التخطي إلى المحتوى الرئيسي

"دِي سَاد" .. وجدلُ الفصلِ بين النصّ وسادِيَّةِ محتوَاه ؟ / ردُهـات

"دِي سَاد" .. وجدلُ الفصلِ بين النصّ وسادِيَّةِ محتوَاه ؟

عائشَة السيفيّ

ufuq4ever@yahoo.com



لم يُثرْ أيّ كاتبٍ أدبيّ جدلاً حولَ الفصل بينَ تقييم النصّ الأدبيّ وتقييم محتوَاه من أحدَاث وتفاصِيل كمَا أثَارتهُ كتابات الماركِيز فرَانسوَا دي سَاد .. ولمْ يُلعَن روائيٌ على كتاباتهِ على مرّ التاريخ كما لعنَت هذهِ الشخصيّة المثيرَة للجدَل ..


لعلّ كثيراً منّا يقرأُ أو يرى على التلفزيُون مصطلح "ساديّ" أو ساديّة دونَ أن نفكّر من أين نشَأ هذا المصطلح .. ووفقاً لتعرِيف علمَاء النفس فإنّ الساديّة هي الشعُور بالرّضا حينَ يتألّم الطرف الآخر أو يشعر بالمعَاناة وتردُ كثيراً في عالم النّفس الجنسيّ وتحليل كثير من سلُوك المجرمين خاصّة .. أشهر المجرمين العالميين الذي هزّوا أخبَار الصحف بجرائمهم أو Serial killers الذينَ استهدفُوا في ضحَاياهم الكثِير من العاهرَات وقتلهنّ بعدَ تعذيبهنّ جسدياً ..


الحَديث عن حياة الكونت دي سَاد يدخلنَا إلى عوالِم غريبَة جداً نتسَاءل خلالهَا هل فعلاً من حقّ القارئ محاكمة النصّ الأدبيّ من ناحيَة أدبيّة فقط؟ أم أنّ من حقهِ أيضاً أن يعاقب الكاتب على ما يحتويهِ نصّه من إيعازاتٍ وتفاصيل؟


ويفرض علينا التساؤل أيضاً هل يحقّ للقارئ أن يحاكِم الروائيّ على ما نسجهُ خيالهُ من أحداثٍ مفترضَة؟ أمْ أنّ من حقّ الروائي نسج أي أحداث في روايتهِ بافتراض أنّها لا تخرج عن دائرة التخيّل وأنها لم تؤذِ أحداً ..


اشتقّت كلمَة الساديّة إذن من اسمِ الكونت دي سَاد الذي ولد في عام 1742م لأحد النبلاءِ الباريسيين .. ونشَأ كأيّ فتى عاديّ بين والديه وفقَ تعاليم الكنيسَة التيْ كانت مسيطرَة في ذلك الوقت في كلّ حيثيّات المجتمع الفرنسيّ .. ومنذُ نشأتهِ بدأت تتضحُ ميُول دي ساد الساديّة في الجنس وغيرهِ وبدَأ بالاعتراف بأفكارهِ الإلحاديّة واعتبارهِ أنّ الطبيعَة وحدها كفيلَة بإخرَاج شرور الانسَان الكامنَة وأنّها إن لم تظهَر فهذا لأنهُ يكبتها بدافع من الضمِير واعتبَارها أفعالاً خاطئة .. فأسرع والداهُ بعقدِ صفقةِ زواجهِ على واحدَة من بنات أشهَر العائلات الباريسية آنذَاك ثراءً .. غيرَ أنّ هذا لم يثن الكونتَ عن نزوَاتهِ الجنسيّة التيْ كانَ أبرزهَا احتيَاله على فتاة فقيرَة بادّعاءِ توفير عملٍ لها واحتجازهِ لها في قصرهِ وتعذيبها بجَلدِها وسكب الشّمع الساخن عليها .. ولم تنجُ تلك الفتاة منهُ إلا برمي نفسها من الطابق الثاني بقصرهِ وإبلاغ الشرطَة عنهُ غير أنّ الفتاة تنازلتْ لاحقاً بضغوط من عائلتهِ على عائلتها الفقيرَة ..


