التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عن المرأةِ العُمانيّة .. في يومِ المرأةِ العُمانيّة

عن المرأةِ العُمانيّة .. في يومِ المرأةِ العُمانيّة

اقرأ أولاً:

http://ayshaalsaifi.blogspot.com/2009/09/blog-post_08.html


قبلَ شهرٍ أجبتُ حينَ سألتنيْ المذيعَة شيماء الحمّادي في برنامج "على السّحور" عن وضعِ المرأة العُمانيَّة في عُمان فقلتُ لها أنّ المرأةُ العُمانيَّة منِحَتْ من الحقوق والمناصب السياسية ما لم تمنح إيّاه نظيراتها في الدول الأخرى ، وأنّها –خلافَ شقيقاتها في الخليجِ- سُهِّلَ لها الطريق (أكثر مما يجِب) .. مستشهدَة ً بعبارةٍ قالتها إحدى البرلمانيَّاتُ الكويتياتُ في لقاءٍ بقناةِ الحرَّة حينَ كانتْ تتحدَّث أنّ تجربَة المرأة الكويتيَّة ينبغيْ أن تكونَ ملهمة ً لبقيَة النساءِ الخليجيَّات في كفاحهنّ من أجل نيل مساحَة في الخارطَة السياسيَّة في بلدانهنّ فردَّت المذيعَة أنّ المرأة العمانيَّة تخطّت الكويتيّة بمراحل في مجال حجزِ مقاعدَ في التشكيلَة الحكوميَّة والبرلمانيَّة في إشارةٍ منها إلى توزير المرأةِ وتمثيلها في مجلس الدولة إضافة ً إلى دستة السفيرَات ووكيلات الوزَارة العُمانيَّات .. فردَّت تلك المرشحَة بأنّ المرأة العُمانيَّة سهل لها الطريقُ من قبلِ حكُومتها كما لم يسهل لأيّ امرأةٍ في دولةٍ أخرى وأنّها منحَت المناصب بسهولةٍ في إشارةٍ منها إلى أنّ الحكُومة في عُمان تقفُ بأكملها لدفع المرأة العمانيَّة إلى الواجهة .. واجهة المناصِب الرفيعَة ..

***

تقَامُ اليَوم عشرات الفعاليّات التيْ تحتفيْ بالمرأة العمانيّة .. يتمّ فيها دعوَة نساء الأعمال والنساء البارزاتِ في الرياضة والسيَاسة والحكُومة .. يكرّمن ويُحتفى بهنّ .. بينمَا يتمّ إهمال ربّات البيُوت العاديّات .. اللاتيْ أخرجنَ -رغمَ أميّتهنّ- جيلاً من الشباب الذي يعملُ اليَوم في شركَات النفط والبناء وفي المؤسساتِ الحكوميَّة والخاصة .. ولو سألتنيْ من أحقّ بالاحتفاءِ منهنّ؟! لقلتُ أمّي الحاصَلة على شهَادة الصفّ السَادس والتيْ أنجبت 9 أبناء دخلَ جميعهُم جامعَة السلطان قابُوس من أوسع أبوابها ، وأمّهات هؤلاء النسوَة اللاتيْ يكرّمن اليوم دوناً عن أمّهاتهنّ.. أمّي التيْ علّمتنيْ أنّ وطنيْ أكبر من كلّ شيء .. وعلّمتنيْ أن أمسك القلم للمرّة الأولى وأن أدركَ تماماً كم نحنُ مسؤولون تجَاه هذا الوطن .. أمّي التيْ قالت لي البارحة: لا تنتقدي وطنكِ كثيراً يا عائشة فثقافَة النقد غائبة في عُمان وأجبتها مبتسمَة: ثقافَة النقد موجُودة .. على الأقلّ في بيت محمّد بن ماجِد في إشارَة إلى والدي..

الكثير من النساء المجهُولات .. اللاتيْ يعانين تحتَ وطأة العنف الأسريّ والضغط المجتمعيّ .. نساءٌ منسيّات خلفَ أزواجٍ يعودُون إليهنّ آخر الليل وهم يترنّحون يمنَة ويسرة .. ينقضّ عليها بغريزتهِ الجنسيّة التي أزكاها الخمر كالحيوَان .. يضربُها أمام أطفالها ..

هذهِ حكَايَة شيخة.. قريبتيْ .. التيْ لجأت لبيتنا آخر مرّة بعد أنْ فوجئت بزوجهَا يحمل السكين لقتلهَا وهو في سكرَة خمر ..

قالتْ لي شيخَة: والتجاعيدُ في وجهها وهيَ لمّا تبلغ الأربعين: فيه رجال موتهم أحسن من حياتهم ..

