التخطي إلى المحتوى الرئيسي

يتسوّلونَ الطفـُولـة !





قبلَ أيّامٍ .. وفيمَا كنتُ أركنُ سيّارتيْ أمام محلّ سلكت في محطّة البترول الموازية لشارع السلطان قابُوس بالخوير .. سمعتُ طرقاً على باب نافذتيْ ورأسٌ صغيرٌ يطلّ من الأسفل .. أصابع ضئيلة مغبّرة وأظافر طويلة مكسوّة بالتراب من الداخل ..

كانَ الطارق طفلاً في السادسة .. مدّ يديهِ طالباً المال .. شعرتُ بالشفقة لمظهرهِ المزري للغاية .. وأعطيتهُ بضع مئات بيسَة .. غادرنيْ سريعاً ليقفَ قريباً من بوابَة سلكت ..

أسمَر البشرة .. أجعد الشعر .. حافي القدمين بملابس رثّة للغاية .. وقف بلا مبالاةٍ يحملقُ في المارة والسيارات القادمَة والمغادرَة .. ظللتُ أحدّق إليهِ وفجأة ً لمحتُ رجلاً آسيوياً يقفُ في مسافةٍ ليست بعيدة عن الطفل .. كانَ مهندماً جداً للحد الذي ظننتهُ يعمل في سلكت أو في العمارات المجاورة ببدلةٍ أنيقة .. كان ذلك الرجل وأرجّح أنه هنديّ الجنسية يهمس مشيحاً ببصرهِ بعيداً عن الطفل وكأنّه يوجهه للسيارات القادمة التي ينبغيْ أنْ يطلب الطفلُ من أصحابها المال .. سارعتُ بإخراج كاميرتي على الفور لألتقط صورَة لهما إلا أنّ الرجل الهنديّ غادرَ سريعاً بعدَ أن لمحني أسدد أنظارَ كاميرتي إليهِ ..

لم أستطع التقاط صورةٍ سوى لظهرهِ وهم يهمّ بالمغادرة سريعاً مبتعداً عن الطفل .. بينما ظلّ الطفل يحدّق إليّ باستغرابٍ وأنا ألتقط صورةً له بهاتفي .. بينما سارعَ بعد دقيقةٍ لمدّ يدهِ إلى سيارةٍ بلوحة اماراتيّة .. منحهُ أصحابها أيضاً قليلاً من المال ..

طفلٌ في هذا الصيف يمشي حافي القدمين يطلب من شخصٍ لآخر بضع حفناتٍ من الأوراق النقدية ..

هذا الطفل عرضَة للاعتداء الجنسي والجسدي والاستغلال الماديّ .. ولا أظنّ – في عاصمة يسمعُ سكانها عن حالات الاعتدَاء الجنسي على الأطفال كما يستمعُون للأخبَار اليوميّة- أنّ هذا الطفل لم يتعرّض للاعتداء الجنسي يوماً !

ما أسهَل أن يغري أحدهُم هذا الطفل بخمسَة ريالات ليصعَد السيارةَ معهُ ويفعلُ بهِ ما يفعل .. ما أسهلَ أن يأتي شخصٌ ل"مقاول التسوّل" الذي كان يقفُ خلفهُ ويساومهُ لاستغلال هذا الطفل مقابل بضعة ريالاتٍ رخيصة ..

أصدقائي ..

كيفَ بالإمكان أن نحارب هذه الظاهِرة؟! بعد أن وصلتْ إلينا عصابات التسوّل المنظمَة هذهِ التي تستغل الأطفال؟ وهل ثمّة خط نستطيعُ الاتصال عليهِ لنبلّغ السلطات؟! كيفَ نستطيعُ أن نحمي طفُولة هؤلاء الأطفال العمانيين الذين يحملُون جواز سفرٍ عمانيّ كما نحمل .. يستحقُون كأطفالنا تعليماً مجانياً ، وتأميناً صحياً .. ورعايةٍ تكفلُ لهُم أدنى مستويَات الحياة الكرِيمة؟!

كيفَ نحمي هذهِ الطفولَة العمانيّة؟ وفيما لمْ يكنْ هؤلاء الأطفال عمَانيّون .. فإن فرصهُم في الحياة والتعليم ينبغي ألا يتمّ تجاهلها وفقا لمنظمات الطفولَة الدوليّة التي تحرّم استخدام الطفل بأي شكلٍ من الأشكال للحصُول على المال ..