لم توقِف تلك الحَادثَة هذا الرجل عن مواصلة أنشطتهِ الساديّة الغرائبيّة بلْ زادتهُ تعنّتاً كانَ آخرها إغواء أختِ زوجتهِ التيْ جاءت لزيَارتها .. والتيْ كانتْ تخطّط لأنْ تكونَ راهبَة .. هذا الأمرُ دفعَ أمّ زوجتهِ إلى تعقّب أي زلّة منه للزج بهِ للسجنِ رغبةً للانتقَام منهُ بعد أن خانَ دي سَاد زوجتهُ مع أختهَا .. لمْ يتوقّف الأمرُ عند هذا الحدّ فبعدها بقليلٍ هزّ المجتمع الباريسيّ حدث إبلاغِ أربعَةٍ من المومسَات بلاغاً ضدّه لدى الشرطَة الفرنسيّة باتهَامه بتسميمهنّ وتمزِيق أجسَادهنّ بالسيَاط الحديديّة في حفلَة جنسيّة داعرَة شاركَ بها خادمهُ المقرّب بينَ جنسٍ وسحَاق ولوَاط وتعذِيب.


فحكمَ عليهِ القضَاء بالمَوتِ شنقاً هُوَ وخادمهُ لكنّ حادثة ٌ كهذهِ دفعت الكونت للهَرب مع زوجتهِ وأختهَا إلى إيطَاليَا وهنَاكَ قامَ بتأليف عملهِ الروائيّ الأوّل .. الرحلة إلى إيطَاليا أو عنوانٍ آخر عدلهُ لها هي الرحلَة إلى سافوي .. نسبة ً إلى اسم القصرِ الذي أقامَ بهِ ..


ورغمَ خيانته لها مع العشرات من الرّجال والنسَاء حتّى مع أختهَا .. ظلّت زوجتهُ تجالدُ معهُ وتقفُ بجانبهِ ..

استطَاعتْ أمّ زوجته بعدَ ذلك إغراءهُ بالعودَة وذلكَ بنقل خبر مرض والدتهِ الشديدِ إليهِ وما أن وصلَ إلى باريس حتّى قامت الشرطَة بالإمسَاك عليهِ .. وباستخدَام وساطات عائلتهِ تمّ تخفيف الحكم عليهِ من الإعدامِ إلى السّجن .. في السّجنِ كتبَ دي ساد أشهَر رواياتهِ وهيَ روَاية 120 يوماً في سادوم وهي روَاية مقزّزة للغايَة تعجّ بمشاهد العنف والتعذيب تتحدّث عن أربعَة أثرياء يجلبُون أربع قوّادات إلى قصر معزُول في أعالي الجبَال لتتحدّث كلّ قوادَة عن مغامراتها الجنسيّة وأساليبها الجسديّة الأعنف .. ويقُوم هؤلاء الأثريَاء الأربعة باحتجَاز 42 فتَى وفتاة .. يتمّ إنزال أصنَاف العذَاب الجسديّ بهِم .. بهذهِ الروَاية بدأت كتَابات دي ساد تلقى رواجها في المجتمعِ الفرنسيّ .. وكانَ يقوم بتهريبهَا بطرقٍ مختلفَة من سجنهِ.. وكتب خلالَ فترة سجنهِ أشهر رواياتهِ كروَاية جوستِين .. وهي روَاية ترجمَتْ للعربيّة ومتوفّرة على الانترنت بلغاتٍ شتّى .. وهذه الرواية استلهمَها دي ساد من فتَاة قابلهَا تقترب حياتهَا بشكلٍ كبير من أحداث روايتهِ تلك .. وتتحدّث عن امرأة اسمها جستِين حكمَ عليها بالإعدام لارتكَابها جرائمَ عدّة وتروي قصّتها لامرَأة أخرى تتحدّث عن أنّها كانت فتاةً فاضلَة إلا أنّها تعرّضت في حيَاتها لكثيرٍ من التعذِيب والعنف من رجالٍ مختلفين غيّروا شخصيّتها وتتضمّن الروَاية كذلك مشاهدَ عنفٍ كثيرَة مليئة بالساديّة أبرزهَا لحظَة الانفجَار التيْ قادتْ جوستين للإعدَام وذلكَ بقطعهَا قضِيب أحدِ من عذّبوها وإجبَارهِ على ابتلاعهِ .. ثمّ إذابتهِ بالأسِيد.. مشَاهد كهذهِ تتكرّر كثيراً في روايات دي ساد اللاحقَة ما جعل ثيمَة العنف والتعذيب حاضرَة بشكلٍ دائم في كتابات الماركيز دي ساد ..