شيخَة لا تستلمُ إعانةً من الحكُومة لأنّها لا تستحقُ الإعانة فهيَ متزوّجة وراتبُ زوجها يزيدُ عن 200ريَال .. ولكنّها فعلياً تعيشُ على حسنَات النّاس ومؤخراً ترك ابنها المدرسَة ليعمل عاملاً في شركة نفط بمبلغ 120ريال يعيلُ بها أمهُ واخوانه..

هنالك شيخَة وهنالك الأم زيَانة التيْ كنتُ ألتقيها في ممرّات الكليّة وقد انحنَى ظهرها بينما لا تزالُ ممسكة ً ب"مجمعتها" تكنسُ الأرض .. أخبرتنيْ يومَاً عن ابنِها الذي يعملُ براتبِ 80ريَال .. وأنّها تعملُ معهُ لتعينهُ فأسرتهُ تقيمُ معهَا و80ريَالاً لا تأتي بقيمَة البيت الإيجَار الذي يسكنُون بهِ ..

ألا تستحقُ زيَانة .. الجنديّة المجهُولة أن تكرَّم؟! أليستْ ناجحَة –على مستوَى قدرَاتها- أكثر من أيّ من النساءِ أولئك؟

نساءٌ يرزحنَ تحت الهمُوم اليوميّة .. الفقر ، بطالة أبنائهنّ ، غرق أبنائهنّ في بحُور المخدّرات وتجَارة الدّعارة الجنسيّة إلخ ..

زيَانة وشمسَاء وحكَايات أخرى بعددِ شعرِ الرأس .. فكلّ عامٍ يا نسَاء عُمان وأنتنّ بخير .. وكلّ عامٍ يا وطني وَأنتَ بألفِ .... ألفِ خير ..

***

بعثتْ إليَّ ثلاث زميلاتٍ صحفيَّات نفس التساؤل حولَ ما أودّ قولهُ في يوم المرأة العمانيَّة الذي يوافقُ السابع عشر من أكتُوبر.. وفي حقيقة الأمرُ كنتُ قد أبديتُ تحفظاً للتصريح بشيءٍ يخصُ هذا اليوم لولا تكرارُ السؤال لثلاثِ مرَّات.. ففيْ عُمان إذا امتدحَ الكاتبُ الحكُومة قيلَ متملّق وطامعٌ في السفارة والوزارة .. والعمَارة إلخ .. وإنِ انتقد الحكُومة ، قيلَ غيورٌ باحثٌ عن الشهرَة والضوء ولفتِ الانتباه على حساب الحكُومة .. وبينَ هذا وذاك وجدتُ أنّ من الضرورةِ الحديث بعقلانيةٍ عن تجربَة المرأة العمانيَّة نفسها .. بعيداً عن الدور الحكومي المبذول في "دفعها دفعاً" ، بأيديها وأرجلها وحتّى مناخيرها إلى المقدمة ، أقولُ ذلكَ وأنا أقرأ رسالة ً لأحد أقاربي بعثها إليّ متسائلاً: أنّه في عُمان آن الأوَان لتحديد يومٍ للرجلِ العُمانيّ في إشارةٍ منهُ إلى كميَّة الضوءِ والانتباهِ "الزائد" الذي توليهِ الحكُومة تجاه المرأة..

حسناً .. لابدّ من القولِ أنّ الحكُومَة العمانيّة قامتْ بدورها على أكمل وجه .. والرؤى التي وضعهَا صاحِبُ الجَلالةِ تحَققتْ .. ولم يبقَ علىْ المَرأةِ إلا أنْ تعمَلَ على المسَاحةِ التي مُنِحَتهَا .. هُنا أقتبسُ لكم مقطعاً من مقالي : المرأة العمانيّة والكويتيّة.. في ميزَان الشّعب والذيْ تتبعتُ فيهِ تدرّج المرأة العمانيّة في الخارطَة السياسيّة:

