التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أعيَادكُم بلا فيرُوسات !

السّاعة الواحدَة صباحاً .. والآنَ أسمعُ الحلاّق المجَاور لبيتِ جدّتي وهوَ يغلقُ محلّه ..
اليَوم مررتُ عليهِ فوجدتُ الرجَال وقوفاً .. لم أمنعْ نفسيْ منَ الضّحك وأنا أطالعَ شعرَ رأسِ قريبِي وأقولُ لهُ : كأنّه غايتهُ تروح تحلق شعرَك؟
فردّ : لا لا أريد ..
- لمَ؟
- أخاف يحلق شيئاً من شعرِ اللحيَة الملاصق لشعرِ الرّاس
- وإذا حلق؟
-حرام ، يبطل صيام رمضان
- شو يعني ؟ مهُو انت متعوّد تحلق ذقنك
تصدّقوا ؟ 21 عاماً ولم أنتبه بحياتي إلى أنّ الرجالَ يتحاشونَ حلقَ ذقونهِم في رمضَان ..
حسناً .. أنا لست مطوّعة ولا تقرب ليْ الطوَاعة وكمَان شخصياً أخافُ من اللحَى الطويلَة جداً .. لذلكَ لا تعتبرُوا تدوينتي معادَاة للساميَة
عفواً معادَاة لمن يحلقُون لحاهم أو يخفّفونها
يعني حرامات يقعدُوا الحلاقين بلا شغل ولا مشغلَة برمضَان .. بتصِير بطالة ، أقصد باحثين عن العمل
خطيّ والله ما يصير يا جمَاعة تتذكّروا أنكم لم تحلقُوا لحاكم شهراً ثمّ تهبّواع الحلاقين وتخلُوهم سهرانين للسّاعة الواحدَة صباحاً مشَان شغل جزَاز اللحيَة
الحمدلله أنّه الحريم ما عندهُم لحَى .. ولو أنّه عندهُم أمُور أعظم
***
كنتُ أظنّ أنّ انفلونزَا البطِيخ ستمنَع النّساء من زحمَة الصالُونات بس الحريم هُم الحريم ..
قبلَ يومين اتّصلت بالفتَاة التي اعتادتْ على نقش الحنّاء لي .. فأجابت أنّ جدولها ممتلئ منذُ شهر .. بعيد الشّر ! ليش الحريم منتزقَات كذا ولا أنَا نايمَة بالعسل؟ وبعد شدٍ وجذب وافقت على أن تحنّيني قبل العيد بثلاثِ أيّام! يا إلهي .. والله ممنوع عليّ أمسّ الماء لحتّى ما يروح الحنّا .. هذا يعنيْ أني لن أستحمّ لثلاث أيّام ولن أغسل يدي بعد الأكل لثلاثِ أيّام .. كمَا أنني لن أطبخ لثلاثِ أيّام .. والله هذا ما صار حنّا .. المهم تحنينا وعاد لا تسألوني هل سيبقَى الحنّاء لثالث أيّام العيد أي بعدَ مضيّ 6 أيّام على الحنّا ..
الآن يا فيرُوس أتش ون أن ون .. شدّ الهمّة في ساحَات الوغى حيثُ تدوِي أصوَات ماكينَات الاستشوَار وماكينَات الفيشل وتتناضدُ النسَاء فوق بعضهنّ البعض أملاً في إصلاح ما أفسدته الأشهر التي فصلتْ بينَ هذا العيد وسابقهِ
شدّ الهمّة يا سيّد فَيروس .. عفواً نسيتُ أنّ السيد للعائلة المالكَة فقط .. شدّ الهمّة يا أستَاذ فيرُوس فأمامك مشاوير طويلَة
***
فجرَ اليَوم ومن نافذتيْ شاهدتُ الرجالَ يتقاطرُون أمماً أمام منزلنا فعرفتُ بالطبعِ أينَ يكونُ مقصدهم
ككلّ عيدٍ يتكرّر الموقفُ .. يُسَدُ الطريقُ بالسياراتِ التي تقفُ على بعدِ مئات الأمتار .. وتتصَادم الحشُود أمام مصنعِ الحلوَى الصغير القريب من بيتنا .. تختنقُ الأنفاس ويتعاركُ الرجالُ من أجلِ نيلِ مكبّة ولا مكبتين حلوَى ..
آآآتشو في وجهِ كلّ واحد وهزّ وسطَك يا فيرُوس الخنَازير ..
وهي فرصَة لنمعنَ أنظارنا بسيّارات الكباريّة بأرقامها الخاصّة الملوّنة بالأخصر والأبيض والأحمر وسيّارات أصحاب المعالي والسّعادة إضافة ً إلى لوحاتِ سيّارات الأشقّاء الخليجيين .. يا إلهي .. هل سيمُوت العمَانيُون إذا لم يأكلُوا حلوى؟
قبلَ مدّة همسَ ابنُ صاحبِ هذا المصنعِ قائلاً لقريبِي أنّهم كسبُوا من العيدِ الماضي 200ألف ريَال ..
يا سيدي نيّالهم ع قلُوبهم .. اللهُم بارك وزِد
أضحك من حالي .. كادّين كدّ بالدرَاسة لندخل الهندسَة أو حيّا الله تخصص يسترنا ونعمل ونظلنا شي عشرين وثلاثين سنَة
