التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كمَا قَال فُـوكو عَن العقـل !



http://www.alwatan.com/dailyhtml/culture.html#4


عائشَة السيفيّ
ufuq4ever@yahoo.com


حينَ سألَ أحدُ الأصدِقاء في الفيس بُوك عن الكتبِ التي غيّرت حياتنا؟ كانَ ردّ أحدهم.. تاريخ الجنُون لميشيل فوكو .. لم أكنْ حينها قد قرأتُ لفوكو بعد .. غير أنّ الكتابَ كانَ بين يديّ بعدها بأيّامٍ قلائل.. وحينَ شرعتُ في قراءَة الكتَاب وافقتُ الرأيَ أصدقاءَ الفيس بُوك تماماً !
الأسئلَة التيْ يثيرها فُوكو ثقيلَة جداً .. ما معنَى أنْ تكونَ مصاباً بالجنُون؟ ومن هوَ المسؤول عن إقرارِ ذلكَ؟ وما هوَ تاريخُ الجنون؟ وهل الجنُون نظير للا العقل؟ أو ضدّ العقل؟
أسئلَة من الحَجم الكبير يخصّص فوكُو عشراتِ الصفحاتِ والفصُول لدراستها تاريخياً ، فلسفياً وعلمياً ..
الطريقَة التيْ يبدأ بها فُوكو كتابهُ أقلّ ما يقالُ عنها أنّها صادمَة .. فهوَ يستهلّ دراستهُ العميقة تلكَ للجنُون في أوروبا متتبعاً إيّاه علَى مدَى قرُون.. بالحدِيث عن مرضَى الجذَام في أوروبا حيثُ كانَ يتمّ عزلهم عن المجتمعِ في سَاحاتٍ مسوّرة على ضوَاحي المدن .. بعيداً عن الحياة السكانيّة والاجتماعيّة .. كان المجذوم يعامَل ككائنٍ أكلَ المرضُ روحهُ وعقلهُ أيضاً وليسَ جسدهُ فحسب لكنْ بعدَ قرُون وفي نهاياتِ العصُور الوسطَى كانَ الجذَام قد اختفَى تقريباً .. وخفتت بشدّة حدّة الجذام حتّى أصبحتِ المدَن صحيحة ً تماماً وخالية ً من المجذومين .. حينها احتاجَ المجتمعُ مرة ً أخرى إلى فكرَة العزل .. إيجَاد فئة جديدَة لتُعزل ، إذ لا يمكنُ التسليم بصحّة المدن .. واختفاء فكرَة العزل بشكل أبديّ ، لمْ يكن سكّان المدن الأوروبيّة ليستسلمُوا لعدم وجُود تلك الفئة التيْ كانت يجبُ عزلها ، ولأجلِ ذلكَ وجِدَ المجَانين .. منْ هنا بدأت فكرَة ارتبَاط الجنُون والعزل ويوضّح فوكُو أكثر ذلكَ عن طرِيق أسطُورة أوروبيّة انتشرت في العصُور الوسطى عن سفينَة للمجانين .. وضعَ بها جميعُ أولئك المختلين ليسَ عقلياً فقط بل اجتماعياً .. جمّعوا جميعاً في سفينة ٍ وأرسلُوا إلى الماء .. حيثُ المجهُول تجُوب بهم السّفينة للبحثِ عن دوَاء الحكمة والعقل في الأنهَار الأوروبيّة ولم يعرف أحدٌ بعد ذلك ما حلّ بهم .. لقد تركَ الجنُون في مواجهَة الطبيعَة المجهُولة في محاولة ٍ من "العقلاء" لإقصاءِ "غير العقلاء" منهُم ومنها نشأت الفكرَة القائلَة أنهُ لا يمكنُ لغير العقلاءِ أن يعيشُوا في ذاتِ المكانِ والزّمان ، الحيَاةَ المتكافئَة مع العقلاء ..
بدتْ هذه الأسطُورة أقرب للتحقّق مع انتشَارِ موجَة حملِ هذا المجنُون أو ذاك للسّاحل حيث مئات البحّارة والطلَب منهم حمله معهُم في البَحر كحالَة من أساليب العَزل ..
قبلَ أن تحتدّ هذهِ الموجَة كانَ المجنُون يُعامل ككائنٍ طبيعيٍ في المجتمع بل وككيَان من كيانات المجتَمع .. يعيشُ ضمنَ الأسرَة الأوروبيّة ويأكل برفقتها ويُعتنى بهِ ..
