التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اقرؤوا الفاتحَة .. على "كسير" و"عوير" و"ابليس ما فيه خير" !


سارعتُ فور وصولي العَمل في اليوم التالي للمسيرَة إلى صالة الاستقبَال لأطالع تغطية الصحف التي "عشّمنا أنفسنا فيها" من كثرة الكاميرات التي كانت "تلبق" بأضوائها يميناً ويساراً حولنا في المسيرة ॥ همسَت لي صديقتي التي كانت بجانبي: هذي كاميرات الأمن ولا الجرايد؟ استنتاجاً منها أن أياً من أصحاب الكاميرات لم يقترب من المسيرة لأخذ تصريحات من المشاركين ولم نر أياً منهم يحمل مسجّله في الوقتِ الذي أشارت السيدة طيبة المعولي إلى رجلٍ لبس دشداشة بنيّة وحمل كاميرا فيديو ضخمة وجهها على المتظاهرين وجهاً وجهاً من بدءِ المسيرة لنهايتها قائلة: هذا كان سائق الأمن الذي أقلني من السجن أثناء فترة سجني ॥ وحده رجلٌ سوداني اقترب منّا معرفاً بأنه صحفي من الجزيرة ووحده من كان يحملُ مسجّلته ॥ وربّما كان هنالك صحفيان آخران سمعتُ أنهما حضرا لاحقاً ॥


أخذ المصورون من الصور "ترس جونيّة" فقلنا لتملأن صور المسيرة صحفنَا من أول صفحةً لآخرها و"ظننا في صحفنا الظنُونا" .. وحين وصولنا وجدنا في استقبالنا .. التلفزيون العُماني .. قلتُ لصديقتي: إما أنّ يوم القيامة اقترب ليغطي التلفزيون الوطني ، مسيرتنا "المتّهمة بالجحُود و الخروج عن الطاعة لوليّ الأمر" .. أو أنّ فألاً سيئاً في انتظارنا ..


روادتني تلك الهواجس لأني فتاة ٌ عشرينيّة .. فتحتُ عيني على تلفزيُون يطبّل في عالم وشعبهُ في عالمٍ ثانٍ .. وطوال سني حيَاتي لم أر يوماً خروجاً عن الصراط المستقيم في التلفزيون العماني ولو بانحرَافيّة "ربع درجَة" .. وأياً يكن فقد انتهت المسيرة وعادَ كلٌ منا إلى بيتهِ حاملاً أحلامه .. فاتتني نشرةُ أخبار العاشرة لذا قررتُ أن ألجأ في اليوم التالي للصحف .. ويا ليتني لم أستفتح يومي بتلك الفاتحة المشؤومة .. كانت أمامي جميع الصحف العمانيّة العربيّة والناطقة بالانجليزيّة وبدأت بتقليب الصحيفة تلو الأخرى .. بدأتُ بصحيفة: "كسِير" وهي جريدة يقال أنّها خاصّة إلا أنّي عرفتهَا حكوميّة أكثر من الصحف الحكوميّة نفسها ، وإذ بي أقرأ في مقدمة الجريدة مربّع صغيرون على اليمين: "قالت وكالة الأنباء العمانية أن عدداً من المواطنين نظموا أمس مسيرة شارك فيها نحو "300" مواطن رفعوا فيها شعارات ولافتات مؤيدة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ."


قلتُ إذا كان حال "كسير" هكذا فدعنيْ أرى صحيفة: "عوير" .. فقرأت التالي:


"نظم مئات من المواطنين معظمهم من الشباب أمام حي الوزارات بالخوير مساء أمس مسيرة سلمية رفعوا فيها لافتات مؤيدة مؤيدة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه- وتؤكد على حب الشعب لجلالة السلطان في شكل شعارات منها "الشعب يحب السلطان" و"يدا بيد مع السلطان ضد الفساد" و هتف المشاركون "كلنا فداك يا قابوس".


