التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حنظلَة .. كما هوَ ، "دايرْ ظهرُه" للعالم !/ردُهات


حنظلَة .. كما هوَ ، "دايرْ ظهرُه" للعالم !

http://www.alwatan.com/dailyhtml/culture.html

عائشَة السيفيّ

ufuq4ever@yahoo.com




قبلَ أن أولدَ بعَام .. رحلَ صاحبهُ مُغتالاً برصاصةٍ استقرت أسفلَ عينهِ اليمين .. والآن بعدَ اثنين وعشرينَ عاماً من موتِ صاحبهِ .. أصبحَ الأطفالُ الذينَ لم يخلقُوا في بطُون أمّهاتهم حينَ ماتَ شباباً .. وأصبحَ الشبابُ الذينَ عاصرُوا موتهُ كهولا .. ورغمَ ذلك فحنظلة كمَا هو .. لم تغيّر منهُ سنوَاتُ الحياةِ شيئاً .. لا يزالُ على سنينهِ العشر .. عاقداً يديهِ .. ومعرضاً بظهرهِ عن العالمِ كلّه .. يالهُ من حنظلة هذا العصيّ على الدهر .. الواقفُ الزمانُ على قدميهِ .. لا يشيخُ ولا يفنَى ! ولا غيّرتُ منهُ سنوَات الموتِ منذُ 1987 نظرتهُ التهكميّة ، تماماً ولا قرّر أن يبتسمَ لحظة ً ثمّ يعود إلى تقطيبتهِ المعتادَة .. تلكَ التقطيبَة التيْ يلمحهَا القارئُ منَ الخلفِ منذُ رسمهُ صاحبهُ بها لم تتغيّر .. وربّما لأن كلّ ما رآه من مآسي شعبهِ كانَ أكبر من أنْ تستحقَ ابتسامة ٌ واحدَة أن تتحمّله .. حنظلَة هذا .. الرّجل في جسدِ طفل !

هكذا قرّر ناجي العَلي –رسّام الكاريكاتيُور العالميّ- أن يكونَ قدر "حنظلَة" .. قبلَ 40 عاماً .. منذُ قرّر أن يكونَ حنظلَة شخصيّة كاريكَاتيوراتهِ الرئيسَة .. ومنذ ُ أن قرّر جعلـَهُ شاهداً على معاناةِ شعبه .. وكانَ ما قرّر !

ناجيْ العلي تنبّأ أن تكونَ الرّسالة التيْ عهدَ على نفسهِ أن يؤدّيها حتى النهايَة هيَ الرصَاصة التي تودي بحيَاتهِ ولأجلِ ذلكَ قرّر أن يكونَ حنظلة حاضراً في كلّ مشهد .. في كلّ صرخة .. وأن يكونَ كالشّبح ! ينتقلُ من بقعةٍ لأخرى ليعاصرِ مصيرَ شعبهِ المتأرجحِ .. وليؤرّخ كلّ شيء متعلقٍ بفلسطينيّتهِ وعربيّتهِ ..

وحينَ سئلَ ناجي العليّ .. متَى يمُوت حنظلَة أجابَ (هذا المخلوقُ الذي ابتدعتُه لنْ ينتهِي منْ بَعدِي ، بالتأكيدِ ، وربّما لا أبالغُ إذا قلتُ أنّي قدْ أستمرُ بهِ بعدَ موتِي)

هلْ كانَ ناجي العلي يقرأ القادم؟ حينَ يموتُ ناجي ! ويحيَا حنظلَة؟

نعَم .. شاختِ الوجُوه ، والمَبادئ ، وشاخ مخيّم عين الحلوَة بلبنان الذي أمضَى ناجي العليّ سنواتِ عمرهِ بهِ .. وشاختِ الأقبية ، ووقعتِ الحرُوب واغتيلتِ الشخصيّات الفلسطينيّة التيْ عاصرتْ حنظلة .. وكما هُو .. ظلّ حنظلَة صغيراً بسنوَاتهِ العشر التيْ قالَ صاحبهُ عنها .. "أنّ حنظلة ولدَ وعمرهُ عشرُ سنوات .. ولنْ يتحرّك سنة ً للوراءِ ولا للخلف .. سيظلّ دائماً هكذا .."