الواحد يشتغل وتشتغل زوجته ويا دُوب يطلّع له بحياته كلها 100 ألف ..
المضحكُ في الأمرِ أنّ أحدهُم أخبرنيْ عن قصّة صديقهِ الذي يملكُ والده مصنعَ حلوَى ويدرسُ هندسَة طيرَان فيْ الخارج ويشكُو من صعُوبات الدرَاسة .. قالَ له لم لا تعمل في مصنعِ والدك .. ألا تربحُون؟
قالَ : لو عملتُ في مصنع والديْ لربحتُ أضعافَ ما أربحهُ من تخصصي هذا
بسْ افهمها يا شَاطر .. لو تصير مليَاردير وتردّ الملايين من صنَاعة الحلوَى في النهَاية تظلّك "حلاّو" يصنع الحلوى .. هندسَة الطيرَان اسم ومكَانة ..
ضحكتُ كثيراً .. يا الله كيف نعبُد الألقاب والمظَاهر !
خلي الهندسَة تنفعنيْ .. يعنيْ لو يخلّوا بنت تشتغل معهم تعمِل حلوَى كنت عقيت الهندسَة بصُوب ورحتْ فتحت لي بعد شي سنتين مصنَع حلوَى ..
طيب .. أنا عندي فكرَة ولحّد يسرق حقُوق الملكيّة الفكريّة .. يعني على كثر ما يعبد العمَانيّون الحلوَى ،لماذا لم يصنَع أيٌ منهُم ماكينَة لصنَاعة الحلوَى؟
صارْ لي شهرين وأنَا أحنّ حنّ على رَاس أخي الطالبِ بهندسَة الكهربَاء
قلتُ لهُ أنتَ تدرس هندسَة كهربَاء .. دعنا نتعَاون لتصنِيع ماكينَة صنَاعة حلوَى .. أنتَ اهتَم بالجَانب الكهربَائي الخاصّ بتخصصّك وأنا أهتم بالجَانب الدينَاميكي الخاصّ بتخصصي ..
منْ يقنعُ أخي بجدوَى فكرتي؟ واللهِ فكرتي مش بطّالة
***
أطالعُ أخي وقدْ شدّ رأسهُ بفوطَة وحرارتهُ عالية .. يُوه .. لا يكُون؟
اليَوم راجع والنّصر حليفه بعدَ معركَة الحلوَى التيْ كادَت أن تودي بحيَاته معَ مئات الرّجال
أوهُوووو نسيت أنّ فترَة حضَانة الفيرُوس من 2-8أيّام
معلِش خيّو .. أجر وعافيَة
***
يا رجَال العَالم اتّحدوا في موَاجهة الفيرُوس ..
أتمنّى أن تكُونوا قد أعددتُم عدّتكم .. خلّوا عنكم عادَة صباب القهوَة وتوزيعهَا على الخمسِين شخص اللي حاضرين بالسَبلة وتمريرها بفنجَان قهوَة أو فنجانين يمرّان على عشرَات الأفواه التي تترك لعَابها الطاهر على الفنجَان ..
ثمّ تمتدّ الأيادي "لتغفص الحلوَى" وفجَأة يعطس أحدهم فيها ويسترِيح الفيرُوس في بحيرَة السّكر المحرُوق في الحلوَى
آهِ يا فيرُوس .. سيزدَاد وزنكَ يا رجل!!
***
البَارحَة تلقّيت نكتة مؤلمَة جداً ..
سألنيْ صديقٌ من السعوديّة .. انتُو بكرَة صايمين مثل أمّي؟
قلتُ له أيوا صايمين .. بس ليش أمّك صايمة؟ هي مش سعوديّة؟
قال لي : بلَى بس ماشيَة ع شيعَة العراق .. هم أيضاً صائمُون غداً
- وَي! بس النَاس تتبع الدولَة التي تقيمُ بها حتّى لو لم يكُونوا من أهل البلد
- وأزيدك منَ الشّعر بيتاً .. أمّي صائمَة غداً .. وأبيْ مفطِر !
- وَأنت؟
- أنَا يا ستّي أصُوم مع آخر بلد يصُوم .. وأفطر معَ أوّل بلد يفطِر
شفتُوا نكتة مثل هاي؟ امرأة تصُوم وزوجهَا يفطِر
آآآآه كم أكرهكِ أيّتها السيَاسة .. حتّى في الدِين حاشرَة نفسك
***
مقُولة جميلَة أحببتهَا في موقعِ الدكتور عبدالله الحرّاصي اقتبَسها من كاتبَة أجنبيّة تقُولُ " السفينَة تكُون آمنَة حينَ تكُون راسيَة ً على الشطّ لكنّها لم تخلق لِذلك "
نعَم أيَها الأصدقاء ، اذهبُوا لزيَارة أحبّائكم .. واقعدُوا معهم .. هنئُوهم بحبّ
ابتهجُوا وافرحُوا فمَا كتبَ لكم لمْ يكُن ليخطِئكم ..
لا تبَالغُوا في الحذَر ولا تبالغُوا في التسَاهل ..
وسيكُون جيّداً لو امتلكَ كلٌ منكُم مطهّرهُ الخاصّ ..
محبّتي لكُم .. قبلَ العيد وبعدهُ