تحليتُ ببعض الصبر وقلتُ إذا كان حال كسير وعوير هكذا فلعلي أجدُ السلوى في صحيفة: "ابليس ما فيه خير": إلا أنّ الحال كان نفسه مع بعضِ التغيير فقد كانت صحيفة ابليس ما فيه خير أكرم قليلاً فوضعت عدد 600 شخص من المتظاهرين .. ووجدتُ أن الصحف الانجليزية لم تكن أحسن من حال الثلاثة فقد نقلت ترجمة حرفيّة مما نشر في الصحف العربيّة عن الوكالة العمانيّة رضي اللهُ عنها وأرضاها ..


وهكذا رفعتُ يدي لأقرأ الفاتحة على صحف كسير وعوير وابليس ما فيه خير ..


كتبتِ الصحف نفس الخبر "بالضبط" الذي نشرتهُ وكالة الأخبار غير العُمانيّة مع بعض الرتوش .. فتحوّل الألف والنصف "على أقلّ تقدير" الذين شاركوا في المسيرة تحوّلوا بقدرَة قادرٍ إلى 300 مواطن .. "أغلبهم من الشباب" كما ورد في الوكالة .. وتحوّلت مسيرة السخط على الفساد المستشري في جسد الدولة ومسيرة المطالبة بالحقوق إلى مسيرة ولاء وعرفان لا فارق بينها أبداً وبين المسيرات التي خرجت احتفالاً بالأربعين ..


وأجمعت صحف كسير وعوير وابليس ما فيه خير على صورة واحدة فقط لشعارين رفعهما المشاركون من حوالي 30 شعار رفعوه .. فقط : الشعب يحب السلطان ، الشعب يريد الاصلاح .. وشعار: يداً بيد مع السلطان لمحاربة الفساد


وبكامل الجهل عنون الخبر بـ "مسيرة مساندة للسلطان قابوس" .. وكان السؤال هنا: هل ثمة من عارض واستجوب السلطان قابوس في شيء .. حتى يخرج المشاركون لمساندته؟ هل ثمة من أخطأ في السلطان؟ ليخرج المشاركون لمساندته؟


رفع المشاركون في المسيرة هاتين اللافتتين بحسن النيّة دون أن يعرفوا أنهما ستستغلان شرّ استغلال من قبل صحافة كسير وعوير وابليس ما فيه خير ..


كنتُ والصديقة بدريّة العامري أول من رفعتا الشعار .. ولو درينا أنّ صحفنا ستستخدمهُ لأغراضها التدليسيّة لما رفعناها .. فليس أيٌ منا هنا في موضع تشكيك حول احترامنا لصاحب الجلالة وتقديرنا لما قدّمه ولسنا نبرر عبر هذه المسيرة وطنيتنا فنحنُ وطنيّون أكثر من أولئك المتملقين الذين يخرجون في كلّ محفل ليقبّلوا "مؤخرة الحكومة" ... ولا تنفي مطالبتنا بالاصلاحات والتغيير والقضاء على الفساد وتجديد دماء "الوزراء" أننا نحب الوطن ونكترث لهم أكثر من أبواق الحكومة ..


وليتَ هاتين اللافتتين لم تُرفعَا حتّى لا تجد الصحافة المحليّة "أبقاها اللهُ ذخراً لنا" بداً من أن تضع لافتة: "200ريال واجد عليكم" أو لافتة : "جامعة واحدة لا تكفي حتماً لا تكفي" أو : "مجلس الشورى .. شكلاً وصورة" أو : "لا للفساد لا للظلم" أو ليت كسير وعوير وابليس ما فيه خير امتلكت الشجَاعة و"استعنت" "وحسّت على نفسها" فوضعت شعار أحد المتظاهرين: "إعلام فااااااااشل" بمنطق إليك عني واسمعي يا جارة


ولم تفعل الصحف أكثر من "كوبي بيست" لما ورد في الوكالة وكأنّ صحفييها انشقت الأرض وبلعتهم ليحضروا لتغطية جموع المشاركين .. ولو أنّه كان احتفالاً بـ"كيكة طولها أربعين متر" أو احتفاليّة "بإعداد أكبر مرجل عيش في العالم" لكانت الصحف صدّرت دزينة صحفيين لتغطية الاحتفال..