وفي عام 1660م صدَر القرار الملكيّ ببناءِ مبنَىً يُعامل كأنّه سجن وإصلاحيّة ومصحّة ومأوى .. يتمّ فيه سجن جميع المختلين على كافّة المستويات .. تحوّل هذا المكان ليسَ لجدرَان تسجن المجانين بل سجنَ فيهِ أيّ فردٍ يعتبرُه المجتمعُ عالة ً عليهِ .. يعتبرهُ المجتمع مختلاً بشكلٍ ما عن طريق تصرفٍ من تصرّفاتهِ .. فالبخلاءُ ، والشوَاذّ جنسياً والشّحاذونَ والعاطلُون أودعُوا في ذلك المبنَى مع المسَاجين ، فوكُو يبرزُ عبر ذلكَ أنهُ كانَ من الممكن لأيّ انسان نعتبرهُ طبيعياً اليوم أن يكونَ هنالك ، أنا هوَ أو أنتَ.. ورغمَ أنّه لم يكنْ غريباً وجود المجانينِ مع هؤلاءِ إلا أنّ مطالباتٍ كثيرَة طالبت بفصلهِم عن المجانين لاعتبار أنّ ثمّة إهانَة لهُم لوضعهِم مع أشخاصٍ مجانين لا يفرقّون بينَ الصوَاب والخطأ ..
غيرَ أنّ المجتمع لمْ يكن حتّى تلك اللحظة يفرّق بينهم لسبب بسيط هوَ أنّ المجتمع كانَ ينظرُ إليهم بمنظارٍ واحد .. هوَ أنّهم جميعا ً كانئاتٌ غير اجتماعيّة وأنّهم جميعاً عالة علَى المجتمَع .. المجَانين وغيرهم ..
لاحقاً استحدثتِ الحكُومة الفرنسيّة قانوناً يدفع بهؤلاءِ المسَاجين إلى العَمل في المصَانع الفرنسيّة خاصّة القُطن .. لأنها كانتْ تحتاجُ إلى أيدٍ عاملة ٍ كثيرَة لتشغيل العمل .. وهكذا انخرط هؤلاء المسَاجين في العمل في هذهِ المصَانع ما عدَا المجانين الذين لا يملكُون حتّى القدرة لتصرِيف شؤونهم الذاتيّة ناهيكَ عن العمل ومن هنَا بدأ ترسيخُ فصلِ الفئَة الأولى عن المجانينِ ومن هنَا انطلقَت فكرَة اعتبَار المجانين فئة مجنُونة فعلاً .. ما مهّد إلى اعتبَار الجنُون لاحقا ً مرضا ً عقلياً .. وتمّ ربط الطبّ بهِ وهكذا أصبح الطبيب هوَ الرّجل الذِي تمّ إيكَال المجانين إليهِ .. واستحداث أدوَار لهُ فيما يخصّ معالجة الجنُون .. والذيْ مهّد بدورهِ إلى استحداث أنظمَة معالجَة مختلفَة .. نفسيّة وفيزيائيّة .. وهنا يتتبعُ فوكُو أنظمَة المعالجَة الأوروبيّة للجنُون بينَ استخدَام بعضِ الأطبّاء للمعاقبةِ كأسلوبِ علاج والبعض الآخر لحمّامات الماء البارد والبعض تطوّر بهِ الأمر لاستخدامِ الأفيُون علاجاً للرّوح المريضَة والأجسَاد المتعبَة ..
لا يفوّت فوكُو درَاسَة الجنُون وتتبعهِ أدبياً .. وهوَ بذلكَ يرسّخ لفكرَة أنّ الجنُون ليسَ ضداً للإبداع وأنهُ –عكسَ ذلكَ- انطلاق للإبداعِ وأنّ الوقوفَ على حافّة الجنُون هوَ الإحساس بمنتَهى اللذة بما يخبّئه ذلك للموهوبين الذينَ عاشُوا الجنُون وأصبحُوا جزءاً من هُويّته ويعرضُ فوكُو في معرضِ ذلك أسماءً أوروربية ً من كبارِ أدبائها ومفكّريها ومبدعيها يشتركُ جميعهم أنهُم بطريقةٍ ما أو بأخرى دخلُوا مصحاتٍ عقليّة وعاشُوا بينَ المجانين وربّما أصبحُوا جزءاً منهم .. وسخّروا اقترابهم الكبير ذلك من الجُنون في صنَاعة أعمال خالدة ..

