التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قال مُوهْ .. قال صبَح يوكِل "جيذر"!

في عُمان ثمّة مقولة شهيرة نتداولها نحنُ العامة ونضربها في الشخصِ الذي يمتلكُ بين ليلةٍ وضحاها ثروَة كبيرة لينتقل من مصاف الناس العاديين إلى الأناس فاحشي الثراء .. العمانيونَ يقولونَ في وصفِ شخصٍ كهذا .. أنهُ نام .. وصبح الصبح وهوَ يوكل صفيلح!

الصفيلح .. غايَة أحلام العمانيين .. فلا أثرى من شخصٍ يستطيعُ تحمّل تكاليف أكل الصفيلح في عُمان. لا يوجدُ عُمانيّ لا يعرفُ الصفيلح لكنّي أدّعي أنّ أحداً منا –نحنُ العمانيين- لم يبصر الصفيلح في حياتهِ فما أن يقعَ الصفيلح في شباك الصيّاد المحظوظ حتى يتبخّر من أرضِ السلطنة إلى مائدَة ثريٍ خليجيّ .. أو مائدةِ مطعمٍ فاخرٍ في دبي لا يستطيعُ دفع تكاليفهِ إلا أصحاب الحساباتِ البنكيّة "المتخمة" .. ولهذا فقد أصبحَ الصفيلح رمزاً لا يقترنُ إلا بالثراء .. أعني الثراء الفاحش جداً جداً ..

إلا أنّ "أحلامَ العمانيين تواضعَتْ كثيراً" هذهِ الأيّام بعدَ أن تبخّر الجيذر من أسواقهم .. الجيذر الذي بدأ يختفي شيئاً فشيئاً .. بدأت نبوءات "تبخّره" من السوق المحليّ بمتابعَة ارتفاع سعرهِ في السوق فوالدِي الذي اعتاد أن ينزلَ كلّ صباحٍ إلى سوق نزوى اعتادَ قبل 5 أعوام أن يشتري كيلو الجيذر بريال واحد فقط فيما وصل سعرُ كيلُو الجيذر مؤخراً إلى أربع ريالاتٍ ونصف أي ارتفاع قدرهُ 450%!!!!!.. قبلَ أن ينسحبَ شيئاً فشيئاً من الأسواق ولا يتبقى غير الشعري والجرجور وأصناف أخرى مما رحمَ ربي..

فإذا كانَ سوقُ نزوَى "نطيحَة" كونها مدينَة داخليّة فإنّ مدناً ساحليّة كصور لم تكن أحسن حال من المترديَة وما أكلَ السبع فالناس تشتكي من ندرَة الجيذر في صُور "مدينَة البحر" .. وتشتكِي من الغلاء الذي حلّت لعنتهُ على الأسماك..

وبدلاً من لغة "التذمر" والكلام الإنشائي دعُوني أستعرضُ معكم آخرَ إحصائيّات المديريّة العامة للاحصائيّات الاقتصاديّة حول مؤشرات الارتفاع "الخطيرة" التي حلّت بأسماكنا العمانيّة فسعرُ التونة ازداد بنسبَة 25.5% في عام 2010 وازداد سعرُ الجرجور بنسبة 21.1% في عام 2010 أيضاً .. وحتّى السردين الذي يعدّ "ضيفاً" متواضعاً في مآدب العمانيين .. السردين الذي هوَ "غداء الفقارى" كما نسمّيه ارتفع بنسبة 13.4% خلال 2010م ..

حسناً .. سأعترفُ أنني انسانة بسيطة جداً .. ربّما أفهم لغة الأرقام لكنني لا أفهم كثيراً في الخطط الوطنية التي تخرجُ لنا بها وزارة الزراعة والثروَة السمكيّة بين الحين والآخر ولا أودّ أن "أتفذلك" و"أنظِّر" و"أهرف فيما لا أعرف".. لكنْ دعوني أسأل وزارة الزراعة والثروة السمكيّة وعلى رأسها الوزير الموقّر .. قلتم أنّ الجرّافات تم حظرها .. ولكنّ سعر السمك لم ينخفص بل تواصلت أسعاره في الصعود .. قلتم يا عمانيين سنحميكم من "استغلال الصيادين الجشعين الأشرار الذين هم مصدر بلائكم" بإنشاء سوق مركزي للأسماك .. وظلت الأسعار في ارتفاع .. قلتم يحظر على "الصيادين الأشرار" بيع السمك "غير المقطّع للامارات المتّحدة .. الحوت "الكبير" الذي نبيعهُ خيرات بحرنا مقابل "جواني الدراهم الاماراتيّة" .. ما يعنيْ أنّ حصّة "التصدير" الكبرى ستنتقل من الصيادين العاديين إلى "القروش الكبيرة" الذين يمتلكون معدات تقطيع الأسماك .. ومعَ ذلك ظلّت الأسعار أيضاً في الارتفاع ..