لكنّ صحفنا الحكوميّة جميعاً .. لا أستثني منها كسير ولا عوير ولا ابليس ما فيه خير .. "انطمّ لسانها" فجأة وجفّ حبرها فلم تجد ما تنقلهُ سوى ما ورد في الوكالة سالفة الذكر مع بعض التعديلات البسيطة .. وعميت أعينها عن المطالب واللافتات التي صوّرنا بها "رجال الأمن بكاميراتهم وأجهزة فيديوَاتهم" أكثر مما فعل صحفيُو صحفنا الموقّرة ..


والسؤالُ كان ॥ هل لو أغفلت الوكالَة ذكر المسيرة تماماً هل كانت الصحف تجرأت ونشرت عنها أم أنها وجدت "أشيرَة خضراء صغنونة" من الأم الكبيرة المسمّاة الوكالة العمانيّة؟ لتسارع "البنَات" لتحذو حذوَ كلام المَاما ॥ وأياً يكن ॥ فقد تغيّر الوضع اليوم وأصبحت الأخبار "الحقيقيّة" تصلنا بنقرَة زر في الكيبُورد ॥ فلم نعد نعوّل مطلقاً على صحافةٍ بلا فائدَة سوى لاستخدام أمهاتنا أوراقها لرمي بقايا البصل والطماط ॥

حينَ قرأت ما أوردته الصحف أعلاه ضحكتُ بهستيريا متذكرةً تقليبي قنوات التلفزيون وأنا أقرأ عناوين القنوات الاخباريّة عن سقوط قرابة 35 قتيلاً بنار الشرطة الليبية في ليلَة واحدَة فقط .. وحينَ فتحت القناة الليبيّة الوطنيّة رأيت أغنية وطنيّة وصور فيديو لمجموعة أشخاص كتبَ تحتها: "مسيرات التحام المواطنين بالأخ الرئيس" ..


قرأت ما أوردتهُ الصحف فدخلتُ الانترنت لأجد صحيفة الزمن وحدها التي أنصفت المسيرة .. أو لنقل نقلت بحيَاديّة عنها .. وأنا حينها لم أفعل سوَى أن قررتُ أن أصلي صلاة الميت على كسير وعوير وابليس ما فيه خير .. كان المرحومُون في غيبُوبةٍ طويلة ٍ .. حتى الصحف الجديدة نسبياً منها قررت أن تتبنى غيبوبة السابقين بمبدأ أنتم السابقون ونحن اللاحقون .. وكنا عشمنا أنفسنا أن تصحوا منها ولو بعد حين فنحنُ اليوم جيل 2011 الذي شهد رياح التغيير وسقوط الحكومات ورآها بأم عينه وتابعها، قلنا ربّما انتقلت عدوى اليقظة لصحفنا.. لكننا اليوم فوجئنا رسمياً بإعلان وفاتها إثر صراعٍ طويلٍ على المرض .. ادعوا لها أيها القراء بحسن الخاتمة واقرؤوا عليها الفاتحَة .. وصلوا عليها صلاة الميّت ..


تعليقات

  1. أنتي رائعة جدا في كتاباتك .. وفق الله عقلك قبل قلمك ... وعسي الأمن ما يتعرضلك في الايام القليلة القادمة

    ردحذف
  2. بلادي وان جارت عليّ عزيزة.. !!
    من الهم مايضحك.. هههههههههههه بس والله غصبا عني :)

    ردحذف
  3. هذا ما هو متوقع ولكن في عصر تكنولوجيا المعلومات لم تصبح الجرايد هي الناقل الوحيد للخبر .. أتمنى أن تصبح جرائدنا غير مسيسه ومنفصلة تماما عن السلطة وأن تصبح سلطة في يد الشعب ..

    ردحذف
  4. ربما علينا أن نبحث عن بديلا لكسير وعوير أو أن نجد من يخفف الضغط عن "بليس مافيه خير".. ولكن الحقيقة هو أن كثرة المتملقين ممن يقبلون مؤخرة الحكومة هم من أوصلنا لهذه الدرجة..
    تربت يداك وكل ما نحتاجه أن نجد جيل يعي معنى الوطنية الحقة وحب السلطان الحب الحقيقي..