(عام 1955 كانتْ فاطمة المعمريّ أول امرأة خليجيّة وليست عُمانيّة فحسب تحصلُ على شهادَة الدّكتوراه، عامَ 1956م كانَ هوَ العَام الذي حصلتْ فيهِ شريفَة اللمكيّ أوّل امرأة عُمانيّة على إجازة في الاقتصَاد والسيَاسة وفي عامِ 1970م كانَ صوتُ منَى المنذريّ يصدح في أثيرِ السّلطنة كأوّل مذيعةٍ عُمانيّة وعَام 1972م كانتْ وضحَى العوفي أوّل امرأة عمانيّة تلتحقُ بجهازِ الشّرطة بعدَ أن كانَ مقتصراً على الرّجل وفي نفسِ العامِ كانتْ ناشئة الخرُوصيّ تدخلُ التاريخ كونهَا أوّل مهندسَة عمانيّة وبعدهَا بثلاثِ أعوامٍ كانتْ خديجَة اللواتيّ أوّل دبلُوماسيّة عمانيّة تمثّل السلطنة في المحافلِ الدوليّة وبعدهَا بعشرِ أعوامٍ بالتّمام عيّنت هدَى الغزَاليّ لتكونَ أوّل مديرَةٍ لشؤونِ الطّفل والمرأة العمانيّة وفي عامِ 1997م كانتْ راجحَة عبدالأمير هيَ أوّل وكيلَة لوزَارة حسّاسة جداً كوزارة الاقتصاد الوطنيّ لشؤون التنميَة.. وقبلَ 13 عاماً بالتحديد من آخر دورَة انتخابيّة سمحَ للمرأة بالتصويتِ والترشّح فكانتْ طيبَة المعولَي وشكُور الغمّاري أول امرأتين تمثّلان المرأة في مجلسِ الشُورى وفي عامِ 1998م كانتْ سعاد اللمكيّ هي أول مستشارة قانونيّة وبعدها بعامٍ كانتْ خديجَة اللواتيّ أول سفيرَة عمانيّة اختيرتْ لتمثّل السلطنة في هولندَا.. وفي عامٍ 2003 كانتْ عائشَة السيابيّة هي أوّل امرأة عُمانيّة برتبةِ وزيرةٍ، وفي عام 2005م كانتْ حُنينة المغميري أول امرأة خليجيّة وعربية في طريقها إلى الولايات المتّحدة لتعمل سفيرةً فوق العادة لعُمان في واشنطن..
فإذنْ بعدَ هذا التاريخ الطّويل الذي تدرّجت فيهِ المرأةُ سياسياً وحكومياً، بدَا من الغريبِ أنّ الشّعب لم يمتصّ بعدُ فكرَ أنّ المرأةَ أصبحتِ اليومَ شريكاً فعالاً في القيادَة السياسيّة ) ..

فعلَى الرغمِ من مرُور 7 أعوامٍ على توزير المرأة .. ومرورِ قرابَة ربعِ قرنٍ منذ دخولِ المرأة إلى السلكِ الدبلوماسيّ .. إلا أنّ الكثير من الحقوق العامّة للمرأةِ العمانيّة ظلّت غائبة .. وأنّ الفكرة ظلّت في كون وجودِ نساءٍ يمثلن السلطنة في المناصبِ العليا .. إلا أنّ المرأة العمانيَّة عامةً لم تستفد من المزايا التي منحَت إيَّاها نخبَة ٌ معيّنة ٌ من النساء لبلوغ مناصبَ بارزة .. لا أعتقدُ أنّكَ لو سألتَ كلّ امرأةٍ عمانيَّة عن أسماء الوزيرات ووكيلات الوزارَة العمانيَّة لأجابتك بأسمائهنّ جميعاً .. لأنّ المرأة العمانيَّة –لا أستثنيْ نفسيْ- ستنشغلُ أكثر بالحقوق العامّة التيْ تتشاركها كلّ امرأةٍ عمانيَّة وليس مسميّات ومناصب توزّع على هذهِ المرأةِ وتلك .. ولو سألتُك –كونيْ فتاة عمانية عاديّة- عن العدد المتصاعد من النساءِ العمانيّات اللاتي وصلنَ لمناصبَ عليا لقلتُ لك: أخبرنيْ كم عددهنّ؟! أقلْ لكَ ما فعلنَ؟!

وإنْ سألتنيْ إن كانَ يعنينيْ كثيراً أن هنالكَ أربعُ نساءٍ عُمانيّات يتقلدنَ الوزارة –على الأقلّ وفق ما أعرف- فلأجبتُك: لعلّه يعنينيْ .. لكنّ ما يعنيني أكثر هوَ ما قدّمتهُ النساءُ بمناصبهنّ الرفيعَة .. للنساء الأخريات اللاتي يمثلنني أنا ويمثلن جوخة وفاطمَة وسامية وفلانَة ممن لا جدَال في عُمانيّتهنّ .. ووطنيّتهنّ .. ولكنّ السؤالَ ما الذي قدّمته لنا تلك النساءُ العمانيَّات من خلفِ طاولاتِ مناصبهنّ؟!

إنْ قلتَ لي قدّمن كذا لحدّثتك عن رابعَة .. السكرتيرة التي تعمَل في نفس الشركَة التي أعمل بها والتيْ تطلّقت منذ أكثر من 14 عاماً وبموجَب القانُون تمّ أخذ جواز ابنتهَا من قبل والد ابنتها وبمُوجب القَانون أيضاً ومنعَ عليها السفر مع ابنتهَا خارج السلطنة .. لأربعَة عشرَ عاماً لا تستطيع رابعة أن تعتّب شبراً خارج عُمان لأنّ الجواز منح للوالدِ رغم أنّ رابعَة هي المتكفلة بتربيَة ابنتها المتفوقة دراسياً والأولى على صفُوف مدرستها..