كانَ الماركيز شغوفاً بالكتابة الروائيّة ومحباً لأنْ يتمّ تمثيل رواياتهِ لذا استخدم نفوذهُ لبناء مسرحٍ في السجن وكانتْ مسرحيّاته يتمّ تمثيلها بشكلٍ دوريّ في مسرحِ السّجن .. حتّى أوقفهَا نابليُون بعدَ أمدٍ باعتبَارها روايات فاحشَة تخلّ بالذوقِ العام وتشجّع دي ساد على مزيد من بوهيميّة المشاهد الجنسيّة الفاجرَة في رواياتهِ


واستمرّت حيَاة الكونت بينَ دخولٍ للسّجن أو خروجٍ منهُ .. وفي المقابل ازدادتْ شهرتهُ بينَ الناس .. وكانتْ رواياتهُ تلقى رواجاً بينهم وكأنّها أشرطَة بورنُو أو مسرحيّات إيروتيكيّة فاجرَة..


أكثَر رواياتهِ التيْ هزّت النّاس للحدّ الذي أمرَ نابليُون بونابرت نفسهُ بمنعِ الماركيز من نشرِ رواياتهِ هي روايته فلسفَة المخدع .. والتيْ تحكيْ عنِ امرأة أرستقراطيّة عهدتْ بابنتها إلى ثلاثة أشخاص في قصرٍ لتعلِيم ابنتهَا فنُون النّكاح .. إلا أنّ هؤلاءِ خلصُوا إلى حفلاتٍ ماجنَة جنسيّة معها وتعلِيمها أصنَاف التعذيب الساديّة وأكثَرها فحشاً ، قامَ هؤلاء بتعليم الفتَاة .. أنّ الغايَة الأسمَى للأنثى هي النّكاح .. وبأعنفِ أنواعهِ طالمَا أرضت شهوَتها وأنّ كلّ المفاهيم التي تخالف هذا المبدأ هي مفاهِيم سخيفَة وغبيّة .. وتنتهيْ الرّواية بمشهدٍ مهيبٍ جداً حيث تعود المرأة إلى أخذ ابنتها إلا أنّهم يحتجزُونها وبمبَاركة ابنتها .. ويتمّ إحضَار عبد أسوَد مصَاب بأكثر الأمرَاض التناسليّة فتكاً آنذَاك وهو مرض الزهريّ ويقوم العبد باغتصَاب الأمّ ونقل المرضِ لها .. ويقومُون بإطلاق الأمّ وتركها تعُود مصابة ً بالمرض ..


ظلّ الكونت قرَابة عشر أعوَام نزِيل سجن الباستِيل .. الأشهر على الإطلاق آنذاك ويقالُ أنّ الكونت كان من المحرّضين على ثورَة الباستيل وذلكَ باستخدَامه الأنابيب التيْ يتبوّل فيها السجناء كمكبّرات صوت وكان يصرخ للنّاس خارج السجن .. ( إنّهم يقتلُون السّجناء هنا .. إنّهم يعذبونهَم ) ..