أنا أيّها السيد الوزير ومسؤوليك في الوزارة آنفة الذكر لا أفقه في الخطط الوطنيّة لإنقاذ ثروات بحرنا .. ومنح المجتمع المحلي جزءا بسيطاً من وافر بحرهِ "العمانيّ" .. لا أفقه ولا أدّعي علماً ولكنّي مواطنة عمانيّة بسيطة .. تقرأ عن خططكم الوطنيّة في الجرائد ولكنّي أذهبُ في السوق كلّ صباح ولا أرى اختلافاً في الأسعار .. أليست النتيجة المتوقعة من "خططكم الوطنيّة" هو توفير كميّة أسماك تغطي السوق المحليّ وتضبط أسعاره؟ حسناً أنا لا أرى ذلك ..

أنا أفتحُ الجريدة صباحاً وأقرأ عن صيادين يقسمُون أنّ الجرافات لا تزال تجوبُ بحار السلطنة .. ويقسمُون أنها لا تزال تقضي على الأخضرِ واليابس .. ويقسمُون أنّهم قدّموا بلاغاتهم ضدّها وأنّ أحداً لم يتحرك فبادر الصيادون أنفسهم بإيقاف الجرافة التي "تنافسهم" في رزقهم .. أنا أقرأ في الجريدة هذه القصص وأعود لأسرتي ومحيطي لأسمع بقية القصة عن أنّ الجرافة التي أوقفها الصيادون في اليوم الفلاني اتضح أنها لصاحب السمو الفلاني أو صاحب المعالي العلانيّ .. الناس تقولُ ذلك وأنا أقولُ لك: صدقاً .. ما الذي يحدثُ يا معالي الوزير؟

يا معالي الوزير .. هل تنزل إلى سوق السمك صباحاً وتبصر الناس كيفَ "يتقاتلون" على الحبة والحبتين من السمك؟ أنا أراها كل يوم وأنا في طريقي عائدة من عملي فأمر ببسطة سوق السمك وأرى "الأمم العظيمة" التي تتقاتل على كم حبة سمك ..

يا معالي الوزير.. شواطئنا تمتد لمسافة 3165كم .. والعماني يصرخُ ليل نهار: وينه السمك؟ وينه؟ يا معالي نحنُ بلاد البحر ونحنُ أبناء البحر .. ولكننا لا نعرفُ أين تذهبُ ثروة البحر؟

لا أعرفك يا معالي الوزير ولا أريد أن أحمّلك المسؤولية كلّ المسؤوليّة وأقسم بالله أنني يوم تعيينك احتفلتُ لأنّي ظننتُ أن الوزير السابقَ "هوَ المشكلة" ... وأنكَ ، أنكَ "الحلّ" ! قد أكونُ –كغيري- حمّلتك الكثير من الأحلام فوق طاقتك ومنحناك آمالاً أكثر مما أنتَ قادرٌ على تحقيقها .. لا أعرف! ولكنني خائفة على ثروة بلدي التي أراها تتبخرُ أمام عيني .. نحنُ أولى بها .. نحنُ أحقّ بها .. أرجوكَ افعل شيئاً!

يا معالي الوزير .. لقد حمدنا الله وسبّحنا وحوقلنا .. حين صدرَ قرارُ إيقاف الجرافات .. يا معالي الوزير .. نحنُ لا نطلبُ "الشارخة" التي نأكلها في مطاعم تايلاند والإمارات .. يقدمونها لنا ويكتبون تحتها بفخرٍ "الشارخة العمانيّة" .. فيما لا نعرف للشارخة العمانيّة طريقاً في بلدنا .. ولا نريدُ "الروبيان العمانيّ" الذي اختفى من أسواق كارفور واللولو وحلّت مكانه "جنسيّات الروبيان الأخرى" .. لا نسأل عن الأخطبوط ولا عن الحبّار ولكننا نسأل عن الجيذر والجرجور والشعري وسمك ابراهيم وبقية الأنواع التيْ اعتدنا أن نراها على مائدة "المواطن العُمانيّ العادي" ..

