التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الشُوكولا لم تنضُج بَعد !

عائشَة السيفيّ



تغادرُ سَريعَاً . . كيفَ فعَلتهَا والشُوكولا لمْ تنضُجْ بجسدِي بَعد؟


هل أغرَتكَ رائحة أخرى غير رائحة الرمل الذي دفّأتكَ بِه ذات بَرْد

الرّملُ ليسَ بذلكَ السُوءِ كمَا تتصوّر. .

نعَم ليسَ كرملِ الجنّة لكنهُ كذلكَ ليسَ سيئاً بالنسبَة لحَبيبينِ ، يلتحِف قلبَاهمَا أرصفَة مسقَط كلّما تدلّى شتاءُ مسقط!


كأنني لمْ أحبّ قبْلَك . .

والكمنجاتُ لم تشِ إلى قلبيْ سوَى باسمِك

وكأنّ "أحبك" لمْ تخرُج منّي كمَا خرَج ريقُها منْ فمِي هذهِ المرّة


لا تزَالُ حموضَتهَا تخزُ لسَاني . . وَلا تزالُ رَعشتِي طَازَجة تمَاماً !


أغرَتكَ رَائحَة الصّحرَاء؟

تباً !


كيفَ للأمِ الصّحراءِ أنْ تفرّق بينَ حَبيبين !


هلْ أصَابتهَا أنانيّة شمسِها؟


الصّحرَاء أمّ . . لمْ أعتدَها قاسِية هكَذَا


وَكيفَ لهَا أنْ تخُوننيْ وَهي رَفيقتِي فيْ القصِيدَة

وَأنَا السّريرُ الذيْ يلمّ تشرّدها كلمَا دفعتْ بها القصِيدَة إلى سككِ المتسولِين؟


كيفَ تتركنيْ لليل .. وأنا واللّيل منذُ ولدتُ في خصَومَة


وكيفَ تحملنيْ على الرّقص ليلاً على غنَاء "الجسميْ" إلى "ستّة الصبح" !


سَوفَ تعرفُ يوماً كمْ تخبئ ضَفائري منْ أحلامِ مرَاهقَات . .

لم ينلْ منهَا مِقصّ الغيَاب


ستهويْ – من غيرِ قصدٍ - إلى الغيَابِ كمَا هوَتْ تفّاحة نيوتِن إلى مَاخُور الجَاذبيّة


وَحينهَا لنْ يكونَ أمَامنا إلا جسَدانا والرّمل.


تغادِرُ سريعَا . . منْ سيقطِفُ الشوكولا منْ أشجَارِها؟


وَهلْ ستترُكُ للعفَنِ طَريقَه إليهَا؟


وقلبْي؟

منْ يحميهِ منْ عفنِ الوَحدَة؟

قلبيْ ضيقٌ جداً على وحدَة عَاشقَة

وَاسعٌ فقط ليدِكَ وهيَ تتحسّسُه "يدبكُ" على صَوتِك !


غداً تنامُ مسقَط وليسَ ثمّة سَرير يوسّد رأسَك ليسَ سوَى نجْمَة خرسَاء وَليل أعمَى


وهواءٍ مخمورٍ مترنّح


لوْ أنّ يديْ تجيدُ الطيرَان لفعلتْ إليكَ . .

لفعلتْ ؛ كيْ تصِيرَ وسَادتكَ وَالصّحرَاء تلقمكَ سريرَاً منَ الرّمل


هلْ لا زلتَ تنامُ بعينين نِصف مُغمَضتَين . .


يسيلُ البياضُ من إحداهمَا ويخرّ البحرُ من الأخرَى؟


وكم مَرة ً سوفَ تقرّر ألا تنامَ على جانبكَ الأيسَر !


وكمْ مرَة ستعتَكِفُ علىْ نفسِكَ نائِمَاً كجَنِين؟


وأيّ رَحِمٍ سيَحتمِلُ تعَبَ قلبِك !