تعليقات

  1. مقال جميل يا عائشة. قديماً قال بيل كلينتون موجهاً حملته الانتخابية ضد جورج بوش الأب:"إنه الاقتصاد يا غبي".
    واليوم نقول لوزارة الصحة: "إنه الوعي يا..".
    عيدكِ مبارك وأيامك سعيدة.

    ردحذف
  2. (في النهَاية تظلّك "حلاّو" يصنع الحلوى .. هندسَة الطيرَان اسم ومكَانة ..
    ضحكتُ كثيراً .. يا الله كيف نعبُد الألقاب والمظَاهر)

    رحم الله أبي.. كان يصنع الحلوى.. ولا زالت (التركبة) شامخة أمام البيت..

    عسى الله يتمم ايام العيد بلا فيروسات..
    تحياتي

    ردحذف
  3. أهلاً حمد .. أعياداً مجيدَة
    أوافقكَ الرأي ووفقَ تقييمي لليَوم الأوّل من العيد أجدُ الناس أكثر حذراً فيما يقسّ طقُوسهم الاجتماعيّة "الحميميّة"

    مودّة لمرورك

    ردحذف
  4. مُوسى .. كانَ جدّي كذلك "حلاّواً" إضافَة إلى عشرين شغلَة كما كانَ يفعلُ أجدادنا
    لكنّهم لم يكُونوا يصنعُون المال كمَا اليَوم
    ربّما لأننا أصبحناً محترفِين في صناعَة التَرف،الدسَم وتكبير الكرُوش لذلك اتّسع اهتمامنا بالحلوَى فلم يعد العيدُ عيداً دونَ 4 أو 5 مكاب على الأقل تفرغ بانتهَاء العيد

    لكَ ولوالدك مودّة كبيرة

    ردحذف
  5. عندما قرأت المقال في جريدة الوطن , استغربت من قصره الشديد على غير العادة فاعتقدت انها مشاغل العيد.