ما الذي أقترحهُ إذن يا معالي الوزير؟

إن كان بمقدروك أن تنقذ أسماكنا من أيدي "لصوصِ البحر وقراصنته" .. إن كانَ بمقدورك "مناطحة صاحب المعالي وصاحب السمو" الذي يلمزهُ الناس يمنة ويسرةً في قصصهم عن الجرافات "السائبة" .. إن كانَ بمقدورك أن تفعل شيئاً فافعل فقد بدأ الناسُ يضجون .. بدأوا يعيدون نظريّات المؤامرة على "بحرنا العُمانيّ" .. إن كان بمقدورك فافعل فليس ثمَة وقتاً أفضل من الآن.. وإن لم يكن بمقدورك ذلك .. فإنني أدعوك وأدعو كلّ عمانيٍ يقرؤني أن يقف دقيقة صمت .. دقيقة صمتٍ في وداع الجيذر .. في وداع "سكان البحر" .. أن يقفوا دقيقة صمتٍ .. يصلون فيها على "رزق البحر" الذي شحّ على أبناء البحر وذهبَ إلى غيرهم ..

دعونا نقفُ يا أصدقائي دقيقة صمت.. وقِفْ معنا يا معالي الوزير .. سوف نتوقف في دقيقة الصمت هذه عن الحديث عن أحلامنا التي تواضعت من الصفيلح للجيذر .. سوف نتوقف عن الحديث عن الجرّافات .. سوف نتوقف عن الحديث عن ارتفاع سعر السمك الخيالي.. سوف نتوقف عن الحديث عن كلّ شيءٍ وأي شيء .. وسوف نصمت .. نصمتُ لدقيقة واحدةٍ عن كل ذلك .. ونترحم على "البحر العمانيّ" وَ"السمك العُمانيّ" الذي هاجرَ من أسواقنا المحليّة ربما .. ربما إلى غير رجعة!

تعليقات

  1. مقال فيه من الجمال ما فيه ... لكن من الجيد لو كان قصيراً مبتعداً عن التخاطب الإنشائي القصصي واللف والدوران حول نفس الفكرة .... من المهم تركيز المقال على الأرقام والإسهاب في شرح الفكرة وليس في التعبير الوصفي عنها ...دعوا الرقم والمنطق يتحدثان بانسجام...

    ردحذف
  2. ما شاء الله مقال طازج

    ردحذف
  3. صدق من قال : [ الكتابة بالكيف. وليس بالكم]
    فقد افتقدناكِ بعد موضوع : [ ما واجد يا شيخ ما واجد]
    ولكن ها أنتي تعودين والعود [ أحمد]
    تعودين من جديد برسالة لا تقل أهمية عن الرسائل السابقة
    كلنا معكِ يا عائشة، وأستميحكِ عذراً أن أنقل هذا الموضوع لمنتدى سبلة عمان، حيث تم تثبيت موضوع بعنوان : [۞ قضية اليوم (3)۞ غلاء غذاء العقل۞الاسماك۞ ]، وسأنقل هذا الموضوع كرد يثري النقاش ويعزز من وسائل الضفط على الوزارة المعنية.
    تحية شكرا لكِ يا عائشة .

    تحياتي: الدكتور طلعت زكريا

    رابط الموضوع :
    http://avb.s-oman.net/showthread.php?t=1531794&page=3&p=32773561&posted=1#post32773561

    ردحذف
  4. أرسل أصلا بواسطة الدكتور طلعت زكريا

    موضوع الأسماك ليس بحاجة إلى الكثير من الحلول وليس معقدا كما يعتقد البعض، وكل ما في الأمر على أولئك الذين يطلقون على أنفسهم [ رجال الأعمال] أن يلتفتوا قليلاً إلى ضمائرهم، وأن يتركوا عنهم [ أنانيتهم] ليتخلوا قليلاً عن الجشع الذي ملاء بطونهم وحجب الرؤية عن عيونهم، وفي المقابل على الوزارة أن تتخذ خطوات ملموسة على الواقع وجريئة في التعامل مع هاؤلاء بنوع من الجدية والحزم دون المجاملات أو الإلتفاف حول مطالب المواطنين، وأعتقد أننا لسنا بحاجة إلى أكثر من ذلك، فالأمر ليس في غاية الصعوبة، وليس بحاجة لتحليل وتدقيق وتمحيص، [وإذا عُرف السبب بطل العجب]، فالسبب في البحر الذي امتلاء سطحه بالجرافات مثلما امتلاء بطنه بالأسماك .