    ردحذف
  5. كان من المهم توحيد الهتافات والشعارات حتى لا يتسنى لكسير أو عوير وابليس ما فيه خير أن يستغل تضارب الشعارات وعدم وضوح الهدف لتسخر لخدمة أغراض معينة.

    جل الشعارات والمطالبات كانت لا ترضي الطموح الذي ينشده الكثير من الشعب فمعضمها كانت مطالبات وقتية وقد تكون لها مردودات سلبية او لم تكن واضحة أودقيقية. فمن الأحرى أن يطالب يطالب بتغييرات في النظام الاساسي وقانوني الشورى ومجلس الدولةووفقا لذلك تتشعب الحركات الاصلاحية في النظام .

    ردحذف
  6. الكاتب الحقيقي من لايكتب ع حسب رغبات النفس الاماره بالسوء.
    وانا امتلك العقل قبل العاطفه ف بلادنا الحبيبه لم نقصر معنا في شيئ ابدا والدليل يأخت عائشه انك قد درست في جامعه السلطان قابوس وليس ف جامعه انتي من شيدها وهذا دليل كرم بلدكي عليكي وقد حدتثي في حفل تخرجكي من جامعه السلطان قابوس مع خالد الزدجالي بان لديكي 9 اشقاء وجميعكم قد تخرجنم من جامعه السلطن قابوس وهذا يدل ان عليك شكر هذا الوطن.
    وقناه الجزيره لم يكنلها دور ف نقل نهضه عمان ولم تنقل عمان قبل النهضه واذا كان الوضع على ماهو عليه ف السابق لم اصبحتي الان ترددي الشعر وما اصبحي مهندسه.

    مع تحياتي

    ردحذف
  7. فعلا لم ينصفنا الإعلام قط ، ولكنك أنصفت عندما نقلت الحقيقة لشعبك وأوضحت الواقع المرير للناس ،و أدبت المسؤولين اللا مكترثين بأحوال شعبهم وعلمتيهم كيق يكون الوفاء . فشكرا جزيلا ..

    ردحذف
  8. كما قالها معاوية خلال المسيرة الخضراء 2 :
    الإعلام تفق برزه

    !!

    ردحذف
  9. سلمت يداك

    ردحذف
  10. من كان يؤمن أنه له وطن
    كان حري به أن يرفعه..

    ردحذف
  11. مشكلة العمانيون اللهم نفسي نفسي وكما قيل إذا سلمت ناقتي ما علي من رفاقتي
    كل واحد يفكر بنفسه فقط فلوا كنا عقل وقلب واحد لتغيرت ظروفنا للأفضل وفق الله كل ساعي للأصلاح .

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا تريدوا ملابس العيد، روحوا رقطوا (1)

5 قيم تعلمتُها من أميّ: غزالة بنت ناصر الكندية   عائشة السيفي صبيحَة يوم الأحد غسلتُ أمي وكفنتها مع أخواتي. جهزتُ لها لبسةً من حرير فأبلغتني المكفنةُ أن علي أن آتي بلبسة من قطن تخلو من الزركشة. اخترتُ لها أجمل ملابسها وبخرتُها كما كنت أبخر ملابسها لعشرات السنوات كل عيد. أذنتُ في أذنيها، وتأملت أصابعها المنفرجة وأنا أضع بينها الصندل. كانت كقطعة الحرير ببشرتها الصافية وكنت أحدثها: ما أجملك حيةً وما أجملك ميتة. كان مشهداً عظيماً لا أعرف كيف ألهمني الله لأعيشه. أعرفُ أنني كنت شاخصة العينين ولا أذكر أنني بكيت كثيرا.. كانت دموعي تنهمر بصمت إلى أن حملوها في الطارقة وتواروا عن الأنظار. لا أذكر كثيرا مما حدث بعدها فقد سقطتُ طريحة الفراش ليومين. ماتت أمي غزالة بنت ناصر الكندية بعد رحلة ثماني سنواتٍ ويزيد مع مرضٍ لعين اسمهُ ملتي سيستم أتروفي. ومنذ جرى تشخيصها، جُبنا بها أطباء العالم لعلنا نجدُ لها علاجاً فكانت النتيجة واحدة: إنه مرض نهايته الموت، الفارق فقط هو حتى متى سيعيش صاحبه. لسنواتٍ عاشت أمي وعشنا معها معاناةٍ مريرة لا يعلمها إلا الله ونحنُ نتأمل بعجزٍ شديد كيف كانت تنتقل من وهنٍ