رابعَة لا تستطيعُ الزواج لأنّ القانُون بمجرّد زواجها سيسقط عنها حقّ حضانة ابنتها التيْ ستذهبُ بالإكراهِ إلى بيتِ والدها حتّى وإن رفضت ذلك ..

لماذا لا يتمّ تطوير القانُون بحيث يتمّ إصدار أمُور الحضانة بعد نظَر المحكمة لطريقَة ومستوَى حياة الأمّ ودراسة مستوَى حياة الأبِ ولماذَا يتمّ تطبيق قانُون واحِد على ظرُوف الطلاق أجمعها؟ فمهمَا كانَ الوالد بدرجَة من السُوء فإنّ قانُون الحضانَة في صفّه، ومهمَا بلغت الأمّ مبلغَاً من الحياة الكريمة لأطفالها ومستوى التربيَة فالقانُون ضدّها !

مثل رابعَة وآلاف النساء يعانِين من التحيز الواضح للقانُون ضدّهن.. دونَ أن تفكّر أيّ من النساء "الراهيَات" إثارة هذه القضية التيْ ترزح تحت وطأتها آلاف النساءِ العمانيّات المطلّقات..

إنْ قلتَ لي قدّمنَ كذا! فلحدّثتك عن صديقتيْ التي خرجتْ بنسبَة 88% من الثانويّة العامة وكنّا في نفسِ الفصل الدرَاسيّ لينتهى بها الحال تطبخ في البيت بينما دخلَ شابٌ بنفسِ نسبتها كلية الهندسَة بجامعة السلطانِ قابُوس من أوسعِ أبوابهَا.. لم تستطعْ صديقتيْ هذهِ دخولَ أيّ مؤسسةٍ تعليميّة فقط لأنّها تحملُ في بطاقتها الشخصيّة لقب "أنثى" .. وفي الوقتِ الذيْ كانتْ أقلّ نسبَة قبُول لطالبة في كليّة الهندسة بسنتي الدرَاسيّة هيَ 95.6% .. بينما استطاع طلابٌ لم يبلغوا التسعين دخول الكليّة بتلك النسب فقط لأنهُم ذكور ..

ما الذي فعلتهُ النساءُ "صاحباتُ المناصبِ الرفيعَة" من أجلِ آلاف الفتياتِ اللاتيْ لم يتمّ قبولهن لا لسببٍ سوَى لصفَة أنّهن إناث.. ولماذا بعدَ مرورِ قرابة 8 أعوامٍ على توزير المرأة .. وهذا السيناريُو يتكرّر منذ 30 عاماً ويزيد؟

على هؤلاءِ الطلابِ أن يعيشُوا مسؤوليَّة الاجتهاد لدخول الجامعة بفرصِ نسبٍ متساويةٍ مع الطالبات لأنّهم ببساطة لا يمتلكونَ قدراتِ ذكاءٍ أقلّ منهنّ والدليل أنّ الكثير من الطلابِ يتفوقونَ لاحقاً بعد دخولهم الجامعة على زميلاتهم من ناحيَة المعدلات والمستوَى العلميّ العامّ ..

لو أنّ الطلاب أدركوا أنّ التسهيلات التيْ اعتادُوا على نيلها في دخولهم للمؤسساتِ التعليميّة العليا لم تعُد كذلك لرفعُوا من مستويات أدائهم لتلحقَ بركبِ نظيرَاتهم الطالبات ..

إنْ كانَ ثمّة ما تريدُهُ المرأةُ العمانيّة من الحكُومة العمانيّة فهوَ إيجاد حقوق عامّة تستفيد منها المرأةُ العمانيّة ككل –قرار أحقيّتهن في امتلاك منحِ الأراضي خيرُ مثال- دونَ أن يخصّ بنصيبِ الكعكة امرأة أو اثنتان أو عشر عبر مناصب معيّنة رفيعة ..