ثمّة فيلم شهِير أنتجتهُ هوليوود يؤّرخ لمرحَلة وجود الكونت في السّجن وهوَ من بطُولة الممثلَة الرّائعة كيت ونسليت التي أبدعت في الفيلم بتمثيلها دورَ خادمَة تعمل في مصحّ عقليّ تقوم بتهريب ما يكتبهُ الماركيز للخارج ومن ثمّ تنشر رواياتهُ.. وهوَ فيلم يعجّ بالمشَاهد الدمويّة والغرائبيّة ويسلّط الفيلم الضّوءَ على محاولات الكونت العجيبَة في تسرِيب روَاياتهِ بعدَ محاربَةِ الحكومَة الفرنسيّة له بصفتهَا كتابات شيطانيّة تشجّع على الجريمَة.. فصادرتِ الحكومَة أورَاقه وأقلامه فاتّخذ من عظَام الدجاج التي تقدّم له في الطعام .. ريشاً للكتابة .. واستخدَم الخبزَ ورقاً للكتابة وقامَ بتهريبه .. وحينَ فطنت إدارة المصحّ إلى ذلكَ كسر مرآة َ، زنزانتهِ واتّخذ منها ريشة ً للكتابَة ودمهُ حبراً .. وحينَها صودرتْ المرَايا .. بدأ في نقلِ تفاصيل روايتهِ شفهياً بالهمس لجارِ زنزانتهِ والذي يهمسُ بدورهِ لمن يليهِ حتّى يتم إيصالها للخادمَة.. إلا أنّ الكونت لم يفكّر يوماً أن تفاصيل ما ينقلهُ لنزلاء زنازين المصحّ العقليّ قد يدفع نزيلاً للتفاعل مع الروَاية واغتصَاب الخادمَة وقتلها ..الأمرُ الذي فطَرَ قلبَ الكونت وذلك لارتبَاطهِ عاطفياً بالخادمَة المطيعَة التيْ كانتْ مستودَع كتاباتهِ وبصيص النور الذي يحملُ ما كتَب من إيروسيّات إلى الشّعب .. وحينَ انتبهت إدَارة السجن لذلك جاء أمرٌ مباشرٌ من نابليُون بقطعِ لسان الكونت للقضاء على مصدرِ البلاءِ نفسهِ ، وهنَا تتصَاعد أحداث الفيلم في عجائبيّة غريبَة على سعَار الكونت وهوسهِ الشديد بنشرِ إباحيّاتهِ فيبدأ في استخدَام برازهِ كحِبر .. واستخدَامهِ جدرَان زنزاتهِ كورَق .. وازدادَ تدهورُ حالَة الكونت الصحيّة شيئاً فشيئاً بعد مقتلِ الخادمَة وطلبِ زوجتهِ الطلاقَ منهُ وحصولهَا عليهِ بالفعلِ .. ويقالُ أنّه ماتَ مسلولاً وقيلَ قتلتهُ الحمّى والهذيَان وترجّح رواياتٌ كثيرة ٌ أنّهُ ماتَ منتحراً بابتلاعهِ صليباً أعطاهُ إيّاهُ راهبُ السّجن ..


حيَاة غرائبيّة جداً عاشها الكونت نادَى خلالَها بمفَاهيم أنّ إرضَاء الرغبَة هي القيمَة العليا التي لا يعلَى عليها وأنّ ما عداها هي وسائلُ لتسخيرهَا لها .. تنقّل خلالها بينَ سجونِ فرنسَا وأكثرهَا ظلمةً وبشاعَة وانتهَى بهِ الحال نزيلاً لإحدى أشهر المصحّات العقليّة في فرنسَا ..


ورغمَ ذلكَ فإنّ دي سَاد نفسهِ ذكرَ أنّه وإن ذكرَ في روَايتهِ مشاهد اعتداءٍ على أطفَال أوْ مشاهِد قتل وتمثِيل بالأجساد فإنهُ لا يمكنهُ أن يفعلَ ذلك وأنّ كل ذلكَ من نسجِ تخيّلاتهِ ولا يستطيعُ أن يقترفَ أفعالاً كتلكَ من اغتصَابٍ للأطفَال أو قتلٍ لأيّ انسَان .. هذَا الأمر دافعتْ عنهُ وبشدّة زوجتهُ التيْ كانتْ تقول دائماً : (حاكمُوا دي سَاد على أفعالهِ .. لا على كتاباتهِ ) ..


رحلَ الكونت دي سَاد مخلفاً العار والخيبة لعائلتهِ .. بالرّغم أنّ كثيراً من رسائلهِ التي وجدتْ بعد موتهِ والتي بعث بعضها لزوجتهِ وبعضها لأمّ زوجتهِ كانتْ تحملُ الكثير من العاطفَة الأبويّة والانسانيّة في طيّاتها إلا أنّ ذلك لم يغفر له عندَ أولادهِ الذينَ أمرُوا بحرقِ كلّ مؤلّفاتهِ والتخلصِ منهَا .. غيرَ أنّ الشعبَ كانَ يتناقل مؤلفاتهِ التيْ وجدت طريقَها إلى مئات الآلافِ من النّسخ ..


لم يكنْ دي ساد مجنُوناً ليودع في مصحّ للمجانين بفضلِ وساطات أهلهِ لنقلهِ من السّجن للمصح العقليّ بل كانَ مجنوناً –كما وصفهُ أحد القساوسَة آنذاك- بالشرّ والحيوَانيّة الجنسيّة ..