عن كُورونا، وفقر اللقاح، والشّعب العُمانيّ القنوع: أسئلة غير قنُوعة إطلاقاً

  تحذير: إن كنت لا تحب لغة الأرقام فلا تقرأ هذا المقال   في نُوفمبر 2020، سألتُ مارجي فان جوخ، رئيسَة وحدة المواصلات واللوجيستيات في المنتدى الاقتصادي في دافوس عن استقرائها لشكلِ السباق العَالمي نحوَ اللقاح فأجابتني بأنّ حربَ اللقاحات قد بدأتْ بالفعل وأنّ كل دولة ستكونُ معنية بشعبها فحسب، وأنّ ثلاث عوَامل ستحددُ أسبقية الدول في الحصول على اللقاح، أولاً: ذكاء السياسيين في كلّ دولة وحنكتهم الدبلوماسية ستوضع تحتَ الامتحان الحقيقي لاختبار مِرَاسهم في التفاوض على أكبر عدد من الجرعات مستغلةً علاقاتها الدولية وشبكة معارفها للحصول على أكبر كمية بأسرع وقت ممكن، ثانياً: قدرة فرقهِم الاستراتيجيّة على استقراء مستقبل إنتاج اللقاح وأيٍ من شركات إنتاج اللقاح ستنتجُ أولاً وبفعالية تحصين أكبر وثالثاً: قدرتها المالية التي ستحدد مقدرتها على المخاطرة بشراء لقاحات لم تعتمد بعد بناءً على استقرائها للمستقبل، (إنّها مقامرَة عليهم اتخاذها وإلا فالنتائج وخيمة). معربةً عن قلقها من أنّ المرحلة القادمة ستفتقد المساواة في توزيع اللقاح. (عائشة، إنهم يجوبون العالم -بينمَا نتحدّثُ- بملايين من الكاش لحجز اللق

اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1)

ملاحظَة للقارئ قبلَ الشّروعِ في القرَاءَة: عائشَة حياتهَا. . صفحة بيضَاء جداً ! أشاركُ قليلاً من بيَاضها إيَّاك وأودعُ الباقيْ لهَا ولمن تحبّ .. إذا كنتَ تحملُ مسبقاً أيةَّ "مخلّفات داخليَّة سوداء" فالرجَاء عدم القرَاءة حولَ عائشَة: عائشَة .. قد تكُون أنا أو قد تكُونُ أنتَ .. وليس بالضرُورَة أن تكُونَ من تقرأ لها الآنَ في هذهِ المدوّنة قد يتضمّنُ أدناهُ حكَاياتِي أنا .. وقد يكُون خليطاً من حكاياتِ صديقاتٍ أخريَات .. أجمعها في حياةٍ واحدَة حافلة تستحقُ أن يمتلكَ صاحبها حلماً جميلاً عائشَة التيْ أحكي عنها هنَا.. كائنٌ يحلمُ بحياةٍ جميلة رغمَ يقينها أنّ الحياة لن تكونَ ذلك بالضرُورة .. وهي فتاة ٌ بسيطَة جداً .. يحكيْ بعضهُم .. أنّها لا تزالُ طفلة ً ترفضُ أن تكبر .. ويقولونَ أنّها تحوَّلتْ إلى زوجةٍ عاديةٍ غارقةٍ في تفاصيلِ حياتهَا اليوميَّة بعد زواجها .. يقولُ بعضهمْ أن عائشَة لم تعُد تهتمّ كثيراً بمن حولهَا .. وأنّها تحوَّلتْ -كآلافِ البشر حولنا- إلى كائنٍ غير معنيّ بالضرورة بجدالاتنا الثقافيَّة اليوميَّة المملة .. التيْ قد أثيرها أنا أو أنتَ أو عبيد أو جوخة أو علياء من المثقفي