إن كانَ ثمّة ما تريدهُ المرأة العمانيّة التيْ اجتهدت في درَاستها الأكاديميّة وتخرّجت باحثة ً عن فرصَة عمل حكُوميّة تصطدم من خلالها بفرص العمل في الوزاراتِ التي تذيّل وظائفها المطلوبَة بـ (ذكر) .. في إشارَةٍ إلى أنّ الوظيفة لا تخصّ سوَى الذكور .. تطرحُ وظيفَة محامي .. مهندس .. مدقق مالي أو حتّى مراسل وتحتهُ عبارة "ذكر" في احتكار الوظيفة للرجلِ لا المرأة!؟ فبأيّ حقوق الكفاءةِ يصحّ ذلك؟

سيقولُ أحدكم بحقّ ظروف الوظيفة غير الملائمة للأنثى وسأقولُ لكم .. فللأنثى الحق أن تستمعَ من قبلِ الممتحنين حولَ توصيف واضح للوظيفة ولها الحقّ في قبولها أو رفضها ما دامتْ أبدت كامل المسؤوليّة في عدم التقصير بوظيفتها الحكوميّة والمهام المسندَة إليها.. وهيَ خطوة ليستْ جديدَة بالمنَاسبة على المستوَى الحكوميّ فقد سبقَ إليها شؤون البلاط السلطانيّ بإلغاءِ شرط اشتراطِ الجنسِ من ضمنِ شروط الوظيفة.. قبل بضعِ سنوَاتٍ وأثبتت نجاحها.

أليستِ الكفاءَة وحدها المعيار هنا؟ فالمرأة لم تقدّم في طلباتِ التجنيدِ العسكريّة التيْ نؤمنُ أنّها للرجلِ .. وإنمَا أرادتْ أن تمارسَ حقّها في تقديم طلباتِ التوظيف في المؤسساتِ المدنيّة! وإذا كان القطاع الخاصّ نفسه بما لهُ من متطلبات خاصّة لا يشترطُ هذه الشروط علناً وضمنيّاً بينما تفعل الحكُومة ذلك .. لماذا؟!

أكثر من 10 سنوَاتٍ منذ مثلتنا المرأة في مجلس الشورَى .. وسنوَات عدَة منذ انخرطت في مجلس الدولة ومناصب أخرى أعلى ولكنّ أياً من هؤلاء النساءِ لم يسعينَ يوماً للفتِ الانتباه إلى الحقوقِ العامَة للمرأة العمانيّة .. وحتّى حينَ خرجتْ بعض هذه الحقُوق فإنها خرجت بمبادرة حكوميّة عليا لم تدفع لها علناً أو إعلامياً صاحبات الألقاب الرفيعة .. بل كنّا نعجب من أساليب ردّهن حينَ تطرحُ عليهنّ قضايا للنقاشِ في مجلس الشورى .. فلابدّ أن أياً منكم أصابته الدهشة من الطريقة الاستعلائيّة التي تردّ بها عددٌ منهنّ أثناء تبريرهنّ لبعض أوجه التقصير في وزاراتهنّ من قبل أعضاء مجلس الشورى .. تتطلعُ إليهنّ وتتساءل: يا إلهيّ ! أحقاً هؤلاءِ هنّ واجهَة نساءِ عُمان؟

لا أودّ أن أبالغَ في السوداويّة إلا أنّ برأيي أن أفضل ما قدَّمتهُ الحكومة العمانيّة للمرأة بكلّ خلفياتها الاجتماعيّة والتعليميّة هو المرسُوم السلطانيّ الذي تفضّل بهِ جلالته بتعديل قوانين المرأة المعضّلة والسماح لها بالتظلم لدى جهة أعلى من المحكمَة في حالَة خسرت قضيّتها..

هذا المرسُوم الذي ينبغيْ أن يتمّ تدريسهُ في المناهج وتقامَ له الاحتفاليّات لم يجد من الترحيبِ بهِ –رسمياً- وإبداء التفاؤل من قبلِ أيّ امرأةٍ تمسكُ منصباً رفيعاً في الحكُومة العمانيّة رغمَ أنّه يعدّ انتصاراً للمرأة العمانيَّة .. أعني بها أيّ امرأة سواءً تلك التيْ يتقدّم اسمها حرفُ الدال أو تلك التيْ لا تستطيعُ تهجّي اسمِها .. ولم يجد هذا المرسُوم سوَى بضع كتاباتٍ خجولة من قبلِ "كتابٍ عمانيين" وكاتبات أخريَات سلطنَ عليهِ الضوءَ باقتضاب ..

مثلُ هذهِ القوانين هيَ القوانينُ التيْ تستفيدُ منها المرأة العمانيّة على اختلافِ أطيافها .. أيّ امرأة عمانيّة تحملُ جوازَ السفر العمانيّ الأصيل .. لا جملَة من النساءِ يُدعين للاحتفالاتِ الوطنيّة والتمثيل الرسميّ الداخليّ .. يحضرنَ بعباءاتهنّ وملابسهنّ الفارهة .. بحقائبهنّ وسياراتهنّ الفخمَة ويغادرنَ الاحتفالَ دونَ أن يتركنَ أكثَر من ترابٍ متطَايرٍ خلفَ موكبِ سياراتهنّ ..