لمْ يُكره كاتبٌ كمَا كرهَ دي سَاد .. ولم يلتصِقِ الشّر والعار بشخصِ روائيٍ كما التصقَ بهِ .. ولم تضرَب مغامرات ساديّة كأقصَى أمثلة البوهيميّة والتعذيب كما ضربَ المثل بمغامرَاته ومع ذلكَ لم يخفِ علماء النّفس والأدب في آنٍ واحد عبقريّة الخيال الذي غاصَ إليهِ دي سَاد وقدرته في تصوِير أقصى درجَات الشرّ داخل الانسان وما يمكنُ أن تفعلهُ الرغبَة في شخصِ أيّ انسانٍ عاديّ وتحويلهِ إلى لاهث ورَاء أبشع صوَر التعذيب لإرضَاء شهوَاته ..


استخرجتْ جمجمتهُ بعد دفنهِ بأعوَام .. ليتمّ دراستها في علم الفرَاسة وأبحَاث دراسة جماجِم العباقرَة ورغبَة في اكتشاف علاقة شكل الجمجمَة بتوجّه الخير أو الشرّ واستيلائهِ على سلُوك الانسَان وهل هوَ سلوكٌ وراثيٌ أم مكتسَب ..


لا تزَالُ روايات دي سَاد تطبع باستمرَار وأنشئت عشرَات المواقِع على الانترنت لتأريخ كتاباتهِ الأدبيّة كما ولا تزَال مخطوطَات رواياتهِ الأصليّة تباع بالملايين في المزاداتِ العالميّة .. وظلّ السؤال الأكثَر جدليّة قائماً حتّى بعد مرُور أكثر من قرنَين على رحيل دي سَاد .. هل يحَاكم الكاتبُ على أحدَاثِ ما يكتبهُ وإن كانَ من نسجِ الخيَال أمّ أنّ للقارئ الحقَّ في أن يحَاكم نصّه أدبياً فحَسب؟

تعليقات

  1. المرصد
    دائما أقراء لك
    ولكن لماذا لا يخلو مقالأو قل ما يخلو مقال
    لك من التلميح إلى الجنس بصورة مباشرة أو غير

    لماذا
    هل لازم لكل الكاتب التحرر ( التخلف )
    والتجرد من كل القيم النبيلة ؟؟؟؟؟

    ردحذف
  2. مقالٌ جميـلٌ موضوعُه خرجَ عنِ المألوفِ .. جميلٌ مِثلُ هذهِ المقالات , فهيَ تمنحُ القارئَ معلومـاتٍ قيِّمـةٍ عن هكذا أشخاص ..

    موفَّقة

    ردحذف
  3. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    عدة نقاط أود طرحها . . .

    1- لربما كنت من أوائل من قرأوا هذا المقال و أعجبت به صراحة . . حيث ان اسلوبك في التعبير و قوة الملاحظه و الطرح من أهم جوانبه . .

    2- واأسفي على من علق في الأعلى بواسطة إسم ( غير معرف ) بالفعل يوجد لدينا كومة من البشر لازالت الحجاره تسكن رأسهم بدل من الخلايا الرمادية المكونه للمخ . .

    3- رائعة أتي دوما فإستمري في تألقكي ( فالقافلة تمشي و الـ . . . . . .


    دمتي بود

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا تريدوا ملابس العيد، روحوا رقطوا (1)

5 قيم تعلمتُها من أميّ: غزالة بنت ناصر الكندية   عائشة السيفي صبيحَة يوم الأحد غسلتُ أمي وكفنتها مع أخواتي. جهزتُ لها لبسةً من حرير فأبلغتني المكفنةُ أن علي أن آتي بلبسة من قطن تخلو من الزركشة. اخترتُ لها أجمل ملابسها وبخرتُها كما كنت أبخر ملابسها لعشرات السنوات كل عيد. أذنتُ في أذنيها، وتأملت أصابعها المنفرجة وأنا أضع بينها الصندل. كانت كقطعة الحرير ببشرتها الصافية وكنت أحدثها: ما أجملك حيةً وما أجملك ميتة. كان مشهداً عظيماً لا أعرف كيف ألهمني الله لأعيشه. أعرفُ أنني كنت شاخصة العينين ولا أذكر أنني بكيت كثيرا.. كانت دموعي تنهمر بصمت إلى أن حملوها في الطارقة وتواروا عن الأنظار. لا أذكر كثيرا مما حدث بعدها فقد سقطتُ طريحة الفراش ليومين. ماتت أمي غزالة بنت ناصر الكندية بعد رحلة ثماني سنواتٍ ويزيد مع مرضٍ لعين اسمهُ ملتي سيستم أتروفي. ومنذ جرى تشخيصها، جُبنا بها أطباء العالم لعلنا نجدُ لها علاجاً فكانت النتيجة واحدة: إنه مرض نهايته الموت، الفارق فقط هو حتى متى سيعيش صاحبه. لسنواتٍ عاشت أمي وعشنا معها معاناةٍ مريرة لا يعلمها إلا الله ونحنُ نتأمل بعجزٍ شديد كيف كانت تنتقل من وهنٍ

اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1)

ملاحظَة للقارئ قبلَ الشّروعِ في القرَاءَة: عائشَة حياتهَا. . صفحة بيضَاء جداً ! أشاركُ قليلاً من بيَاضها إيَّاك وأودعُ الباقيْ لهَا ولمن تحبّ .. إذا كنتَ تحملُ مسبقاً أيةَّ "مخلّفات داخليَّة سوداء" فالرجَاء عدم القرَاءة حولَ عائشَة: عائشَة .. قد تكُون أنا أو قد تكُونُ أنتَ .. وليس بالضرُورَة أن تكُونَ من تقرأ لها الآنَ في هذهِ المدوّنة قد يتضمّنُ أدناهُ حكَاياتِي أنا .. وقد يكُون خليطاً من حكاياتِ صديقاتٍ أخريَات .. أجمعها في حياةٍ واحدَة حافلة تستحقُ أن يمتلكَ صاحبها حلماً جميلاً عائشَة التيْ أحكي عنها هنَا.. كائنٌ يحلمُ بحياةٍ جميلة رغمَ يقينها أنّ الحياة لن تكونَ ذلك بالضرُورة .. وهي فتاة ٌ بسيطَة جداً .. يحكيْ بعضهُم .. أنّها لا تزالُ طفلة ً ترفضُ أن تكبر .. ويقولونَ أنّها تحوَّلتْ إلى زوجةٍ عاديةٍ غارقةٍ في تفاصيلِ حياتهَا اليوميَّة بعد زواجها .. يقولُ بعضهمْ أن عائشَة لم تعُد تهتمّ كثيراً بمن حولهَا .. وأنّها تحوَّلتْ -كآلافِ البشر حولنا- إلى كائنٍ غير معنيّ بالضرورة بجدالاتنا الثقافيَّة اليوميَّة المملة .. التيْ قد أثيرها أنا أو أنتَ أو عبيد أو جوخة أو علياء من المثقفي

عن كُورونا، وفقر اللقاح، والشّعب العُمانيّ القنوع: أسئلة غير قنُوعة إطلاقاً

  تحذير: إن كنت لا تحب لغة الأرقام فلا تقرأ هذا المقال   في نُوفمبر 2020، سألتُ مارجي فان جوخ، رئيسَة وحدة المواصلات واللوجيستيات في المنتدى الاقتصادي في دافوس عن استقرائها لشكلِ السباق العَالمي نحوَ اللقاح فأجابتني بأنّ حربَ اللقاحات قد بدأتْ بالفعل وأنّ كل دولة ستكونُ معنية بشعبها فحسب، وأنّ ثلاث عوَامل ستحددُ أسبقية الدول في الحصول على اللقاح، أولاً: ذكاء السياسيين في كلّ دولة وحنكتهم الدبلوماسية ستوضع تحتَ الامتحان الحقيقي لاختبار مِرَاسهم في التفاوض على أكبر عدد من الجرعات مستغلةً علاقاتها الدولية وشبكة معارفها للحصول على أكبر كمية بأسرع وقت ممكن، ثانياً: قدرة فرقهِم الاستراتيجيّة على استقراء مستقبل إنتاج اللقاح وأيٍ من شركات إنتاج اللقاح ستنتجُ أولاً وبفعالية تحصين أكبر وثالثاً: قدرتها المالية التي ستحدد مقدرتها على المخاطرة بشراء لقاحات لم تعتمد بعد بناءً على استقرائها للمستقبل، (إنّها مقامرَة عليهم اتخاذها وإلا فالنتائج وخيمة). معربةً عن قلقها من أنّ المرحلة القادمة ستفتقد المساواة في توزيع اللقاح. (عائشة، إنهم يجوبون العالم -بينمَا نتحدّثُ- بملايين من الكاش لحجز اللق