فنيتشَه مثلاً –حبيب قَلب فوكُو- والذي يكتبُ فوكُو بطريقَة شبيهَة جداً بأسلوبهِ دخلَ في آخر حياتهِ مستشفَى الأمراضِ النفسيّة وانتهَى بهِ الحال غير قادرٍ حتّى على إدارة شؤونه الذاتيّة وإنما تحتَ رعايَة أمّه .. إنّه نيتشه نفسه المفكّر العظيم والأديب الذي قلبَ موازين الأدب عالمياً ..

وفان جُوخ الرّسام الهولنديّ العبقريّ الذي ظلّ مصاباً بالهلوسَة في حياتهِ الكئيبة حتّى أنهُ كانَ يخرجُ إلى الشوَارع حافياً وهوَ يصرخُ ، وفي النهَايَة قرّر إنهَاء حياتهِ بجرعَة حبُوب زائدَة وانتحَر !

ويُوهان هُولدرين الشّاعر الألمانيّ الكبير الذي جنّ وهوَ لم يتعدّ الثلاثين بعد .. وعاشَ معزولاً لأربعين عاماً وكانت حدّة مرضهِ تصلُ إلى فصَامٍ لأكثَر من شخصيّة ..
وجيرَار نيرفَال الكَاتب والمسرحيّ العَظيم الذيْ بدأت عقدهُ منذ الطفُولة حيثَ فقد أمّه ثمّ تطوّر الأمرُ لخسارتهِ لحبيبتهِ التيْ تزوجّت رجلاً أغنَى منهُ وعاشَ بينَ الشّوارع والصحافة يعيشُ ليجد لقمَة الخبز حتّى تطوّرت أزمتهُ النفسيَة وهجرهُ الأصدقاء ليعَاني من العُزلة والمرضِ والهلوسَة وينتهيْ الحالُ بهِ منتحراً !

هذَا الكتابُ هو أطروحَة ميشيل فوكُو للدكتُوراه ، وأقولُ أنّه ليسَ غريباً أن يهزّ هذا الكتَاب أوروبَا حينَ صدُورهِ لأنهُ خرجَ من رجلٍ عاشَ الجنُون ودخلَ لزمنٍ المصحّات العقليّة وعاش معهَا .. وسَاهمَ شُذوذه الجنسيّ ودخُولهُ في نشَاطاتٍ جنسيّة تعذيبيّة وساديّة في العَيش ككائن منفلت من العقل .. وهوَ نفسهُ الذي كانَ مراسل الصحف الفرنسيّة في إيرَان حيثُ التقَى بالخمينيّ نفسه وعاشَ حالَة غليَان الشّارع ضدّ الشاه والإطاحَة بهِ .. هذا الرّجل الذي درّس بكبريَات الجامعَات العالميّة كالسّوربون وكاليفُورنيا وأصبحَ رئيساً لأقسَام الفلسفَة .. ملعبهِ المفضّل ..
ليسَ غريباً على فُوكو أن يؤرّخ الجنُون لأنهُ اقتربَ منهُ وأدركَ الخيطَ الرفيع الذي يفصلُ بينَ الجنُون واللا جنُون ، وأدركَ كيفَ يصبحُ الجنُون حرفة ً للإبداع .. ظلّ طوَال سنواتِ حياتهِ يكرهُ الأطبّاء لأنهُم كما يرَى ليسُوا المسؤولينَ عن الجنُون ولا ينبغيْ أن يتمّ إيكَال الجنُون إليهم باعتبارهِ مرضا ً عقلياً !
إنهُ فعلاً من نمطِ الكتبِ التيْ تسرقكَ ممنْ حولك ، تشوّشك ، وتضربكَ بعُنف .. بأسلوبٍ لا يملّ يمزجُ بينَ النيتشويّة والكانطيّة ويمهّد فعلاً إلى انتهَاء عصرِ المقولة القائلَة أنّ الجنُونَ ضدّ العقل !

