التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إنّه عصركَ الذهبيّ أيّها التملّق !

يحكيْ ابنُ سعد في طبقَاتهِ عن سعِيد بن المسيّب وهو من أشهَر التابعِين وأوسع أهل زمانهِ تفقهاً في الدين . . يحكيْ أنّ سعيد بن المسيّب حجّ عاماً في مكّة ووافقَ ذاكَ العام حجّ الخليفة آنذاكَ الوليد بن عبدالملك . .

ويحكيْ ابنُ سعد في واقعةٍ وردَت كذلك في كتاب محمّد مرسي "عظماء الإسلام" أنّ الخليفة بعثَ رجالهُ إلى سعيد بن المسيّب طالباً أن يلتقيهِ . .

وفيمَا كان سعيد بن المسيّب في الحرم إذ جاءَه جند الخليفة يطلبونهُ قائلين: أنّ خليفة المسلمين يطلبكَ . . وببرودٍ شديدٍ ردّ سعيد بن المسيّب: ماليْ والوليد بن عبدالملك؟ لا حاجَة لي بخليفتكُم !إنّما جئتُ قاصداً بيتَ الله وما أنا بقاصدٍ بلاطَ أحَد !

ولعلّ أشهَر مواقف سعيد بن المسيّب في ذلك هوَ ردّه لطلب عبدالملك بن مروان الزواج بابنتهِ وتفضيل سعِيد تزويجها لرجلٍ فقيرٍ من البصرة بمهرٍ قدرهُ درهمَان !

كانَ هذا قبلَ ألفٍ وثلاثمَائة عام! يا ترَى لو أنّ هذا السيناريُو تكرّر بعد ألفٍ وثلاثمائةِ عامٍ من حادثَة سعيد بن المسيّب يا ترَى كيفَ ستكون ردّة فعلنا؟

لو طلبنا مسؤولٌ في الحكومة .. مدير دائرة أو والٍ أو وكيل وزارة أو وزير أو حتّى حاكِم !

لظلّ الواحدُ منّا أسبوعاً لا يأتيهِ النّوم فرحاً وابتهاجاً ! ولأعدّ القصائد والمديحَ والمعلّقات ليلقيها أمام صاحبِ اللقب !

ألفٌ وثلاثمائة عام ! إلى أيّ هاويةٍ يقودنَا التملّق؟ وكم من المنافقينَ المتملقِين المستلقينَ مسَاحي "الأحذية" صدّرتهم إلينا هذهِ الألف والثلاثمائة عام !

تعليقات

  1. كم ؟!
    الويل لهم لا قدرة لنا على تعداد أسمائهم ال......
    آه ( كم هم كثر )؟!؟!؟
    إلى الأمام عزيزيتي
    كوني بخير
    مريم

    ردحذف
  2. ماشاء الله مدونه رائعه
    وانتقائك للمفيد كان أجمل

    ردحذف
  3. هل يعقل من تلك الاودية تخرج امرأة تقول ما لم يقله الرجال ! العالم في حالة سقوط ابجدي ولكنه الان في احرفه الاخيرة، كنت اتجول بين الصحف الامريكية والبريطانية والاسرائيلية والعربية ، واستوقفني مقالك كثيرا لانه الاروع من حيث المعنى فقط !

    ردحذف
  4. السلام عليكم
    على رايك والله الكلام ده لو موجود الايام دى كانت بقت مشكله وبعدين مين دلوقتى بيدور على الكلام ده دا الواحده لو اتقدملها حد كم دول بتبقى ملكت النجوم ولمست السما بايديها بدون تفكير فى دينه او اخلاقه


    دمت بخير

    ردحذف
  5. من مزعل عائشة :)

    ردحذف
  6. اما ترين انها اضحت تجارة رائجة اليوم؟؟
    حتى انا اضحيت اتدرب عليها لانها طريق العيش في هذه الغابة

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن كُورونا، وفقر اللقاح، والشّعب العُمانيّ القنوع: أسئلة غير قنُوعة إطلاقاً