خرّيج السُجُون المحترف ناجي العلي الذي حينَ سئلَ كم مرّة ً دخل السجن أجابَ .. من كثرةِ ما زرتها نسيتُ أن أحصيها .. والسجُون كذلك لمْ تعد كما كانتْ ولم تعدِ الجدرانُ الاسمنيّة بتلك القوة التيْ رسمَ عليها ناجي العلي حنظلتهُ .. الجدرَان اعتلت .. وهوَ كما هو .. يخبرُ خرّيجي السجون أنّ رجلاً كان هنا قبلَ 40 عاماً .. يختصرُ العالم في رسمَة واحدَة .. وهوَ ليسَ منحازاً لأيّ شيءٍ سوَى للمظلومين .. سوَى للانسانِ المسحُوق تحتَ الاحتلال والظلم ..

من يصدّق أنّ رساماً كاريكاتيورياً استطَاع أن يرسمَ حنظلَة في 40 ألف رسمَة كاريكاتُور دونَ أن يجعلَ من حضُور حنظلة حضوراً مملاً أو متكرراً .. ولم يجعل من شخصيّاتِه الأساسيّة طريقة ً مبتذلَة لإقناعِ الآخر بفكرتهِ ..

ولأجلِ ذلكَ كانتْ فاطمة .. شخصيّة الكاريكاتيُور الشهيرة الحاضرَة دائماً في رسُومات ناجي العليّ ممثلة ً الأمّ الفلسطينيّة .. التيْ ترفعُ من أزرِ زوجها دائماً .. الذيْ قد يتخاذلُ في بعضِ الأحيانِ لكنّ فاطمَة تمارسُ دورها غير الاعتياديّ .. حينَ يلينُ زوجها تقسُو فاطمَة .. وفي أقسَى ورطَات الحرب تبدُو فاطمَة "الحزينَة دائماً" متماسكَة .. رابطَة الجأش !

تظهرُ فاطمَة .. تمسكُ في إحدَى المشاهدِ بيدها اليسارِ طفلها وهيَ ترضعهُ من صدرها .. وفي يدها اليَمين ، تنظّف بندقيّة زوجها الذاهب لمواجهةِ جنودِ الاحتلالِ ..

وفي إحدَى الصور.. تحرقُ النقُود التيْ أغريَ بها زوجها ليصبحَ عميلاً لأحدِ الأنظمَة وهي تقُول: (الله يعمي عيُوني قبل ما أشوفكْ عميل ! )

بفَاطمة .. وحنظلة وزوجها .. وشخصياتٍ أخرى ، قرّر ناجي العلي أن يجابهَ السّلاح .. بسلاحٍ آخر .. تحوّل هؤلاء إلى طريقةِ ناجي الخاصّة في الرّفض وهؤلاءِ أصبحُوا لاحقاً مصدرَ إحراجٍ للأنظمَة المستبدّة –العربيّة والاسرائيليّة على السّواء -التيْ لم تجد طريقة ً أخرى لإسكاتِ ناجي سوَى بإسكَاتِ روحهِ ..

سقط َ ناجي العلي في لندن .. كما أرَاد حينَ قال ( ياللي بدو يرسم لفلسطين يعرف نفسه ميت ميت .. وأنا بديش أتحرك عن مبادئي ولو شعرة واحدة)

خلال سنّي حياتهِ ، اقتربَ ناجي كثيراً من الموت حتّى أصبح كالزهرَة ، تجتذبُ الجَميع .. الأنظمَة العربيّة العميلة التيْ ارتضتِ الهدنة مع العدّو ، والعدوّ نفسه .. ولربّما كان ذلك أقلّ وطئاً من أن يجدَ ناجي العلي نفسهُ مطلوباً من أبناءِ وطنهِ .. هؤلاء الذينَ يرسمُ لأجلهم ، ولربّما تعلقُ في الأذهان التصريحَات التيْ فجّر ناجي بها أزمَته مع منظّمة التحرير الفلسطينيّة التي أشارَ إليها بمحاولاتِ قتلهِ متحدثاً عن حوارٍ هاتفيّ دار بينهُ وبينَ "محمود درويش" الشّاعر القياديّ يومها في المنظمَة الذي هدّده بتصفيتهِ .. هل كانَ ذلك صحيحاً؟ لا أحدَ يدريْ لأنّ الرجلين الآنَ وسّدتهما الأرض وإنْ باعدتْ بين قبريهما مسافَة الجغرافيا !

