍ شديد كيف كانت تنتقل من وهنٍ

عن كُورونا، وفقر اللقاح، والشّعب العُمانيّ القنوع: أسئلة غير قنُوعة إطلاقاً

  تحذير: إن كنت لا تحب لغة الأرقام فلا تقرأ هذا المقال   في نُوفمبر 2020، سألتُ مارجي فان جوخ، رئيسَة وحدة المواصلات واللوجيستيات في المنتدى الاقتصادي في دافوس عن استقرائها لشكلِ السباق العَالمي نحوَ اللقاح فأجابتني بأنّ حربَ اللقاحات قد بدأتْ بالفعل وأنّ كل دولة ستكونُ معنية بشعبها فحسب، وأنّ ثلاث عوَامل ستحددُ أسبقية الدول في الحصول على اللقاح، أولاً: ذكاء السياسيين في كلّ دولة وحنكتهم الدبلوماسية ستوضع تحتَ الامتحان الحقيقي لاختبار مِرَاسهم في التفاوض على أكبر عدد من الجرعات مستغلةً علاقاتها الدولية وشبكة معارفها للحصول على أكبر كمية بأسرع وقت ممكن، ثانياً: قدرة فرقهِم الاستراتيجيّة على استقراء مستقبل إنتاج اللقاح وأيٍ من شركات إنتاج اللقاح ستنتجُ أولاً وبفعالية تحصين أكبر وثالثاً: قدرتها المالية التي ستحدد مقدرتها على المخاطرة بشراء لقاحات لم تعتمد بعد بناءً على استقرائها للمستقبل، (إنّها مقامرَة عليهم اتخاذها وإلا فالنتائج وخيمة). معربةً عن قلقها من أنّ المرحلة القادمة ستفتقد المساواة في توزيع اللقاح. (عائشة، إنهم يجوبون العالم -بينمَا نتحدّثُ- بملايين من الكاش لحجز اللق

اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1)

ملاحظَة للقارئ قبلَ الشّروعِ في القرَاءَة: عائشَة حياتهَا. . صفحة بيضَاء جداً ! أشاركُ قليلاً من بيَاضها إيَّاك وأودعُ الباقيْ لهَا ولمن تحبّ .. إذا كنتَ تحملُ مسبقاً أيةَّ "مخلّفات داخليَّة سوداء" فالرجَاء عدم القرَاءة حولَ عائشَة: عائشَة .. قد تكُون أنا أو قد تكُونُ أنتَ .. وليس بالضرُورَة أن تكُونَ من تقرأ لها الآنَ في هذهِ المدوّنة قد يتضمّنُ أدناهُ حكَاياتِي أنا .. وقد يكُون خليطاً من حكاياتِ صديقاتٍ أخريَات .. أجمعها في حياةٍ واحدَة حافلة تستحقُ أن يمتلكَ صاحبها حلماً جميلاً عائشَة التيْ أحكي عنها هنَا.. كائنٌ يحلمُ بحياةٍ جميلة رغمَ يقينها أنّ الحياة لن تكونَ ذلك بالضرُورة .. وهي فتاة ٌ بسيطَة جداً .. يحكيْ بعضهُم .. أنّها لا تزالُ طفلة ً ترفضُ أن تكبر .. ويقولونَ أنّها تحوَّلتْ إلى زوجةٍ عاديةٍ غارقةٍ في تفاصيلِ حياتهَا اليوميَّة بعد زواجها .. يقولُ بعضهمْ أن عائشَة لم تعُد تهتمّ كثيراً بمن حولهَا .. وأنّها تحوَّلتْ -كآلافِ البشر حولنا- إلى كائنٍ غير معنيّ بالضرورة بجدالاتنا الثقافيَّة اليوميَّة المملة .. التيْ قد أثيرها أنا أو أنتَ أو عبيد أو جوخة أو علياء من المثقفي