التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ما هوَ الإيمــَان؟

أصدقَائي . .
أحبّ حينَ أقرأ القرآن . . أن أمسكَ المصحفَ وأفتحهُ عشوائياً ! وأرى أيّ صفحةً ستفتحُ عليَّ . .
اليَومَ فتحتهُ وكانتْ أوّل آيةٍ تقعُ عينايَ عليهَا . .
(آمنَ الرّسولُ بما أنزِلَ إليهِ من ربِّهِ والمؤمنُونَ كلٌ آمنَ باللهِ وملائكتهِ وكتبهِ ورسلهِ ، لا نفرِّقُ بينَ أحدٍ من رسُلهِ ، وقالُوا سمعنَا وأطعنَا غفرَانكَ ربّنا وإليكَ المصِير) ، البقرَة.
.
.
منذُ قرأتها ولهذهِ اللحظَة أفكِّرُ في ماهية الإيمان؟
يعرفُ أجمعكُم أركَان الإيمَان التيْ بسطَ الله من خلالها الأسس الحقيقيَّة التيْ ينطلقُ منهَا المسلمُ . .
ما هوَ الإيمَان؟
هذا السؤالُ قديمٌ جداً قدمَ الرسالة المحمّدية فمحمّد عليهِ الصلاةُ والسّلام أجابَ حينَ سئلَ : ما هوَ الإيمان؟
" أن تؤمنَ باللهِ وملائكتهِ وكتبهِ ورسلهِ واليَوم الآخر والقدرِ خيرهِ وشرّه "
وتركَ المساحَة مفتوحةً ليجتهدَ كلٌ منا في معرفَة عمقِ كلّ ركنٍ من الأركان التي ذكرَها !
لمْ يحتكر الإسلامُ الإيمَانَ في شعائرَ معيّنة ، في ملبسٍ معين ، في فكرَة معيّنة وإنما وضعَ الأطر الرئيسة التيْ من خلالها يقولُ للمسلم: تستطيعُ أن تؤمنَ وفقَ الأطر هذهِ . .
وأعتقدُ أنّ هذا من رحمَة الله بالبشر . . لأنّ احتكار إيمان الانسان في تفاصيل دقيقَة جداً سيليغيْ جانبَ الاجتهادِ الشخصيّ لديهِ في صياغةِ حياتهِ وفقَ ما يراهُ شخصياً حولَ ماهيَة الإيمان لديهِ . . وتفسيره . .
كمَا أنّ تقنينَ الإيمان في تفاصيل صغيرَة جداً سيجعلُ كلاً منّا يكفّر الآخر لخروجهِ عن أيّ تفصيل صغير من مظاهر تطبيق الإيمان الذي سنّه الله وأوضحهُ نبيّه محمّد
أتذكّرُ الآنَ قولَ مفكّرٍ غربيّ سمعتهُ أثناء ركوبي السيّارة في شريطٍ مسجّلٍ لهُ يقولُ فيهِ : أنّ من نقصِ الدياناتِ السماويّة أنّها تقولُ لأتباعها: آمنوا ، الإيمان مهمّ ، الإيمان أساس الحيَاة . . لكنّ أياً منها لم يوضحْ ما هوَ الإيمان؟
أخطَأ . .
وأنا أرَى أنّ من أجمَلِ ما في دينيْ أنّه قالَ ليْ : آمنيْ يا عائشَة ، بالله وملائكتهِ وكتبهِ ورسلهِ واليَوم الآخر والقدر خيرهِ شرّه . . ثمّ قالَ ليْ: ولكِ أنتِ المساحةُ في أن تعرفيْ كيف تؤمني بهذهِ الأركان !
لقدْ منحنيْ الإسلامُ المفتاحَ وقال ليْ : هذا بابٌ مغلقٌ ، افتحيهِ وانظريْ ما خلفهُ !
منحنَا نصفَ الإجابة . . وقالَ لنا لتكملُوا أنتُم "بإيمانيّاتكم" نصفهَا الآخر . .

تعليقات

  1. بالنسبه لي أعجبتني فكرة المصاحف التي لها هامش لتفسير المفردات وهامش آخر لأسباب النزول فهي تمنح القارئ فرصة لتعمق أكثر في فهم آيات القرآن الكريم .
    بالنسبه لما بعد فتح باب الإيمان فهو بالفعل يعتمد على إجتهاد كل شخص في التأمل ومحاولته للوصول لحقائق الأشياء وبإعتقادي بأن كل شخص يستطيع أن يصل إلى الإيمان وإن كان إعرابيا ؟!
    أتذكرون قصة الإعرابي الذي قال أرى روث البعير على الطريق فأعرف بأن بعيرا مشى من هنا وأرى كونا فسيحا فأعلم بأن له خالق قد أتم خلقه .
    دمت بخير ودام إيماننا جميعا بخير

    ردحذف
  2. مقال جميل "عائشة" ولكن الله حينما قال "ولكِ أنتِ المساحةُ في أن تعرفيْ كيف تؤمني بهذهِ الأركان"، وضع اطار محدد يجب أن لا نتجاوزهً، ولم يترك الباب مفتوح على "مصرعيه" كما يقال.

    مقال جميل جداًورائع .