    لكن بعد قراءة المقال هنا , يتضح أن الرقيب قد [عيّد] بمقالك يا عائشة .

    ولا ايش السالفة ؟!! /


    سالم

    ردحذف
  6. عائشـة أختـي ..
    مـقالٌ رائعٌ بالفعـل .. مـا زالت العادات والتقـاليد مترسِّخـة ومن الصّعبِ نزُعـها حتّى في أقسى الظُّوف كالتي نمرُّ بهِـا الآن ..
    عمـومـاً الشعبُ كلّه أصنـاف .. منهـم من لا يُبـالي بالمـرض ومـنهـم من أخذَ الإجراءات الإحترازيـة ضدّه وتوكّل على الله ومنـهم أيضـاً من أخذ إجازة حتّى نفذ رصيدُ إجازاتـهِ هاربـاً مِنَ المرض ويتجنّبُ الخروجَ حتـى من بـابِ غُرفَتـهِ

    سبحـان الله ..


    لي سـؤالٌ واحد إذا سمحـتي :
    هل ما زال مدفعُ قلعـة نزوى يطُلق في المنـاسبـاتِ أم أنّه تم توقيفـهُ ..؟!
    مثلُ هذهِ العادات جميـلةٌ جدّاً يجبُ الحفـاظُ عليهـا ..

    أختي عائشـة

    مودّتي وننتظِرُ جديدكِ

    ردحذف
  7. قرأت المقال في الجريدة .. وقد كان سريعا وخفيفا كالعيد .. لربما أخذ شي منه ..

    وكثير من الاشياء لم اقرأها هناك ..

    إستمتعت وانا أقرأ المقال ..

    تحيتي لك أختي .. وبإنتظار الجديد من ردهاتك

    ردحذف
  8. طالبة مجتهدة30 نوفمبر 2009 في 5:35 م

    مقال رائع...
    أصبحت مدونتك نافذتي على مقالاتك...
    دمت لنا عمانية تطل من ردهتها على ((كل))ماتستطيع

    ردحذف
  9. مقال رائع
    وأعجبني كثيرا!!
    وأتمنى لك النجاح

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن كُورونا، وفقر اللقاح، والشّعب العُمانيّ القنوع: أسئلة غير قنُوعة إطلاقاً

  تحذير: إن كنت لا تحب لغة الأرقام فلا تقرأ هذا المقال   في نُوفمبر 2020، سألتُ مارجي فان جوخ، رئيسَة وحدة المواصلات واللوجيستيات في المنتدى الاقتصادي في دافوس عن استقرائها لشكلِ السباق العَالمي نحوَ اللقاح فأجابتني بأنّ حربَ اللقاحات قد بدأتْ بالفعل وأنّ كل دولة ستكونُ معنية بشعبها فحسب، وأنّ ثلاث عوَامل ستحددُ أسبقية الدول في الحصول على اللقاح، أولاً: ذكاء السياسيين في كلّ دولة وحنكتهم الدبلوماسية ستوضع تحتَ الامتحان الحقيقي لاختبار مِرَاسهم في التفاوض على أكبر عدد من الجرعات مستغلةً علاقاتها الدولية وشبكة معارفها للحصول على أكبر كمية بأسرع وقت ممكن، ثانياً: قدرة فرقهِم الاستراتيجيّة على استقراء مستقبل إنتاج اللقاح وأيٍ من شركات إنتاج اللقاح ستنتجُ أولاً وبفعالية تحصين أكبر وثالثاً: قدرتها المالية التي ستحدد مقدرتها على المخاطرة بشراء لقاحات لم تعتمد بعد بناءً على استقرائها للمستقبل، (إنّها مقامرَة عليهم اتخاذها وإلا فالنتائج وخيمة). معربةً عن قلقها من أنّ المرحلة القادمة ستفتقد المساواة في توزيع اللقاح. (عائشة، إنهم يجوبون العالم -بينمَا نتحدّثُ- بملايين من الكاش لحجز اللق

اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1)

ملاحظَة للقارئ قبلَ الشّروعِ في القرَاءَة: عائشَة حياتهَا. . صفحة بيضَاء جداً ! أشاركُ قليلاً من بيَاضها إيَّاك وأودعُ الباقيْ لهَا ولمن تحبّ .. إذا كنتَ تحملُ مسبقاً أيةَّ "مخلّفات داخليَّة سوداء" فالرجَاء عدم القرَاءة حولَ عائشَة: عائشَة .. قد تكُون أنا أو قد تكُونُ أنتَ .. وليس بالضرُورَة أن تكُونَ من تقرأ لها الآنَ في هذهِ المدوّنة قد يتضمّنُ أدناهُ حكَاياتِي أنا .. وقد يكُون خليطاً من حكاياتِ صديقاتٍ أخريَات .. أجمعها في حياةٍ واحدَة حافلة تستحقُ أن يمتلكَ صاحبها حلماً جميلاً عائشَة التيْ أحكي عنها هنَا.. كائنٌ يحلمُ بحياةٍ جميلة رغمَ يقينها أنّ الحياة لن تكونَ ذلك بالضرُورة .. وهي فتاة ٌ بسيطَة جداً .. يحكيْ بعضهُم .. أنّها لا تزالُ طفلة ً ترفضُ أن تكبر .. ويقولونَ أنّها تحوَّلتْ إلى زوجةٍ عاديةٍ غارقةٍ في تفاصيلِ حياتهَا اليوميَّة بعد زواجها .. يقولُ بعضهمْ أن عائشَة لم تعُد تهتمّ كثيراً بمن حولهَا .. وأنّها تحوَّلتْ -كآلافِ البشر حولنا- إلى كائنٍ غير معنيّ بالضرورة بجدالاتنا الثقافيَّة اليوميَّة المملة .. التيْ قد أثيرها أنا أو أنتَ أو عبيد أو جوخة أو علياء من المثقفي

قلْ لي أنت تعمل في الديوَان.. أقل لك كم جنَيت؟!

جارنَا أبو أحمَد .. الذي أخبرتكُم عنهُ ذات مرَّة .. الرّجل الصادق الصدوق الذي نذرَ نفسهُ ومالهُ في خدمَة الناس .. كانَ كلّما أخرج صدقة ً أو زكاة ً للناس .. جاءهُ أناسٌ أثرياء آخرون يطالبُون بنصيبهم من الزّكاة .. وذلك لقولهم أنّ أبا أحمد يوزّع معونات يصرفها الديوان لهؤلاء الفقراء .. يأتون طارقين الباب مطالبين بحقّهم قائلين: نريد نصيبنا من فلوس الديوان .. ورغم أنّ أبا أحمَد لم يتلقَ في حياتهِ فلساً لا من ديوَان السلطان ولا ديوَان هارون الرشيد .. إذ بنى نفسه بنفسه .. فامتهنّ كل المهن البسيطة التي لا تخطر على البال .. بدأ عصامياً وانتهى .. لا أقول ثرياً وإنما ميسور الحال .. أذكرُ أنّ امرأةً أعرفها وهي من قبيلة البوسعيد .. وهي من العوائل التي تستلم نهاية الشّهر راتباً شهرياً بثلاثَة أصفار لا لشيءٍ سوَى أنها تقرب لفلان العلانيّ الذي يشغل منصب مدير دائرة الصحون والملاعق في الديوان الفلاني أو البلاط العلاني وهي أيضاً "تصير ابنة عم ولد زوجة خال الوزير الفلاني" ذهبت تشتكي مرةً من أنّ أبا أحمد لابد أنه يتلقى مبالغ أكثر منها من الديوان فلا هو ابن سفير ولا ابن أخت زوجة الوزير ولا هو من أص