ظلّ قتلة ُ ناجي مجهولينَ لأعوامٍ حتّى فجرتْ صحيفَة اسرائيليّة نشرت بعد مقتلهِ بسنواتٍ قائمَة بالعمليّات الناجحة التيْ قامَ بها جهازُ المخابراتِ الاسرائيليّ لاغتيَالِ شخصياتٍ فلسطينيةٍ مدرجة ً ناجي العلي ضمنَ القائمَة

لمْ يتعلّم ناجيْ العلي كيفَ يرسم؟ فقد علّمه الحزن ذلك .. وعلّمتهُ حياةُ التشرّد التي عاشها منذُ ولد في وطنهِ وأجلاهُ الاحتلالُ طفلاً إلى لبنان .. وعلّمتهُ السجُون الكثيرة المتشابهَة التيْ مكثَ بها كيفَ يجعلُ من الحزنِ مادة ً للضحك .. وكيفَ يجعلُ من الظلمِ والاستبداد مادة ً للسخريَة !

أكمَلَ ناجي العلي .. قبلَ يومينِ اثنينِ وعشرين عاماً وهوَ يرقدُ في قبرهِ "غير الاختياريّ" في لندن .. الذيْ عجزَ أقاربهُ أن يحققوا لهُ أمنيتهُ بأن يدفنَ بجانبِ والدهِ في مخيّم عين الحلوة .. دونَ أن يمنحَ الملايينَ الذينَ أحبّوه أمنيتهُم بأنْ يرَوا شكلَ "حنظلَة" الذيْ قالَ ناجيْ العلي أنهُ سيريْ وجههُ للعالمِ حينَ تصبحُ الكرَامة العربيّة بأمان .. وينتهيْ خوفُ الانسانِ العربيّ من فقدانِ حريّتهِ وملاحقةِ حكُوماتهِ وهوَ ما لمْ يحدث ..

هكذا إذن كانَ قدر حنظلة .. المطلوبُ حياً أو ميتاً ألا يعرفَ أحدٌ ما بأيّ شكلٍ هو .. وبأيِ وجهٍ يطالعُ بهِ العالمَ ..

ومنذُ كتَّفَ ناجي يديْ حنظلَة إلى الخلف .. لم يرفع حنظلة يديهِ أبداً .. ظلّ كما هوَ رافضاً لأيّ مساومَة على وطنهِ .. غير مهادنٍ لأيّ نظامٍ يمسّ كرامة الانسانِ فيهِ ..

حنظلَة ابنُ المرارة .. وسيظلُ كذلك .. سنكبرُ نحنُ بعدَ عشرين عاماً .. ونشيخ .. سوفَ تملأ التجاعيدُ أوجهنا .. وينمُو شعرنا ثمّ يسقط

لكنّ حنظلة سيحتفظُ بطفولتهِ الصعبة .. وبرقمِ سنوَاتهِ الصعب .. وسيظلّ شعرُ رأسهِ كذلكَ كما هوَ .. بسحنتهِ الساخرَة .. نصفَ حليقٍ .. لا ينمُو أبداً..

الزّمان يمضيْ .. والأمكنَة تتغيّر .. وناجيْ العلي لمْ يعد معنياً بالعالم .. فقدْ تركَ أمانتهُ حية ً .. مطمئناً إلى أنّ أيّ رصاصةٍ لن تستطيعَ إسكَاتَ طفلهِ الذيْ رسمهُ .. هذا الحنظلَة غير الرّاغب في الموت .. غير الآبهِ بنا ونحنُ نشيخُ .. غيرُ المعنيّ بأيّ شيءٍ سوَى بالأوطانِ المسلوبة ..

يقفُ حنظلة كما هوَ "داير ظهرُو للعالم" .. مكتّف اليدين من الخلف .. بثيابهِ الرثّة وحتى بالرقعَة في كمّ قميصهِ اليمين .. بوجههِ المجهولِ لا شيءَ يطالهُ ، بلا مبالاتهِ المعتادَة يقفُ وبطريقتهِ التهكميّة الحزينة ..