حينَ تجاهدُ المرأةُ وتتعبُ لنيلِ حقوقها العامّة .. وتجاهدُ أكثر لتمثيل الشعب في المناصبِ العليا فإنّها حينها ستدركُ تماماً حجم الدور المنوط بها تماماً كما أدركتهُ شقيقاتها في دولٍ أخرى كالكويت والبحرين .. وحينها تستطيعُ المرأة إقناع الشعبِ بأنّها قادرةٌ على تمثيله وتنجح في إقناع نظيرتها المرأة بأنها تستطيعُ إيصال صوتها لصنّاع القرار .. وإلا أليسَت من عجائبِ الزمان أنّ منا السفيرة والوزيرة والوكيلة وهي مناصبُ تأتي بتعيينِ رسميّ بينما لم تستطع أيّ امرأةٍ عُمانيّة أن تحجزَ ولو مقعداً واحداً .. واحداً فقط بين 84 مقعداً في آخر دورة انتخابيّة لمجلس الشورى؟ بل إنّها لم تستطع إقناع نظيرتها المرأة بالتصويتِ لها وتمثيلها في مجلس الشورى؟ لماذا فضلت المرأةُ الرجلَ ليمثّلها في المجلس بدلَ أن تمثلها ابنَة جنسها والأقربَ إلى قضاياها؟

هذا يدلُ على أنّ الشعب العمانيّ يحتاجُ وقتاً أطول من قبل المرأة العمانيّة لإقناعهِ بجديّة دورها ورغبتها في تغيير الصورة النمطيّة عن المرأة العمانيّة التيْ تحصلُ على المناصب جاهزَة .. وعبّد لها الطريق لبلوغ أعلى المراتب الحكوميّة ..

سيقولُ أحدهُم: وما الذيْ أفادهُ الرجلُ صاحبُ المنصب الرفيع بما لمْ تفدهُ المرأةُ صاحبَة نفس المنصب؟ وأقولُ: من النّار للدعصة!

وضعَ السلطان قابُوس رؤيته بعيدَة المدى من أجل الأخذ بيد المرأة العمانيّة وبقي الدور عليها .. بقي أن تدركَ ذلك جيداً وأن تكونَ عند حسنِ ظنّ هذا الرجل الحكيم الذي منحها زمام الأمور .. وعليها قبلَ كلّ ذلك أن تدرك أنها لم توضع في ذلك المنصب لتكون فيْ الواجهَة الإعلاميّة المحليّة والدوليّة ويقالَ أنّ لدينا كيت وكيت من الوزيرات .. وكيت من السّفيرات.. وكيت من الوكيلات .. إلخ، وإنما لتحملَ صوتَ أيّ امرأةٍ عمانيّةٍ مجهولة ، تتشاطرُ معها أرضاً واحدة وسماءً واحدة كفلها لنا هذا الوطنُ الذي أبصرَ النورَ منذ 40 عاماً ..

تعليقات

  1. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    عائشه السيابي
    أحيانا أعجب بأفكارك و منطقك
    و أحيانا أأسف لوجود ذرة الغضب الأنثوي في كتاباتك.
    لندرس التاريخ معا أخيتي. . .

    كم سنة مرت على تشريف المرأه العمانية التي تتواجد في المناطق الداخليه من السلطنة؟ لا أريد التحدث عن مسقط و ما بها من امتيازات نالتها المرأه فقط لكون أسرتها متحرره!!! أو لأنها تعيش بمسقط!!!

    أتحدث عن المناطق الأخرى كالباطنه و الداخليه و الظاهره و الوسطى و الكثير غيرها!!!

    إن حكومة السلطنه تتبع خطوات واثقه مستقيمة نحو تلك الحقوق التي أرى (كرجل) أن المرأه نالتها كامله، نعود لشمساء و زيانه المثالين التي سقتيهما بالتأكيد من ألاف الحالات، ما الذي نمع شمساء من التشكي؟ ما الذي منعها من التظلم و قد قام ولدها بالتضحيه بدراسته في سبيل اسرته؟ لم تصبر على جور زوجها؟ ليست الأصابع واحده و انتي مقبلة على الزواج، و وجب ان تعلمي ان هناك رجال تسيل اعينهم بالدموع انهارا لمجرد رؤيته لزوجته التي قضى معها 20 سنه من الزواج (مريضه)، أخيتي شمساء قمعت نفسها لا المجتمع ظلمها و لا زوجهاالسكير، بل هي من رضت بالهوان، لا أعلم ما حجتها و لكن أتظنين ان الحكومة يجب ان تدخل بيتا بيتا بعصا في يد و جلاد في اليد الأخرى ليضبطوا حسب ما تقولين حقوق المرأة المظلموه ؟


    زيانه مثال رائع للأم التي ناضلت جميع الظروف للوصول بلقمة عيش شريفه، كوالدتي التي ناضلت و هي بعمر 28 لتربية 5 أطفال أصغرهم عمرها سنة!!!!!