محبّتي

تعليقات

  1. و لا يزال هناك الكثير أخيتي،

    لا حول و لا قوة الا بالله، إن مظاهر استغلال الطفولة هي أكثر بكير مما رأيتي، فهناك من يؤجر أطفاله ليأخذهم أناس آخرون و يطوفون بهم ليتسولوا و يستعطفوا الناس ليرأفوا بحال هؤلاء الأطفال الذين لا يعلمون ما الذي يحدث! رأيت العديد من المواقف مثل إمرأة كانت تتسول مع طفل صغير تقول انه ابنها و ان زوجها طلقها و هرب و لا معيل لها، بعد لحظات تعب الطفل و بدأ في البكاء و سمعته يقول ( أريد أروح عند أمي) تخيلي دهشتي حينها، أي أم ترضى على ولدها هذه المذله! صمت الطفل طبعا حين اشترت له (المدعيه لأمومته) قطعة حلوى من الدكان القريب منهم!!!



    سترك اللهم
    سترك اللهم

    ردحذف
  2. يجب أن يعمل كل واحد منا بقدر إستطاعته
    فأنت بدورك كتبت هذا الامر على مدونتك
    ولكن الآخرون ماذا سيفعلون من مواقعهم ؟
    لك مودتي

    ردحذف
  3. السلام عليكم ..

    هل تدركين العواقب القانونية لنشر صور شخصية بدون أخذ إذن مسبق ؟


    بالتوفيق .

    ردحذف
  4. السلام عليكم

    هناك فريق تابع لوزارة التنمية الاجتماعية هو المسؤول عن ضبط حالات التسول والتحقيق معها... يمكنكم الاتصال على الرقم التابع لهم ٢٤٧٠٤٨٨٦ هذا رقم مكتب فريق مكافحة التسول ولديهم خط ساخن لكن للأسف لم اتمكن من الحصول عليه

    كما يمكنكم الاتصال على ٩٩٩٩ وابلاغهم عن حالة التسول وبدورهم سيبلغون أقرب دورية شرطة للموقع

    ردحذف
  5. ماشدك في الموضوع غير الصور يا جحلوتي؟!

    على العموم ما أعتقد أن مدير التسول واغتصاب الطفولة راح يتقدم بشكوى لأن صورته ماواضحة.

    تحياتي...

    ردحذف
  6. الحمدلله ع السلامه
    ومبارك عليك الزواج
    شكرا على هذا الموضوع
    هناك ارقام يفترض تتصلي عليها والسلطات يفترض انها تجي للمكان مباشره
    تم طرح هذا الموضوع كثيرا ع البث المباشر
    ودائما تكرر الجهات انها نادرا ما تتلقى اتصالات

    ردحذف
  7. عزفنا على نفس الوتر:
    http://www.s-oman.net/avb/showthread.php?t=462702

    تحياتي:
    م.ع.

    ردحذف
  8. أهلا بالمبدعة..

    التسول شائع في العالم العربي والغربي
    وظواهر التسول في السلطنة أقلّ مما هي
    عليه من السابق لا يمكن أن يتجاهل الأمن
    لأي بلاغ في هذا الجانب لأن الاجراات مشددة
    والدليل خوف الرجل من التصوير وهروبه عنك
    كان أحرى الاتصال الفوري لتقديم بلاغ ليتم
    مراقبة المكان ..

    وافر الحُب لقلمك

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا تريدوا ملابس العيد، روحوا رقطوا (1)

5 قيم تعلمتُها من أميّ: غزالة بنت ناصر الكندية   عائشة السيفي صبيحَة يوم الأحد غسلتُ أمي وكفنتها مع أخواتي. جهزتُ لها لبسةً من حرير فأبلغتني المكفنةُ أن علي أن آتي بلبسة من قطن تخلو من الزركشة. اخترتُ لها أجمل ملابسها وبخرتُها كما كنت أبخر ملابسها لعشرات السنوات كل عيد. أذنتُ في أذنيها، وتأملت أصابعها المنفرجة وأنا أضع بينها الصندل. كانت كقطعة الحرير ببشرتها الصافية وكنت أحدثها: ما أجملك حيةً وما أجملك ميتة. كان مشهداً عظيماً لا أعرف كيف ألهمني الله لأعيشه. أعرفُ أنني كنت شاخصة العينين ولا أذكر أنني بكيت كثيرا.. كانت دموعي تنهمر بصمت إلى أن حملوها في الطارقة وتواروا عن الأنظار. لا أذكر كثيرا مما حدث بعدها فقد سقطتُ طريحة الفراش ليومين. ماتت أمي غزالة بنت ناصر الكندية بعد رحلة ثماني سنواتٍ ويزيد مع مرضٍ لعين اسمهُ ملتي سيستم أتروفي. ومنذ جرى تشخيصها، جُبنا بها أطباء العالم لعلنا نجدُ لها علاجاً فكانت النتيجة واحدة: إنه مرض نهايته الموت، الفارق فقط هو حتى متى سيعيش صاحبه. لسنواتٍ عاشت أمي وعشنا معها معاناةٍ مريرة لا يعلمها إلا الله ونحنُ نتأمل بعجزٍ شديد كيف كانت تنتقل من وهنٍ