حنظلَة ابنُ السجُون .. وخرّيج معاهدِ الحزن .. التيْ حفرتْ في ريشةِ صاحبهِ ذلك الوعيَ الذي لم يأخذهُ من معاهدِ الرّسم .. بلْ من معهدِ الحياةِ التيْ علّمتهُ "لا مسَاومة على الوطن!" وعلّمتهُ بألا ينحازَ لأحدٍ سوَى لأولئكَ المنسيينَ تحتَ أقدامِ الاحتلال .. يمارسُون الحياة ولكنْ بطريقتهمِ السّاخرة .. الشبيهَة بطريقَة "حنظلة" .. المشَاكس الذيْ رأى العالمَ وعمرهُ عشرُ سنوات .. وسينتهيْ العالمُ وحنظلة بسنواتهِ العشر لا يشيخ ..

تعليقات

  1. ملكة ردهات الوطن!
    ليتنا أدركنا لماذا كان حنضلة يخفي ملامح وجهه؟!

    أحفظ للأبنودي ابيات مؤثرة:
    أمايه.. وانتى بترحى بالرحى..
    على مفارق ضحى..
    ـ وحدك ـ وبتعددى
    على كل حاجه حلوه مفقوده
    ماتنسيش ياامه في عدوده
    عدوده من أقدم خيوط سودا في توب الحزن
    لاتولولى فيها ولا تهللى..
    وحطى فيها اسم واحد مات
    كان صاحبى يا امه..
    واسمه
    ناجى العلى


    السيفية:انتي لستي شاعرة بل جلسة شعراء أزلية!

    قبل أن انتهي- بعيدا عن حنضلة-:دعيني اسألك :هل تعرفين سبب نقل الكاتب الكبير من الجريدة -التي تضيئينها بردهاتك- إلى جريدة" اليافعون" حيث يكتب زميلنا تركي البلوشي"؟!
    أقام لنفسه هناك عمودا (مسمار جحا)!
    سمعت قبلهاأنه تم نقله إلى هيئة خاصة(درجاتها المالية خاص!) كعملية تدجين له؟!

    ردحذف
  2. كادت أن تسقط دمعة يا عائشة ..

    ردحذف
  3. أخي مُوسى..
    وما المسؤولُ بأعلمَ من السّائل..
    ربّما هرباً من الرقابة .. ربّما ، ربّما !
    خلينَا في نَاجي ..سمعتُ أنّ الأبنوديْ متعبٌ هذه الأيّام

    الله.. تذكّرتُ رائعتهُ وعبدالحليم :أحلم بسماها وترابها ..

    دعواتنا لهُ

    ردحذف
  4. أترين يا عائشة .. عالم كامل لا يستحق أن ندير وجوهنا إليه!! ما أضيقه!

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا تريدوا ملابس العيد، روحوا رقطوا (1)

5 قيم تعلمتُها من أميّ: غزالة بنت ناصر الكندية   عائشة السيفي صبيحَة يوم الأحد غسلتُ أمي وكفنتها مع أخواتي. جهزتُ لها لبسةً من حرير فأبلغتني المكفنةُ أن علي أن آتي بلبسة من قطن تخلو من الزركشة. اخترتُ لها أجمل ملابسها وبخرتُها كما كنت أبخر ملابسها لعشرات السنوات كل عيد. أذنتُ في أذنيها، وتأملت أصابعها المنفرجة وأنا أضع بينها الصندل. كانت كقطعة الحرير ببشرتها الصافية وكنت أحدثها: ما أجملك حيةً وما أجملك ميتة. كان مشهداً عظيماً لا أعرف كيف ألهمني الله لأعيشه. أعرفُ أنني كنت شاخصة العينين ولا أذكر أنني بكيت كثيرا.. كانت دموعي تنهمر بصمت إلى أن حملوها في الطارقة وتواروا عن الأنظار. لا أذكر كثيرا مما حدث بعدها فقد سقطتُ طريحة الفراش ليومين. ماتت أمي غزالة بنت ناصر الكندية بعد رحلة ثماني سنواتٍ ويزيد مع مرضٍ لعين اسمهُ ملتي سيستم أتروفي. ومنذ جرى تشخيصها، جُبنا بها أطباء العالم لعلنا نجدُ لها علاجاً فكانت النتيجة واحدة: إنه مرض نهايته الموت، الفارق فقط هو حتى متى سيعيش صاحبه. لسنواتٍ عاشت أمي وعشنا معها معاناةٍ مريرة لا يعلمها إلا الله ونحنُ نتأمل بعجزٍ شديد كيف كانت تنتقل من وهنٍ