    و اليوم و بعد مرور 21 عاما ها نحن و الحمدلله نعيش بوظائف جيده.


    راتب ابن زيانه 80؟ ما السبب و اين يعمل ألا يعمل حسب المرسوم السلطاني الذي يقضي بوجوب ان يكون الحد الأدنى من الرواتب 180 ؟

    لا أعني أن 180 تكفي و لكنها افضل من 80!!!!


    أخيتي راجعي الوقائع و القرارات و المراسيم
    عودي بذاكرتك قليلا لحال المرأه سابقا و حالها اليوم
    هناك حالات و لكنها ليست بالضرورة تعميم
    ان تعيش مرأة مرارة الألم ليس بالضرورة ان الجميع كذلك

    من تصور قبل 20 عاما ان تكون فتاة من نزوى كاتبة بارعه و رائعه في سماء الإنترنت !!!!!!

    من توقع ان تخرج لنا عالمة بجهاز يستخدم لإعادة تدوير النفايات من منطقة الباطنه؟

    أخيتي لازلنا بخير و حالات مقموعه وجب علينا ارشادها و مساعدتها ما استطعنا لا ان نشفق عليها فقط! و نصمت بعدها.



    دمتي بود

    ردحذف
  2. رحمة آل خليفين17 أكتوبر 2010 في 7:50 م

    great aysha

    ردحذف
  3. عزيزي المجهول,
    لا تخطيء الفهم, فأعتقد أن الكاتبة لا ترمي إلى أن المرأة لم تمنح الحقوق, بل بالعكس, فقد فرش لها الطريق نوعا ما; ولكن موضوعها يعني باختصار: ماذا فعلت صاحبات المراتب العليا في عمان لنظيراتهن العمانيات؟ أليس من الأرجح له أن يعنين بشأن أخواتهن؟ أليس أحد أسباب وجودهن في هذه المناصب هو لفت الانتباه إلى أوجه القصور في حقوق المرأة, بدلا من اقتصار دورهن على حضور مناسبات تكريم المرأة؟! هن لم يمنح المراتب بفعل أنهن أحسن في شيء من الأخريات, بل لأنهن في استطاعتهن أن أن يمثلن شقيقاتهن, ولكن هل هذا مايفعلنه؟
    والموضوع يتشعب.

    نظرة نقدية واعية,

    تحياتي.

    ردحذف
  4. السلام عليكم،

    غير معروف، لا تظن أنني أشن حملة على الأخت عائشه فهي أدرى بردودي :-) و لكن آلمني الأمثله التي ساقتها! و صدقني العديد من السيدات ذوات المناصب و المكرمات يقمن بعملهن و يساعدن مثيلاتهن ممن يودن الرقي لا مجرد انتظار الإغاثه و هن متكاسلات او رضين بهوانهن، الحكومة الرشيده لم تقصر في تلبية نداء المرأه في أي يوم، و لكن ككل عمل يجب ان يتم التخطيط الجيد لهذه الخطوات حتى لا يتفاجئ بها شعب ربي على تقاليد قديمه!!!!


    نعم اقولها لقد مثلت النساء اللواتي انتخبن في مجلس الشورى اخواتهن و قامن برفع طلباتهن حين كنا في المجلس و لازال بعضهن يقوم بهذا العمل في مجلس الدوله، و نحن دولة لا تدق الطبل و المزامير في كل عمل نقوم به :) او اقتراح يرفع للبت فيه :-)

    عموما لم اقصد ان اثير الأعصاب

    و لكن فلنقل الحمدلله فلازالت عمان الأفضل في حقوق المرأه على مستوى الوطن العربي

    ردحذف
  5. موضوع جميل ونقاش رائع..

    دمتم بود

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا تريدوا ملابس العيد، روحوا رقطوا (1)