عن كُورونا، وفقر اللقاح، والشّعب العُمانيّ القنوع: أسئلة غير قنُوعة إطلاقاً

  تحذير: إن كنت لا تحب لغة الأرقام فلا تقرأ هذا المقال   في نُوفمبر 2020، سألتُ مارجي فان جوخ، رئيسَة وحدة المواصلات واللوجيستيات في المنتدى الاقتصادي في دافوس عن استقرائها لشكلِ السباق العَالمي نحوَ اللقاح فأجابتني بأنّ حربَ اللقاحات قد بدأتْ بالفعل وأنّ كل دولة ستكونُ معنية بشعبها فحسب، وأنّ ثلاث عوَامل ستحددُ أسبقية الدول في الحصول على اللقاح، أولاً: ذكاء السياسيين في كلّ دولة وحنكتهم الدبلوماسية ستوضع تحتَ الامتحان الحقيقي لاختبار مِرَاسهم في التفاوض على أكبر عدد من الجرعات مستغلةً علاقاتها الدولية وشبكة معارفها للحصول على أكبر كمية بأسرع وقت ممكن، ثانياً: قدرة فرقهِم الاستراتيجيّة على استقراء مستقبل إنتاج اللقاح وأيٍ من شركات إنتاج اللقاح ستنتجُ أولاً وبفعالية تحصين أكبر وثالثاً: قدرتها المالية التي ستحدد مقدرتها على المخاطرة بشراء لقاحات لم تعتمد بعد بناءً على استقرائها للمستقبل، (إنّها مقامرَة عليهم اتخاذها وإلا فالنتائج وخيمة). معربةً عن قلقها من أنّ المرحلة القادمة ستفتقد المساواة في توزيع اللقاح. (عائشة، إنهم يجوبون العالم -بينمَا نتحدّثُ- بملايين من الكاش لحجز اللق

اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1)

ملاحظَة للقارئ قبلَ الشّروعِ في القرَاءَة: عائشَة حياتهَا. . صفحة بيضَاء جداً ! أشاركُ قليلاً من بيَاضها إيَّاك وأودعُ الباقيْ لهَا ولمن تحبّ .. إذا كنتَ تحملُ مسبقاً أيةَّ "مخلّفات داخليَّة سوداء" فالرجَاء عدم القرَاءة حولَ عائشَة: عائشَة .. قد تكُون أنا أو قد تكُونُ أنتَ .. وليس بالضرُورَة أن تكُونَ من تقرأ لها الآنَ في هذهِ المدوّنة قد يتضمّنُ أدناهُ حكَاياتِي أنا .. وقد يكُون خليطاً من حكاياتِ صديقاتٍ أخريَات .. أجمعها في حياةٍ واحدَة حافلة تستحقُ أن يمتلكَ صاحبها حلماً جميلاً عائشَة التيْ أحكي عنها هنَا.. كائنٌ يحلمُ بحياةٍ جميلة رغمَ يقينها أنّ الحياة لن تكونَ ذلك بالضرُورة .. وهي فتاة ٌ بسيطَة جداً .. يحكيْ بعضهُم .. أنّها لا تزالُ طفلة ً ترفضُ أن تكبر .. ويقولونَ أنّها تحوَّلتْ إلى زوجةٍ عاديةٍ غارقةٍ في تفاصيلِ حياتهَا اليوميَّة بعد زواجها .. يقولُ بعضهمْ أن عائشَة لم تعُد تهتمّ كثيراً بمن حولهَا .. وأنّها تحوَّلتْ -كآلافِ البشر حولنا- إلى كائنٍ غير معنيّ بالضرورة بجدالاتنا الثقافيَّة اليوميَّة المملة .. التيْ قد أثيرها أنا أو أنتَ أو عبيد أو جوخة أو علياء من المثقفي