عن كُورونا، وفقر اللقاح، والشّعب العُمانيّ القنوع: أسئلة غير قنُوعة إطلاقاً

  تحذير: إن كنت لا تحب لغة الأرقام فلا تقرأ هذا المقال   في نُوفمبر 2020، سألتُ مارجي فان جوخ، رئيسَة وحدة المواصلات واللوجيستيات في المنتدى الاقتصادي في دافوس عن استقرائها لشكلِ السباق العَالمي نحوَ اللقاح فأجابتني بأنّ حربَ اللقاحات قد بدأتْ بالفعل وأنّ كل دولة ستكونُ معنية بشعبها فحسب، وأنّ ثلاث عوَامل ستحددُ أسبقية الدول في الحصول على اللقاح، أولاً: ذكاء السياسيين في كلّ دولة وحنكتهم الدبلوماسية ستوضع تحتَ الامتحان الحقيقي لاختبار مِرَاسهم في التفاوض على أكبر عدد من الجرعات مستغلةً علاقاتها الدولية وشبكة معارفها للحصول على أكبر كمية بأسرع وقت ممكن، ثانياً: قدرة فرقهِم الاستراتيجيّة على استقراء مستقبل إنتاج اللقاح وأيٍ من شركات إنتاج اللقاح ستنتجُ أولاً وبفعالية تحصين أكبر وثالثاً: قدرتها المالية التي ستحدد مقدرتها على المخاطرة بشراء لقاحات لم تعتمد بعد بناءً على استقرائها للمستقبل، (إنّها مقامرَة عليهم اتخاذها وإلا فالنتائج وخيمة). معربةً عن قلقها من أنّ المرحلة القادمة ستفتقد المساواة في توزيع اللقاح. (عائشة، إنهم يجوبون العالم -بينمَا نتحدّثُ- بملايين من الكاش لحجز اللق

اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1)

ملاحظَة للقارئ قبلَ الشّروعِ في القرَاءَة: عائشَة حياتهَا. . صفحة بيضَاء جداً ! أشاركُ قليلاً من بيَاضها إيَّاك وأودعُ الباقيْ لهَا ولمن تحبّ .. إذا كنتَ تحملُ مسبقاً أيةَّ "مخلّفات داخليَّة سوداء" فالرجَاء عدم القرَاءة حولَ عائشَة: عائشَة .. قد تكُون أنا أو قد تكُونُ أنتَ .. وليس بالضرُورَة أن تكُونَ من تقرأ لها الآنَ في هذهِ المدوّنة قد يتضمّنُ أدناهُ حكَاياتِي أنا .. وقد يكُون خليطاً من حكاياتِ صديقاتٍ أخريَات .. أجمعها في حياةٍ واحدَة حافلة تستحقُ أن يمتلكَ صاحبها حلماً جميلاً عائشَة التيْ أحكي عنها هنَا.. كائنٌ يحلمُ بحياةٍ جميلة رغمَ يقينها أنّ الحياة لن تكونَ ذلك بالضرُورة .. وهي فتاة ٌ بسيطَة جداً .. يحكيْ بعضهُم .. أنّها لا تزالُ طفلة ً ترفضُ أن تكبر .. ويقولونَ أنّها تحوَّلتْ إلى زوجةٍ عاديةٍ غارقةٍ في تفاصيلِ حياتهَا اليوميَّة بعد زواجها .. يقولُ بعضهمْ أن عائشَة لم تعُد تهتمّ كثيراً بمن حولهَا .. وأنّها تحوَّلتْ -كآلافِ البشر حولنا- إلى كائنٍ غير معنيّ بالضرورة بجدالاتنا الثقافيَّة اليوميَّة المملة .. التيْ قد أثيرها أنا أو أنتَ أو عبيد أو جوخة أو علياء من المثقفي