5 قيم تعلمتُها من أميّ: غزالة بنت ناصر الكندية   عائشة السيفي صبيحَة يوم الأحد غسلتُ أمي وكفنتها مع أخواتي. جهزتُ لها لبسةً من حرير فأبلغتني المكفنةُ أن علي أن آتي بلبسة من قطن تخلو من الزركشة. اخترتُ لها أجمل ملابسها وبخرتُها كما كنت أبخر ملابسها لعشرات السنوات كل عيد. أذنتُ في أذنيها، وتأملت أصابعها المنفرجة وأنا أضع بينها الصندل. كانت كقطعة الحرير ببشرتها الصافية وكنت أحدثها: ما أجملك حيةً وما أجملك ميتة. كان مشهداً عظيماً لا أعرف كيف ألهمني الله لأعيشه. أعرفُ أنني كنت شاخصة العينين ولا أذكر أنني بكيت كثيرا.. كانت دموعي تنهمر بصمت إلى أن حملوها في الطارقة وتواروا عن الأنظار. لا أذكر كثيرا مما حدث بعدها فقد سقطتُ طريحة الفراش ليومين. ماتت أمي غزالة بنت ناصر الكندية بعد رحلة ثماني سنواتٍ ويزيد مع مرضٍ لعين اسمهُ ملتي سيستم أتروفي. ومنذ جرى تشخيصها، جُبنا بها أطباء العالم لعلنا نجدُ لها علاجاً فكانت النتيجة واحدة: إنه مرض نهايته الموت، الفارق فقط هو حتى متى سيعيش صاحبه. لسنواتٍ عاشت أمي وعشنا معها معاناةٍ مريرة لا يعلمها إلا الله ونحنُ نتأمل بعجزٍ شديد كيف كانت تنتقل من وهنٍ

عن كُورونا، وفقر اللقاح، والشّعب العُمانيّ القنوع: أسئلة غير قنُوعة إطلاقاً

  تحذير: إن كنت لا تحب لغة الأرقام فلا تقرأ هذا المقال   في نُوفمبر 2020، سألتُ مارجي فان جوخ، رئيسَة وحدة المواصلات واللوجيستيات في المنتدى الاقتصادي في دافوس عن استقرائها لشكلِ السباق العَالمي نحوَ اللقاح فأجابتني بأنّ حربَ اللقاحات قد بدأتْ بالفعل وأنّ كل دولة ستكونُ معنية بشعبها فحسب، وأنّ ثلاث عوَامل ستحددُ أسبقية الدول في الحصول على اللقاح، أولاً: ذكاء السياسيين في كلّ دولة وحنكتهم الدبلوماسية ستوضع تحتَ الامتحان الحقيقي لاختبار مِرَاسهم في التفاوض على أكبر عدد من الجرعات مستغلةً علاقاتها الدولية وشبكة معارفها للحصول على أكبر كمية بأسرع وقت ممكن، ثانياً: قدرة فرقهِم الاستراتيجيّة على استقراء مستقبل إنتاج اللقاح وأيٍ من شركات إنتاج اللقاح ستنتجُ أولاً وبفعالية تحصين أكبر وثالثاً: قدرتها المالية التي ستحدد مقدرتها على المخاطرة بشراء لقاحات لم تعتمد بعد بناءً على استقرائها للمستقبل، (إنّها مقامرَة عليهم اتخاذها وإلا فالنتائج وخيمة). معربةً عن قلقها من أنّ المرحلة القادمة ستفتقد المساواة في توزيع اللقاح. (عائشة، إنهم يجوبون العالم -بينمَا نتحدّثُ- بملايين من الكاش لحجز اللق

اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1)

ملاحظَة للقارئ قبلَ الشّروعِ في القرَاءَة: عائشَة حياتهَا. . صفحة بيضَاء جداً ! أشاركُ قليلاً من بيَاضها إيَّاك وأودعُ الباقيْ لهَا ولمن تحبّ .. إذا كنتَ تحملُ مسبقاً أيةَّ "مخلّفات داخليَّة سوداء" فالرجَاء عدم القرَاءة حولَ عائشَة: عائشَة .. قد تكُون أنا أو قد تكُونُ أنتَ .. وليس بالضرُورَة أن تكُونَ من تقرأ لها الآنَ في هذهِ المدوّنة قد يتضمّنُ أدناهُ حكَاياتِي أنا .. وقد يكُون خليطاً من حكاياتِ صديقاتٍ أخريَات .. أجمعها في حياةٍ واحدَة حافلة تستحقُ أن يمتلكَ صاحبها حلماً جميلاً عائشَة التيْ أحكي عنها هنَا.. كائنٌ يحلمُ بحياةٍ جميلة رغمَ يقينها أنّ الحياة لن تكونَ ذلك بالضرُورة .. وهي فتاة ٌ بسيطَة جداً .. يحكيْ بعضهُم .. أنّها لا تزالُ طفلة ً ترفضُ أن تكبر .. ويقولونَ أنّها تحوَّلتْ إلى زوجةٍ عاديةٍ غارقةٍ في تفاصيلِ حياتهَا اليوميَّة بعد زواجها .. يقولُ بعضهمْ أن عائشَة لم تعُد تهتمّ كثيراً بمن حولهَا .. وأنّها تحوَّلتْ -كآلافِ البشر حولنا- إلى كائنٍ غير معنيّ بالضرورة بجدالاتنا الثقافيَّة اليوميَّة المملة .. التيْ قد أثيرها أنا أو أنتَ أو عبيد أو جوخة أو علياء من المثقفي