    ردحذف
  5. مقال رائع وفي موضوع مهم للغاية. جزاك الله خير على هذا الطرح وأتمنى أن يلاقي آذان تسمع.

    ردحذف
  6. مقال ممتاز وفي الصميم. لعل وعسى يلقى آذان تسمع.

    ردحذف
  7. ياااااااه ...
    ابي ايضا يشكتي بقوة من غلاء السمك ... والمنزل اصبح يريد استبداله بوجبة اخرى ونفكر بذلك بقوة :)

    "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس"

    وان كان تفسيري متواضعا .. ففساد الناس وصمتهم وصمت النخبة _الذين يعرفون الكثير ولا يحركون ساكنا_ ارتد عليهم الان .. وسيرتد بنفاذ السمك قريبا جدا من اسواقنا :)
    ياليييييييييييييييييييت لو احد من العارفين بخفايا الاسماك .. يروح وييحمل نفسه وجماعة كبيرة الشباب والشيبة ، وخلا مظاهرة امام الوزارة .. لكي يزيد الضغط ، واذا لم يستيجب احد ، يتم تكبير الامر ... اقسم بالله كنت الاول في الصفوف ... لأنها ثروة بلادي ، ولا اراها الا في يد الاجانب والحمقى الفاسدين المفسدين في بلادنا ...
    يااااااااااااااااااااااارب ارى احدا يفعل ذلك قريبا .. تثور البلاد فوق تحت ، يٌحرق ما يٌحرق ، والله لا ابالي ، ولكن ما ابالي به تلك الثروة التي يجب ان يتمتع بها من يستحقها من سكان عمان الطاهرة التي ضاقت ذرعا بالفاسدين والله :)

    ردحذف
  8. ناصر الكندي30 مارس 2012 في 5:56 ص

    عندما تتحد الأراء في وقف الفساد ظاهرا وباطنا سنجد السمك بكل أنواعه في اسواق ** أبناء البحر **

    دعوا ضمائركم تنطق

    ردحذف
  9. أذهب شبه يومي لسوق السمك في دبي وهناك العشرات من الشاحنات العمانية تأتي بأفضل الأسماك إلى ذلك السوق ، وفي يوم من الأيام تعرفت على شخص من جنوب أفريقيا ودار الحوار معاً عن حبه للسلطنة ودائما ما يذهب لمكتب عمان التجاري بدبي للحصول على تصريح بحري لزيارة السلطنة بزورقه عن طريق البحر وهو يهوى الغوص في بحر العرب وخاصة قرب شواطي منطقة شليم ومن حديثه يقول أنه يرى العجب العجاب من كثرة الأسماك في ذلك المكان ويصف بقوله أن للسلطنة ثروة عظيمة من الأسماك لو صدرت للعالم من أفضل أنواع الأسماك لاستطاعة ، وأنا حقيقة أحسب الف حساب عندما تعطيني زوجتي قائمة المستريات ومن ضمنها السمك ، نسأل الله السلامة .

    ردحذف
  10. مقال جميل كنت وما زلت تتميزين بالجرأة واللباقة في مواضيعك
    ووفقك الله دائما
    ودمتم بخير

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا تريدوا ملابس العيد، روحوا رقطوا (1)

5 قيم تعلمتُها من أميّ: غزالة بنت ناصر الكندية   عائشة السيفي صبيحَة يوم الأحد غسلتُ أمي وكفنتها مع أخواتي. جهزتُ لها لبسةً من حرير فأبلغتني المكفنةُ أن علي أن آتي بلبسة من قطن تخلو من الزركشة. اخترتُ لها أجمل ملابسها وبخرتُها كما كنت أبخر ملابسها لعشرات السنوات كل عيد. أذنتُ في أذنيها، وتأملت أصابعها المنفرجة وأنا أضع بينها الصندل. كانت كقطعة الحرير ببشرتها الصافية وكنت أحدثها: ما أجملك حيةً وما أجملك ميتة. كان مشهداً عظيماً لا أعرف كيف ألهمني الله لأعيشه. أعرفُ أنني كنت شاخصة العينين ولا أذكر أنني بكيت كثيرا.. كانت دموعي تنهمر بصمت إلى أن حملوها في الطارقة وتواروا عن الأنظار. لا أذكر كثيرا مما حدث بعدها فقد سقطتُ طريحة الفراش ليومين. ماتت أمي غزالة بنت ناصر الكندية بعد رحلة ثماني سنواتٍ ويزيد مع مرضٍ لعين اسمهُ ملتي سيستم أتروفي. ومنذ جرى تشخيصها، جُبنا بها أطباء العالم لعلنا نجدُ لها علاجاً فكانت النتيجة واحدة: إنه مرض نهايته الموت، الفارق فقط هو حتى متى سيعيش صاحبه. لسنواتٍ عاشت أمي وعشنا معها معاناةٍ مريرة لا يعلمها إلا الله ونحنُ نتأمل بعجزٍ شديد كيف كانت تنتقل من وهنٍ