  تحذير: إن كنت لا تحب لغة الأرقام فلا تقرأ هذا المقال   في نُوفمبر 2020، سألتُ مارجي فان جوخ، رئيسَة وحدة المواصلات واللوجيستيات في المنتدى الاقتصادي في دافوس عن استقرائها لشكلِ السباق العَالمي نحوَ اللقاح فأجابتني بأنّ حربَ اللقاحات قد بدأتْ بالفعل وأنّ كل دولة ستكونُ معنية بشعبها فحسب، وأنّ ثلاث عوَامل ستحددُ أسبقية الدول في الحصول على اللقاح، أولاً: ذكاء السياسيين في كلّ دولة وحنكتهم الدبلوماسية ستوضع تحتَ الامتحان الحقيقي لاختبار مِرَاسهم في التفاوض على أكبر عدد من الجرعات مستغلةً علاقاتها الدولية وشبكة معارفها للحصول على أكبر كمية بأسرع وقت ممكن، ثانياً: قدرة فرقهِم الاستراتيجيّة على استقراء مستقبل إنتاج اللقاح وأيٍ من شركات إنتاج اللقاح ستنتجُ أولاً وبفعالية تحصين أكبر وثالثاً: قدرتها المالية التي ستحدد مقدرتها على المخاطرة بشراء لقاحات لم تعتمد بعد بناءً على استقرائها للمستقبل، (إنّها مقامرَة عليهم اتخاذها وإلا فالنتائج وخيمة). معربةً عن قلقها من أنّ المرحلة القادمة ستفتقد المساواة في توزيع اللقاح. (عائشة، إنهم يجوبون العالم -بينمَا نتحدّثُ- بملايين من الكاش لحجز اللق

اسميْ عائشَة . . وهذهِ حكايتيْ ! (1)

ملاحظَة للقارئ قبلَ الشّروعِ في القرَاءَة: عائشَة حياتهَا. . صفحة بيضَاء جداً ! أشاركُ قليلاً من بيَاضها إيَّاك وأودعُ الباقيْ لهَا ولمن تحبّ .. إذا كنتَ تحملُ مسبقاً أيةَّ "مخلّفات داخليَّة سوداء" فالرجَاء عدم القرَاءة حولَ عائشَة: عائشَة .. قد تكُون أنا أو قد تكُونُ أنتَ .. وليس بالضرُورَة أن تكُونَ من تقرأ لها الآنَ في هذهِ المدوّنة قد يتضمّنُ أدناهُ حكَاياتِي أنا .. وقد يكُون خليطاً من حكاياتِ صديقاتٍ أخريَات .. أجمعها في حياةٍ واحدَة حافلة تستحقُ أن يمتلكَ صاحبها حلماً جميلاً عائشَة التيْ أحكي عنها هنَا.. كائنٌ يحلمُ بحياةٍ جميلة رغمَ يقينها أنّ الحياة لن تكونَ ذلك بالضرُورة .. وهي فتاة ٌ بسيطَة جداً .. يحكيْ بعضهُم .. أنّها لا تزالُ طفلة ً ترفضُ أن تكبر .. ويقولونَ أنّها تحوَّلتْ إلى زوجةٍ عاديةٍ غارقةٍ في تفاصيلِ حياتهَا اليوميَّة بعد زواجها .. يقولُ بعضهمْ أن عائشَة لم تعُد تهتمّ كثيراً بمن حولهَا .. وأنّها تحوَّلتْ -كآلافِ البشر حولنا- إلى كائنٍ غير معنيّ بالضرورة بجدالاتنا الثقافيَّة اليوميَّة المملة .. التيْ قد أثيرها أنا أو أنتَ أو عبيد أو جوخة أو علياء من المثقفي

قلْ لي أنت تعمل في الديوَان.. أقل لك كم جنَيت؟!

جارنَا أبو أحمَد .. الذي أخبرتكُم عنهُ ذات مرَّة .. الرّجل الصادق الصدوق الذي نذرَ نفسهُ ومالهُ في خدمَة الناس .. كانَ كلّما أخرج صدقة ً أو زكاة ً للناس .. جاءهُ أناسٌ أثرياء آخرون يطالبُون بنصيبهم من الزّكاة .. وذلك لقولهم أنّ أبا أحمد يوزّع معونات يصرفها الديوان لهؤلاء الفقراء .. يأتون طارقين الباب مطالبين بحقّهم قائلين: نريد نصيبنا من فلوس الديوان .. ورغم أنّ أبا أحمَد لم يتلقَ في حياتهِ فلساً لا من ديوَان السلطان ولا ديوَان هارون الرشيد .. إذ بنى نفسه بنفسه .. فامتهنّ كل المهن البسيطة التي لا تخطر على البال .. بدأ عصامياً وانتهى .. لا أقول ثرياً وإنما ميسور الحال .. أذكرُ أنّ امرأةً أعرفها وهي من قبيلة البوسعيد .. وهي من العوائل التي تستلم نهاية الشّهر راتباً شهرياً بثلاثَة أصفار لا لشيءٍ سوَى أنها تقرب لفلان العلانيّ الذي يشغل منصب مدير دائرة الصحون والملاعق في الديوان الفلاني أو البلاط العلاني وهي أيضاً "تصير ابنة عم ولد زوجة خال الوزير الفلاني" ذهبت تشتكي مرةً من أنّ أبا أحمد لابد أنه يتلقى مبالغ أكثر منها من الديوان فلا هو ابن سفير ولا ابن أخت زوجة الوزير ولا هو من أص