هذهِ الصّحراء لو أنهَا فقط ولمرةٍ واحدةٍ تتقلّص وتجيئني بِكَ . .


وَهذا الصيفُ المسقطيُ بشمسهِ المتعجرِفة يأبَى أن يتيحَ ليْ البحثَ عن حلولٍ أحتَال فيهَا على الجُغرافيَا !

يا إلهِي

كيف فقدتُ طفولتي وأغرَقتها فيْ البحرِ وهو يزَمجِر على كورنِيش القُرم


وكيفَ استحلتُ أنثى تولوِلُ غيَابِ حبيبهَا !

كيفَ لأمومَة مَسقَط أنْ تمنحَ نافذَة ً لحزنِ البحرِ كيْ يتسلَّل إلى قَلبِي


أنا التِي قبلَ عامٍ كنتُ عصيّة ً على البَحرِ . . وَالحُزن . .


ولمْ يفقِد قلبِي حِشمَتهُ إلا أمَام المُوسيقَا كيْ يهبّ راقصاً !

الريحُ وحدَها منْ وَشتْ بالسرِّ ومنحَت هذا الحَبيبَ ، قلبِيَ العاري سوَى مِنهُ

أنتَ تغادِر إذن . . فكيفَ يبدأ قلبي صَومَه والهِلال لمْ يأذَن بعْدُ . .


كيفَ يبدؤه حين يتذكّر أنّ الهِلالَ أغرَق نفسهُ في بَحرِ مسقَط حينَ لمْ يجِد سمَاءً يَعْلَقُ بها


وعَلى مَاذا سَيُفطِرُ قلبي وَموسِم الشُوكولا لم يبدَأ بعدُ !

تعليقات

  1. تفوق الوصف...أسكرتك خمر الاربعاء

    ردحذف
  2. تهت في جماليات الكلمه

    صدق خفق القلب بكل حرف اتابعه في هذه المدونة

    أستاذتي

    موسم الشوكولاه . .. قد بدأ بحروفك

    دمتي بود

    ردحذف
  3. ربما سنحت الفرصة
    لذلك ساظل اتابع




    قريب منك

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا تريدوا ملابس العيد، روحوا رقطوا (1)

5 قيم تعلمتُها من أميّ: غزالة بنت ناصر الكندية   عائشة السيفي صبيحَة يوم الأحد غسلتُ أمي وكفنتها مع أخواتي. جهزتُ لها لبسةً من حرير فأبلغتني المكفنةُ أن علي أن آتي بلبسة من قطن تخلو من الزركشة. اخترتُ لها أجمل ملابسها وبخرتُها كما كنت أبخر ملابسها لعشرات السنوات كل عيد. أذنتُ في أذنيها، وتأملت أصابعها المنفرجة وأنا أضع بينها الصندل. كانت كقطعة الحرير ببشرتها الصافية وكنت أحدثها: ما أجملك حيةً وما أجملك ميتة. كان مشهداً عظيماً لا أعرف كيف ألهمني الله لأعيشه. أعرفُ أنني كنت شاخصة العينين ولا أذكر أنني بكيت كثيرا.. كانت دموعي تنهمر بصمت إلى أن حملوها في الطارقة وتواروا عن الأنظار. لا أذكر كثيرا مما حدث بعدها فقد سقطتُ طريحة الفراش ليومين. ماتت أمي غزالة بنت ناصر الكندية بعد رحلة ثماني سنواتٍ ويزيد مع مرضٍ لعين اسمهُ ملتي سيستم أتروفي. ومنذ جرى تشخيصها، جُبنا بها أطباء العالم لعلنا نجدُ لها علاجاً فكانت النتيجة واحدة: إنه مرض نهايته الموت، الفارق فقط هو حتى متى سيعيش صاحبه. لسنواتٍ عاشت أمي وعشنا معها معاناةٍ مريرة لا يعلمها إلا الله ونحنُ نتأمل بعجزٍ شديد كيف كانت تنتقل من وهنٍ

اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1)

ملاحظَة للقارئ قبلَ الشّروعِ في القرَاءَة: عائشَة حياتهَا. . صفحة بيضَاء جداً ! أشاركُ قليلاً من بيَاضها إيَّاك وأودعُ الباقيْ لهَا ولمن تحبّ .. إذا كنتَ تحملُ مسبقاً أيةَّ "مخلّفات داخليَّة سوداء" فالرجَاء عدم القرَاءة حولَ عائشَة: عائشَة .. قد تكُون أنا أو قد تكُونُ أنتَ .. وليس بالضرُورَة أن تكُونَ من تقرأ لها الآنَ في هذهِ المدوّنة قد يتضمّنُ أدناهُ حكَاياتِي أنا .. وقد يكُون خليطاً من حكاياتِ صديقاتٍ أخريَات .. أجمعها في حياةٍ واحدَة حافلة تستحقُ أن يمتلكَ صاحبها حلماً جميلاً عائشَة التيْ أحكي عنها هنَا.. كائنٌ يحلمُ بحياةٍ جميلة رغمَ يقينها أنّ الحياة لن تكونَ ذلك بالضرُورة .. وهي فتاة ٌ بسيطَة جداً .. يحكيْ بعضهُم .. أنّها لا تزالُ طفلة ً ترفضُ أن تكبر .. ويقولونَ أنّها تحوَّلتْ إلى زوجةٍ عاديةٍ غارقةٍ في تفاصيلِ حياتهَا اليوميَّة بعد زواجها .. يقولُ بعضهمْ أن عائشَة لم تعُد تهتمّ كثيراً بمن حولهَا .. وأنّها تحوَّلتْ -كآلافِ البشر حولنا- إلى كائنٍ غير معنيّ بالضرورة بجدالاتنا الثقافيَّة اليوميَّة المملة .. التيْ قد أثيرها أنا أو أنتَ أو عبيد أو جوخة أو علياء من المثقفي

عن كُورونا، وفقر اللقاح، والشّعب العُمانيّ القنوع: أسئلة غير قنُوعة إطلاقاً

  تحذير: إن كنت لا تحب لغة الأرقام فلا تقرأ هذا المقال   في نُوفمبر 2020، سألتُ مارجي فان جوخ، رئيسَة وحدة المواصلات واللوجيستيات في المنتدى الاقتصادي في دافوس عن استقرائها لشكلِ السباق العَالمي نحوَ اللقاح فأجابتني بأنّ حربَ اللقاحات قد بدأتْ بالفعل وأنّ كل دولة ستكونُ معنية بشعبها فحسب، وأنّ ثلاث عوَامل ستحددُ أسبقية الدول في الحصول على اللقاح، أولاً: ذكاء السياسيين في كلّ دولة وحنكتهم الدبلوماسية ستوضع تحتَ الامتحان الحقيقي لاختبار مِرَاسهم في التفاوض على أكبر عدد من الجرعات مستغلةً علاقاتها الدولية وشبكة معارفها للحصول على أكبر كمية بأسرع وقت ممكن، ثانياً: قدرة فرقهِم الاستراتيجيّة على استقراء مستقبل إنتاج اللقاح وأيٍ من شركات إنتاج اللقاح ستنتجُ أولاً وبفعالية تحصين أكبر وثالثاً: قدرتها المالية التي ستحدد مقدرتها على المخاطرة بشراء لقاحات لم تعتمد بعد بناءً على استقرائها للمستقبل، (إنّها مقامرَة عليهم اتخاذها وإلا فالنتائج وخيمة). معربةً عن قلقها من أنّ المرحلة القادمة ستفتقد المساواة في توزيع اللقاح. (عائشة، إنهم يجوبون العالم -بينمَا نتحدّثُ- بملايين من الكاش لحجز اللق