عن كُورونا، وفقر اللقاح، والشّعب العُمانيّ القنوع: أسئلة غير قنُوعة إطلاقاً

  تحذير: إن كنت لا تحب لغة الأرقام فلا تقرأ هذا المقال   في نُوفمبر 2020، سألتُ مارجي فان جوخ، رئيسَة وحدة المواصلات واللوجيستيات في المنتدى الاقتصادي في دافوس عن استقرائها لشكلِ السباق العَالمي نحوَ اللقاح فأجابتني بأنّ حربَ اللقاحات قد بدأتْ بالفعل وأنّ كل دولة ستكونُ معنية بشعبها فحسب، وأنّ ثلاث عوَامل ستحددُ أسبقية الدول في الحصول على اللقاح، أولاً: ذكاء السياسيين في كلّ دولة وحنكتهم الدبلوماسية ستوضع تحتَ الامتحان الحقيقي لاختبار مِرَاسهم في التفاوض على أكبر عدد من الجرعات مستغلةً علاقاتها الدولية وشبكة معارفها للحصول على أكبر كمية بأسرع وقت ممكن، ثانياً: قدرة فرقهِم الاستراتيجيّة على استقراء مستقبل إنتاج اللقاح وأيٍ من شركات إنتاج اللقاح ستنتجُ أولاً وبفعالية تحصين أكبر وثالثاً: قدرتها المالية التي ستحدد مقدرتها على المخاطرة بشراء لقاحات لم تعتمد بعد بناءً على استقرائها للمستقبل، (إنّها مقامرَة عليهم اتخاذها وإلا فالنتائج وخيمة). معربةً عن قلقها من أنّ المرحلة القادمة ستفتقد المساواة في توزيع اللقاح. (عائشة، إنهم يجوبون العالم -بينمَا نتحدّثُ- بملايين من الكاش لحجز اللق

اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1)

ملاحظَة للقارئ قبلَ الشّروعِ في القرَاءَة: عائشَة حياتهَا. . صفحة بيضَاء جداً ! أشاركُ قليلاً من بيَاضها إيَّاك وأودعُ الباقيْ لهَا ولمن تحبّ .. إذا كنتَ تحملُ مسبقاً أيةَّ "مخلّفات داخليَّة سوداء" فالرجَاء عدم القرَاءة حولَ عائشَة: عائشَة .. قد تكُون أنا أو قد تكُونُ أنتَ .. وليس بالضرُورَة أن تكُونَ من تقرأ لها الآنَ في هذهِ المدوّنة قد يتضمّنُ أدناهُ حكَاياتِي أنا .. وقد يكُون خليطاً من حكاياتِ صديقاتٍ أخريَات .. أجمعها في حياةٍ واحدَة حافلة تستحقُ أن يمتلكَ صاحبها حلماً جميلاً عائشَة التيْ أحكي عنها هنَا.. كائنٌ يحلمُ بحياةٍ جميلة رغمَ يقينها أنّ الحياة لن تكونَ ذلك بالضرُورة .. وهي فتاة ٌ بسيطَة جداً .. يحكيْ بعضهُم .. أنّها لا تزالُ طفلة ً ترفضُ أن تكبر .. ويقولونَ أنّها تحوَّلتْ إلى زوجةٍ عاديةٍ غارقةٍ في تفاصيلِ حياتهَا اليوميَّة بعد زواجها .. يقولُ بعضهمْ أن عائشَة لم تعُد تهتمّ كثيراً بمن حولهَا .. وأنّها تحوَّلتْ -كآلافِ البشر حولنا- إلى كائنٍ غير معنيّ بالضرورة بجدالاتنا الثقافيَّة اليوميَّة المملة .. التيْ قد أثيرها أنا أو أنتَ أو عبيد أو جوخة أو علياء من المثقفي