تعليقات

  1. أسمي هذا حالة تبريرية وتفسيرية لما مر به الكاتب ، وهو يحاول أن يبرر سلوكه المنحرف بربطة بالعبقرية والإبداع،

    نعم يوجد بعض الأدباء المجانين ولكن يوجد غيرهم أكثر من هم أصحاء من أبدعوا في هذا العالم ، ويجب أن نسلط الضوء عليهم وليس على المجانين و المختلين و الشواذ !!

    طبعا أنا لا أدعو إلى إقصاء تلك الفئات ولكن أدعو إلى تقدير كل طائفة بما تستطيع أن تقوم به ،

    ردحذف
  2. لا أعتقدُ أنه يبرر يا فهد
    مثلهُ ليس بحاجة للتبرير .. هذاالرجل وضع العالم جميعهُ خلف ظهره
    حتّى أنه لم يهتمّ يوما بتبرير صريح لحياتهِ الصاخبة ..
    أعتقد أن العباقرة مثله يكونون أغبياء في مرحلَة ما وفوكو أنهى حياته بغباءٍ شديد عبر انخراطهِ في هكذا انحراف
    النقطة الأهمّ هنا.. إن كنّا نبرر لطرق حياتنَا عن طريق دراسات وأطروحات كهذهِ فمرحى ..
    العالم مفتُوح للجميع بكلّ مظاهرهِ وسلوكيّاته وغيره
    ما نعتبره نحن غير مهماً يعتبرهُ الآخرون مهماً وهذا الاختلاف سرّ تنوّع الإنتاج الإبداعي يا فهد
    لا ينبغي أن نقول لهذا اكتب عن كذا وكذا وفئة كذا لكن لا تكتب عن كذا ..
    مودّة

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا تريدوا ملابس العيد، روحوا رقطوا (1)

5 قيم تعلمتُها من أميّ: غزالة بنت ناصر الكندية   عائشة السيفي صبيحَة يوم الأحد غسلتُ أمي وكفنتها مع أخواتي. جهزتُ لها لبسةً من حرير فأبلغتني المكفنةُ أن علي أن آتي بلبسة من قطن تخلو من الزركشة. اخترتُ لها أجمل ملابسها وبخرتُها كما كنت أبخر ملابسها لعشرات السنوات كل عيد. أذنتُ في أذنيها، وتأملت أصابعها المنفرجة وأنا أضع بينها الصندل. كانت كقطعة الحرير ببشرتها الصافية وكنت أحدثها: ما أجملك حيةً وما أجملك ميتة. كان مشهداً عظيماً لا أعرف كيف ألهمني الله لأعيشه. أعرفُ أنني كنت شاخصة العينين ولا أذكر أنني بكيت كثيرا.. كانت دموعي تنهمر بصمت إلى أن حملوها في الطارقة وتواروا عن الأنظار. لا أذكر كثيرا مما حدث بعدها فقد سقطتُ طريحة الفراش ليومين. ماتت أمي غزالة بنت ناصر الكندية بعد رحلة ثماني سنواتٍ ويزيد مع مرضٍ لعين اسمهُ ملتي سيستم أتروفي. ومنذ جرى تشخيصها، جُبنا بها أطباء العالم لعلنا نجدُ لها علاجاً فكانت النتيجة واحدة: إنه مرض نهايته الموت، الفارق فقط هو حتى متى سيعيش صاحبه. لسنواتٍ عاشت أمي وعشنا معها معاناةٍ مريرة لا يعلمها إلا الله ونحنُ نتأمل بعجزٍ شديد كيف كانت تنتقل من وهنٍ

اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1)

ملاحظَة للقارئ قبلَ الشّروعِ في القرَاءَة: عائشَة حياتهَا. . صفحة بيضَاء جداً ! أشاركُ قليلاً من بيَاضها إيَّاك وأودعُ الباقيْ لهَا ولمن تحبّ .. إذا كنتَ تحملُ مسبقاً أيةَّ "مخلّفات داخليَّة سوداء" فالرجَاء عدم القرَاءة حولَ عائشَة: عائشَة .. قد تكُون أنا أو قد تكُونُ أنتَ .. وليس بالضرُورَة أن تكُونَ من تقرأ لها الآنَ في هذهِ المدوّنة قد يتضمّنُ أدناهُ حكَاياتِي أنا .. وقد يكُون خليطاً من حكاياتِ صديقاتٍ أخريَات .. أجمعها في حياةٍ واحدَة حافلة تستحقُ أن يمتلكَ صاحبها حلماً جميلاً عائشَة التيْ أحكي عنها هنَا.. كائنٌ يحلمُ بحياةٍ جميلة رغمَ يقينها أنّ الحياة لن تكونَ ذلك بالضرُورة .. وهي فتاة ٌ بسيطَة جداً .. يحكيْ بعضهُم .. أنّها لا تزالُ طفلة ً ترفضُ أن تكبر .. ويقولونَ أنّها تحوَّلتْ إلى زوجةٍ عاديةٍ غارقةٍ في تفاصيلِ حياتهَا اليوميَّة بعد زواجها .. يقولُ بعضهمْ أن عائشَة لم تعُد تهتمّ كثيراً بمن حولهَا .. وأنّها تحوَّلتْ -كآلافِ البشر حولنا- إلى كائنٍ غير معنيّ بالضرورة بجدالاتنا الثقافيَّة اليوميَّة المملة .. التيْ قد أثيرها أنا أو أنتَ أو عبيد أو جوخة أو علياء من المثقفي

عن كُورونا، وفقر اللقاح، والشّعب العُمانيّ القنوع: أسئلة غير قنُوعة إطلاقاً

  تحذير: إن كنت لا تحب لغة الأرقام فلا تقرأ هذا المقال   في نُوفمبر 2020، سألتُ مارجي فان جوخ، رئيسَة وحدة المواصلات واللوجيستيات في المنتدى الاقتصادي في دافوس عن استقرائها لشكلِ السباق العَالمي نحوَ اللقاح فأجابتني بأنّ حربَ اللقاحات قد بدأتْ بالفعل وأنّ كل دولة ستكونُ معنية بشعبها فحسب، وأنّ ثلاث عوَامل ستحددُ أسبقية الدول في الحصول على اللقاح، أولاً: ذكاء السياسيين في كلّ دولة وحنكتهم الدبلوماسية ستوضع تحتَ الامتحان الحقيقي لاختبار مِرَاسهم في التفاوض على أكبر عدد من الجرعات مستغلةً علاقاتها الدولية وشبكة معارفها للحصول على أكبر كمية بأسرع وقت ممكن، ثانياً: قدرة فرقهِم الاستراتيجيّة على استقراء مستقبل إنتاج اللقاح وأيٍ من شركات إنتاج اللقاح ستنتجُ أولاً وبفعالية تحصين أكبر وثالثاً: قدرتها المالية التي ستحدد مقدرتها على المخاطرة بشراء لقاحات لم تعتمد بعد بناءً على استقرائها للمستقبل، (إنّها مقامرَة عليهم اتخاذها وإلا فالنتائج وخيمة). معربةً عن قلقها من أنّ المرحلة القادمة ستفتقد المساواة في توزيع اللقاح. (عائشة، إنهم يجوبون العالم -بينمَا نتحدّثُ- بملايين من الكاش لحجز اللق