    أبو أديب

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا تريدوا ملابس العيد، روحوا رقطوا (1)

5 قيم تعلمتُها من أميّ: غزالة بنت ناصر الكندية   عائشة السيفي صبيحَة يوم الأحد غسلتُ أمي وكفنتها مع أخواتي. جهزتُ لها لبسةً من حرير فأبلغتني المكفنةُ أن علي أن آتي بلبسة من قطن تخلو من الزركشة. اخترتُ لها أجمل ملابسها وبخرتُها كما كنت أبخر ملابسها لعشرات السنوات كل عيد. أذنتُ في أذنيها، وتأملت أصابعها المنفرجة وأنا أضع بينها الصندل. كانت كقطعة الحرير ببشرتها الصافية وكنت أحدثها: ما أجملك حيةً وما أجملك ميتة. كان مشهداً عظيماً لا أعرف كيف ألهمني الله لأعيشه. أعرفُ أنني كنت شاخصة العينين ولا أذكر أنني بكيت كثيرا.. كانت دموعي تنهمر بصمت إلى أن حملوها في الطارقة وتواروا عن الأنظار. لا أذكر كثيرا مما حدث بعدها فقد سقطتُ طريحة الفراش ليومين. ماتت أمي غزالة بنت ناصر الكندية بعد رحلة ثماني سنواتٍ ويزيد مع مرضٍ لعين اسمهُ ملتي سيستم أتروفي. ومنذ جرى تشخيصها، جُبنا بها أطباء العالم لعلنا نجدُ لها علاجاً فكانت النتيجة واحدة: إنه مرض نهايته الموت، الفارق فقط هو حتى متى سيعيش صاحبه. لسنواتٍ عاشت أمي وعشنا معها معاناةٍ مريرة لا يعلمها إلا الله ونحنُ نتأمل بعجزٍ شديد كيف كانت تنتقل من وهنٍ

عن كُورونا، وفقر اللقاح، والشّعب العُمانيّ القنوع: أسئلة غير قنُوعة إطلاقاً

  تحذير: إن كنت لا تحب لغة الأرقام فلا تقرأ هذا المقال   في نُوفمبر 2020، سألتُ مارجي فان جوخ، رئيسَة وحدة المواصلات واللوجيستيات في المنتدى الاقتصادي في دافوس عن استقرائها لشكلِ السباق العَالمي نحوَ اللقاح فأجابتني بأنّ حربَ اللقاحات قد بدأتْ بالفعل وأنّ كل دولة ستكونُ معنية بشعبها فحسب، وأنّ ثلاث عوَامل ستحددُ أسبقية الدول في الحصول على اللقاح، أولاً: ذكاء السياسيين في كلّ دولة وحنكتهم الدبلوماسية ستوضع تحتَ الامتحان الحقيقي لاختبار مِرَاسهم في التفاوض على أكبر عدد من الجرعات مستغلةً علاقاتها الدولية وشبكة معارفها للحصول على أكبر كمية بأسرع وقت ممكن، ثانياً: قدرة فرقهِم الاستراتيجيّة على استقراء مستقبل إنتاج اللقاح وأيٍ من شركات إنتاج اللقاح ستنتجُ أولاً وبفعالية تحصين أكبر وثالثاً: قدرتها المالية التي ستحدد مقدرتها على المخاطرة بشراء لقاحات لم تعتمد بعد بناءً على استقرائها للمستقبل، (إنّها مقامرَة عليهم اتخاذها وإلا فالنتائج وخيمة). معربةً عن قلقها من أنّ المرحلة القادمة ستفتقد المساواة في توزيع اللقاح. (عائشة، إنهم يجوبون العالم -بينمَا نتحدّثُ- بملايين من الكاش لحجز اللق

اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1)

ملاحظَة للقارئ قبلَ الشّروعِ في القرَاءَة: عائشَة حياتهَا. . صفحة بيضَاء جداً ! أشاركُ قليلاً من بيَاضها إيَّاك وأودعُ الباقيْ لهَا ولمن تحبّ .. إذا كنتَ تحملُ مسبقاً أيةَّ "مخلّفات داخليَّة سوداء" فالرجَاء عدم القرَاءة حولَ عائشَة: عائشَة .. قد تكُون أنا أو قد تكُونُ أنتَ .. وليس بالضرُورَة أن تكُونَ من تقرأ لها الآنَ في هذهِ المدوّنة قد يتضمّنُ أدناهُ حكَاياتِي أنا .. وقد يكُون خليطاً من حكاياتِ صديقاتٍ أخريَات .. أجمعها في حياةٍ واحدَة حافلة تستحقُ أن يمتلكَ صاحبها حلماً جميلاً عائشَة التيْ أحكي عنها هنَا.. كائنٌ يحلمُ بحياةٍ جميلة رغمَ يقينها أنّ الحياة لن تكونَ ذلك بالضرُورة .. وهي فتاة ٌ بسيطَة جداً .. يحكيْ بعضهُم .. أنّها لا تزالُ طفلة ً ترفضُ أن تكبر .. ويقولونَ أنّها تحوَّلتْ إلى زوجةٍ عاديةٍ غارقةٍ في تفاصيلِ حياتهَا اليوميَّة بعد زواجها .. يقولُ بعضهمْ أن عائشَة لم تعُد تهتمّ كثيراً بمن حولهَا .. وأنّها تحوَّلتْ -كآلافِ البشر حولنا- إلى كائنٍ غير معنيّ بالضرورة بجدالاتنا الثقافيَّة اليوميَّة المملة .. التيْ قد أثيرها أنا أو أنتَ أو عبيد أو جوخة أو علياء من المثقفي